قلق الرئيس الأمريكي جو بايدن بشأن التداعيات الإنسانية في اليمن ورغبته في إنهاء الحرب البشعة التي استمرت ست سنوات يبدو منطقيًا: الخسائر المدمرة التي تسببت بها الحرب في اليمن دفعت البلد منذ 2017 إلى أسوأ أزمة إنسانية في العالم.
ووفقًا للأمم المتحدة، يتجاوز عدد القتلى في اليمن 233,000 شخص ويحتاج أكثر من 24 مليون شخص في اليمن إلى مساعدات إنسانية.
لكن: كيف بدأت الحرب الأهلية في اليمن أصلًا؟ اجتاحت الحرب الأهلية اليمن منذ 2014، عندما سيطر المتمردون الحوثيون المدعومون من إيران على العاصمة اليمنية.
وبحلول أوائل 2015، بدأ تحالف خليجي بقيادة السعودية “حملة مضادة” تستهدف المتمردين بدعم من الولايات المتحدة.
حتى الديمقراط أدركوا ورطة اليمن: بايدن لم يتخذ قرارًا خارجيًا صائبًا طوال 4 عقود | ترجمة في دقائق
منذ أن تولى الرئيس جو بايدن منصبه، تراجعت الولايات المتحدة عن تصنيف الحوثيين كتنظيم إرهابي، وأنهت دعمها لجهود الحرب التي تقودها السعودية، واقترحت “إعادة تقويم” العلاقات مع الرياض.
في اليمن، صعد الحوثيون هجماتهم بالصواريخ والطائرات المسيرة التي تستهدف مواقع مدنية وبنية تحتية حيوية للطاقة في السعودية.
وعلى الرغم من أن الجولات الماضية من مناقشات وقف إطلاق النار بين المتمردين الحوثيين والحكومة المعترف بها دوليًا في اليمن لم تنجح، يأمل السعوديون في أن تحفز الأحداث الأخيرة بعض التحرك بين قيادة الحوثيين.
السعودية عرضت اتفاقًا لوقف إطلاق النار على المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران في 22 مارس، سعيًا لإنهاء الحرب المستمرة منذ ست سنوات. وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان اقترح أن تشرف الأمم المتحدة على سلسلة الحوارات التي سيشملها وقف إطلاق النار.
وأعلنت الولايات المتحدة وأوروبا والأمم المتحدة دعم مبادرة السلام التي تقودها السعودية والتي تضمن فعلًا تدفق واردات الغذاء والوقود عبر نقطة الدخول المركزية في اليمن، ووفرت فرصة لإعادة افتتاح المطار الرئيسي في العاصمة صنعاء، وتجدد الروابط الجوية والبحرية في البلاد.
مبادرة السعودية لإنهاء حرب اليمن | كيف وضعت الرياض الحوثيين في مواجهة بايدن؟ | حقائق في دقائق
رغم كل ذلك، انتقد الحوثيون مبادرة السعودية فورًا. قالوا إنها “لم تذهب بعيدًا بما يكفي لفك الحصار الجوي والبحري الذي يحيط بشمال اليمن”.
واصلوا شن هجوم على محافظة مأرب اليمنية قد يؤدي إلى نزوح أكثر من 300 ألف مدني.
وبالإضافة إلى هجوم مأرب، أعلن المتمردون الحوثيون مسؤوليتهم عن هجمات شملت 18 طائرة مسيرة مسلحة استهدفت مواقع عسكرية ومواقع طاقة سعودية في 26 مارس.
لم تكن هذه الهجمات في أعقاب عرض اتفاق وقف إطلاق النار الذي قدمته الرياض على الفور فحسب، بل تزامنت أيضًا مع زيارة قام بها المبعوث الأمريكي الخاص تيموثي ليندركينغ إلى المنطقة حيث كان الاجتماع مع قيادة الحوثيين على جدول الأعمال.
إليوت أبرامز: رسالة بايدن وصلت الحوثيين “واصلوا الإرهاب.. وإنكم لمنتصرون” | ترجمة في دقائق
التصعيدات الأخيرة للحوثيين تشير بقوة إلى أن السلام مع السعودية والحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا ليس أولوية بالنسبة لهم.
بينما تظهر جهودهم الحثيثة للسيطرة مأرب، المدينة الرئيسية الأخيرة في اليمن، عدم استعدادهم للتعاون مع وقف إطلاق النار.
المبعوث الأمريكي الخاص إلى اليمن، قال صراحة إن “الحوثيين يعطون الأولوية للحملة العسكرية” في الوقت الذي يدفع فيه المجتمع الدولي من أجل التوصل إلى حل.
وفي حين أن السعودية تأمل في إعادة تأهيل العلاقات مع الحكومة الأمريكية من خلال اقتراح وقف إطلاق النار، فإن إيران حريصة على استخدام الحوثيين لكسب النفوذ في المحادثات النووية المرتقبة بين الولايات المتحدة وطهران.
ليس من غير المألوف أن تستخدم إيران مجموعات تعمل بالوكالة في البلدان المجاورة لتعزيز مصالحها الخاصة. وقد مكنت استراتيجيات مماثلة المنظمات المسلحة المدعومة من إيران من العمل خارج مؤسسات الدولة في لبنان وسوريا والعراق.
وفي اليمن تحديدًا، تمكنت إيران من توسيع موطئ قدمها حيث تراجعت الولايات المتحدة عن الصراع.
وعلى الرغم من أن خطة وقف إطلاق النار السعودية خطوة في الاتجاه الصحيح ، فمن غير المرجح أن يوقف الحوثيون حملاتهم في أي وقت قريب.
من الواضح أن إيران تتجرأ بسبب التنازلات الأمريكية لأن الهجمات على الأرض قد تصاعدت. إذا اعتقد الحوثيون أنهم سيكتسبون نفوذًا من خلال الهجمات المستمرة في اليمن والسعودية، فستستمر الأزمة الإنسانية والحرب نفسها.
أوباما الإسلامي | جنوح بايدن إلى إيران على حساب السعودية تفسيره أغرب مما تتخيل | ترجمة في دقائق