في 2012، كان نائب الرئيس الأمريكي “حينها” جو بايدن يستقبل الرئيس اليمني المنتخب حديثًا عبد ربه منصور هادي في البيت الأبيض.
أشاد بايدن بـ “الانتقال التاريخي والسلطة في اليمن” وإقرار اليمنيين لخارطة طريق نحو الديمقراطية والمساءلة.
وزير الخارجية اليمني أحمد عوض بن مبارك يقول إن الوفد اليمني رأى في بايدن الطموح، وأدرك أنه يملك “شريكًا أمريكيًا”.
من ضد من؟! دليلك المبسط لفهم تعقيدات الصراع في اليمن | س/ج في دقائق
سيدخل اليمن مرحلة حوار وطني يشمل الأحزاب وممثلي القبائل والمناطق والعمال والنساء والشباب. سيصوغ دستورًا، ويبدأ التخطيط لانتخابات جديدة.
لكن “الانتقال التاريخي للسلطة” الذي تمناه “بايدن الطموح” سينهار في 2014، عندما تستولي فصائل الحوثيين المسلحة المدعومة من إيران على السلطة، ويغرق اليمن في حرب أهلية ستمتد نيرانها إلى دول الجوار وبينها السعودية، بالتنسيق مع أطراف تصنفها الولايات المتحدة كتنظيمات إرهابية، وبينها الحرس الثوري وحزب الله.
ردا على ذلك، ستقود السعودية بمساعدة أمريكية تحالفًا لدعم حكومة اليمن المعترف بها دوليًا. لكن الكثير من اهتمام الكونجرس – لا سيما بين الديمقراط – لن ينصب على الحوثيين، بل على التحالف الساعي لفرض قرارات الأمم المتحدة بتمكين الحكومة اليمنية الشرعية.
سيحاول الديمقراط وبعض الجمهوريين المنعزلين عن توجه حزبهم تعطيل الحملة التي تقودها السعودية، لكنهم سيفشلون في إجبار إدارة ترامب على إنهاء مشاركتها.
س/ج في دقائق: ماذا لو حسم الحوثيون الصراع في اليمن؟
سيرحل ترامب. سيعود بايدن للبيت الأبيض رئيسًا في 2021. لكنه هذه المرة سيضع بين أول قراراته كرئيس إلغاء تصنيف إدارة ترامب للمتمردين الحوثيين في اليمن كتنظيم إرهابي أجنبي، يوم الجمعة 5 فبراير 2020.
ربما اعتقد بايدن أن الحوثيين ليسوا إرهابيين كما كان يراهم ترامب؟ لا. بعد 48 ساعة ليس إلا سيطالب الحوثيين بالتوقف عن التصرف كـ “تنظيم إرهابي”!
لم تتوقف قرارات إدارة بايدن. أعلنت سحب مساعدتها للحملة التي تقودها السعودية، وألغت “مبيعات الأسلحة ذات الصلة”. وللمفارقة، أيضا، وعد بايدن بمواصلة الولايات المتحدة مساعدتها السعودية في الدفاع عن نفسها من هجمات الحوثيين!
الخارجية الأمريكية عينت مبعوثًا لبدء حملة جديدة لإنهاء صراع اليمن الذي أودى بحياة ما يقرب من ربع مليون شخص. تقول إدارة بايدن إن قراراتها في هذا الاتجاه. لكنها تعيد اختراع العجلة على ما يبدو
بن مبارك يقول إن صدى الدرس الذي تعلمه اليمنيون بالطريقة الصعبة لم يصل صداه إلى واشنطن.
ليس فقط لأن القرار صدر بينما متمردو الحوثيين لا يزالون يعرقلون الجهود الدولية لإنقاذ اليمن من كارثة توشك أن تسببها ناقلة النفط صافر، ولا بسبب أن اليمن لا يزال يعاني بينما صور اليأس التي تفاقمت بسبب الفيضانات ووباء الكوليرا وكورونا مؤلمة، بل لأنهم كذلك لا يزالون يرسلون أطفال اليمن إلى “معسكرات التلقين” وشعارهم “الموت لأمريكا” و “اللعنة على اليهود”.
فورين بوليسي: استعداء بايدن للسعودية سيزيد أزمة أمريكا ولن يغير الوضع في الرياض| س/ج في دقائق
من المفهوم أن بايدن والعديد من الأمريكيين يريدون تخليص أنفسهم من حرب اليمن.
لكن الأزمة أن الخصوم في الشرق الأوسط يقرؤون التنازلات الأحادية على أنها ضعف إذا لم تصدر من موقف هيمنة.
والنتيجة أن الحوثيين – بدعم من إيران التي تتوقع أن تتودد إليها الولايات المتحدة – يرون الخطوة كإعلان بقوتهم وقرب انتصارهم، وسيحاولون كسب الأرض مع انسحاب الولايات المتحدة.
صدى ذلك ظهر خارج اليمن. حين قال بايدن أن الولايات المتحدة لن ترفع العقوبات حتى ينهي النظام الإيراني انتهاكه للاتفاق النووي 2015، رد خامنئي بأن إيران لن تمتثل للاتفاق حتى يتم رفع العقوبات، حيث ينتظر الإيرانيون أن يتخذ بايدن الخطوة الأولى.
على بايدن أن يدرك أن تقويض الأصدقاء وتقوية الخصوم ليست صيغة جيدة للسلام. أو كما يقول بن مبارك: “نحن نشارك بايدن وجهة نظره بأن حرب اليمن قد طال أمدها. لكننا نتذكر أيضًا التزاماته قبل 9 سنوات بالوقوف إلى جانب شعب اليمن في جهوده لبناء مستقبل أكثر إشراقًا لبلدهم”.