واشنطن بوست استخدمت تعبير “الاستقبال المذل” للحديث عن حسابات المكاسب والخسائر في زيارة جو بايدن إلى السعودية.
الصحيفة ترفض الزيارة عمومًا. لذلك، فلغة البروباجاندا محتملة بشدة. لكن التقارير في غيرها من الميديا الأمريكية على اختلاف توجهاتها تجمع تقريبًا على أن بايدن “لن يجرؤ على إلقاء محاضرات في السعودية التي تعهد يومًا أن يحولها إلى دولة منبوذة”.
سيعرض طلباته – التي ستسجيب لها السعودية ظاهريًا – ثم يستمتع لقائمة مطالب مطولة من الرياض.
فأي أجندة تحملها زيارة “تغيير المسار” تلك؟
ماذا سيطلب بايدن؟
وماذا يريد محمد بن سلمان؟
ولماذا التوقعات بأن بايدن سيعود بخفي حنين؟
س/ج في دقائق
لماذا توصف زيارة بايدن إلى السعودية بـ “تغيير المسار”؟
ببساطة: لأن بايدن قال “كمرشح” إن السعودية “لا فائدة منها إلا القليل”. متعهدًا بتحويلها لـ “دولة منبوذة” ووقف مبيعات السلاح إليها.
ألا يمكن أن يكون التوصيف ذلة لسان من بايدن أو استعطافا انتخابيا؟
لا.
بحسب، رئيس قسم الشؤون الدولية في جامعة تكساس، غريغوري غوز، فإن جو بايدن كان دائمًا “مؤشرًا موثوقًا” لمواقف تيار الوسط في حزب الديمقراط، وأكثر مرشحي الحزب خبرة في السياسة الخارجية، وأعلمهم بموقف نخبة الديمقراط في مجتمع السياسة الخارجية.
بالتالي، كان المصطلح انعكاسًا لموقف التيار السائد. والأهم، أنه “تطوع” به؛ لأن الناخب الأمريكي لا يصوت على موقف المرشح من السعودية.
ثم فاز بايدن، وحاول وضع العلاقات في “حالة تجمد عميق” بوصف واشنطن بوست، فلم يزر السعودية لعام ونصف، وقلص اتصالاته للحد الأدنى، وعرقل مبيعات السلاح، وحاول فرض العديد من العقوبات، وارتفع صوت حملة “التقدميين” المناهضة للسعودية في الكونجرس.
بالتزامن، روج الديمقراط أنه لا حاجة لمزيد من النفط ضمن خطاب “الذنب الأخضر”، مع الدفع نحو التركيز على محفظة الطاقة المحلية الأمريكية. بالتالي، افترض بايدن أن السعودية لم تعد مهمة.
باندلاع حرب أوكرانيا، اكتشف بايدن أن كل خياراته كانت خاطئة. ارتفعت الأسعار، وظهر دور السعودية كثاني أكبر منتجي النفط.
باختصار، باتت “القليل من الفائدة” التي تحدث عنها بايدن وقت الانتخابات، مصدر تهديد بخسارة الديمقراط لأغلبية الكونجرس في انتخابات التجديد النصفي، كما شرحنا عبر الرابط:
1- سيحاول بايدت إقناع السعودية بزيادة إنتاج النفط. هذا يفترض أن يجرد روسيا من أقوى أوراقها، ويقلل سعر جالون البنزين في أمريكا، بما يعزز فرص الديمقراط في انتخابات التجديد النصفي.
2- إعادة ضبط العلاقة مع دول الشرق الأوسط، التي وقفت “محايدة” عندما بدأت حرب أوكرانيا. وترى واشنطن الآن أن التغيير سيبدأ من السعودية.
3- فتح الملفات المسكوت عنها فيما يخص علاقات السعودية مع الصين وروسيا، خصوصًا في ملف التسليح.
4- الحديث عن تسوية حرب اليمن.
هل ملف تطبيع العلاقات مع إسرائيل مطروح؟
يفترض أن تجري نقاشات حول خطوات تمهيدية جديدة خلال زيارة بايدن، التي ستشهد زيارة إسرائيل أيضًا، ثم مشاركته في قمة جدة، التي تضم عدة دول وقعت على اتفاقيات سلام مع إسرائيل.
بحسب ذا هيل، يدرك بايدن الآن أن محاولته لاسترضاء إيران تعثرت، بما يزيد احتمالات خلق حالة لا استقرار في الشرق الأوسط، تتزايد معها فرص اضطرار دولة مثل إسرائيل للقيام بعمل عسكري.
بهذا الصدد، يعتقد أن اعترافًا سعوديًا رسميًا بإسرائيل، والذي يعتقد العديد من الخبراء أنه مجرد مسألة وقت، سيؤدي لتكثيف جهود احتواء إيران ودفع المزيد من السلام بين العرب وإسرائيل.
ما طلبات السعودية؟
بمجرد الإعلان عن الزيارة، كسرت السعودية بالفعل موقف بايدن. هذا مكسب سياسي. لكنها تريد خطوات عملية، وبينها:
1- الدعم الأمريكي “الفعلي” لرؤية 2030، بفتح المجال للاستثمارات الأجنبية. التفاصيل (هنا).
2- إلغاء قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب (JASTA)، والذي يستخدمه يساريو الديمقراط لتهديد السعودية.
3- إنهاء حالة الابتزاز السياسي والدعائي الذي مورس تجاه السعودية خلال السنوات الماضية.
4- إلغاء اقتراح نائبة الديمقراط إلهان عمر لمنع بيع 280 صاروخ جو-جو تحتاجها السعودية لصد هجمات الحوثيين.
5- إعادة تصنيف الحوثيين جماعة إرهابية، وتقديم تعهدات واضحة حول الدور الأمريكي في تأمين المنطقة.
إذا كان إنتاج النفط هو الدافع الحقيقي، فالسعودية على الأغلب لن تضخ كميات إضافية ضخمة. لكنها قد “تفتح الصنابير قليلًا”، لوضع بعض الضغط الهبوطي على الأسعار.
لكن، على نطاق أوسع ، هناك شكوك حول المكاسب التي يمكن أن يؤمنها بايدن في رحلته: ليس مرجحًا أن يحصل على وعد واضح في أي ملف، على الأقل بحسب واشنطن بوست، التي توقعت أن “يواجه إذلالًا محتملًا في تحية بن سلمان”.
وبحسب فورين أفيرز، “سيواجه بايدن صفقة خاسرة، انسحاب شبه مؤكد مما تعهد به، مقابل احتمال تحقيق انتصارات متواضعة”.
إن كانت مكاسب بايدن متواضعة فعلًا.. لماذا الزيارة إذن؟
بحسب جيروزاليم بوست، أوصلت السعودية رسالتها: لا شيء مجانًا.
وبما أن معادلة دولية جديدة تتشكل، خلقت الرياض لنفسها مكانًا بخلق صفقات مع منافسي أمريكا، التي كانت تعتقد في وقت ما أن السعودية حليف لمجرد أنها لا تجد حليفًا آخر غير أمريكا.
وبما أن الولايات المتحدة ليست في أفضل حالاتها أصلًا، باتت الإدارة تدرك أنها مطالبة بخلق مصالح مشتركة للإبقاء على تحالفها القديم مع الرياض.
سيصل بايدن السعودية محملًا بكثير من مطالب اليسار بفتح الملف الحقوقي. لكن الميديا الأمريكية تجمع تقريبًا على أنه لن يفتح الملف، على الأقل في العلن.
متحدثة البيت الأبيض كارين جان بيير قالت إن بايدن “لا يتطلع لقطع العلاقات مع السعودية”. بينما يؤكد محللو ذا أتلنتك أن بايدن هو الطرف الباحث عن أي مكسب، لذا ستمنعه الرياض من إلقاء أي محاضرات خلال الزيارة.
موضوعات متعلقة
