الرئيس الأمريكي جو بايدن يعلم أنه لا يستطيع الوفاء بوعد حملته الرئاسية بأن يشعر قادة السعودية أنهم “منبوذون”. لماذا؟ لأن المصالح الوطنية للولايات المتحدة تتطلب خلاف ذلك.
مؤخرًا، زار منسق مجلس الأمن القومي للشرق الأوسط بريت ماكغورك، ومبعوث وزارة الخارجية لشؤون الطاقة آموس هوشتاين، الرياض لإقناع السعوديين بضخ المزيد من النفط لخفض الأسعار العالمية – التي ارتفعت مؤخرًا بسبب الأزمة العسكرية الروسية الأوكرانية.
هذه الزيارة هي أحدث مثال على أهمية العلاقة السعودية، ومدى احتياج الولايات المتحدة إليها على الرغم من كل التصريحات حول الاكتفاء الذاتي للولايات المتحدة من الطاقة.
السعودية ترفض طلب بايدن بشأن النفط | هل تؤثر على الديمقراط في انتخابات 2022؟ | س/ج في دقائق
بايدن لن يكون قادرًا على تحفيز التعاون الكامل من السعوديين، في أي قضية، حتى يتصل أو يلتقي بولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
مع ذلك، لا يستطيع بايدن عكس المسار تجاه محمد بن سلمان؛ لأنه إذا فعل، فسيخلق أزمة داخل حكومته، كما سيخسر أعضاء الكونجرس الذي يستمرون في تهديده بثمن أي انفتاح مع السعودية، كما أن هذه الخطوة ستثير حفيظة قاعدة دعمه اليسارية التي أوصلته إلى السلطة.
كيف يمكن لبايدن أن يخرج من هذه المشكلة؟
وكيف يمكنه التعامل مع السعودية بشكل أكثر فعالية وحماية المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة دون المساس بالقيم الأمريكية وتكبد تكاليف سياسية محلية كبيرة؟
تقرير مقتل خاشقجي | السعودية أيضا لديها أوراقها .. فهل تستخدمها لإحراج إدارة بايدن؟ | س/ج في دقائق
هناك طريقة واحدة، وأعتقد أنها قد تكون الطريقة الوحيدة في الوقت الحالي.
منذ عدة سنوات، تنتهج السعودية عملية تحول تاريخية.. لا، ليس المقصود هنا رؤية 2030.
لا يعرف كثيرون عن خطة التحول التاريخية الضخمة تلك؛ لأن القيادة السعودية لم تعلن عنها بضجة كبيرة، كما فعلت مع رؤية 2030، إلا أنها أخطر محاولة لإعادة هيكلة مؤسسات الأمن القومي في المملكة منذ تأسيسها.
أعتقد أن عملية التحول الدفاعي هذه هي النسخة السعودية الخاصة من Goldwater-Nichols، الإصلاح الدفاعي الأكثر أهمية وشمولاً في تاريخ الولايات المتحدة، والذي بدأ في عام 1986.
مخاوف في واشنطن: السعودية نحو روسيا.. هل خسرنا الرياض بسبب “حرق بايدن”؟ | ترجمة في دقائق
إدراكًا منها أن تصحيح مسار للرياض يمثل مصلحة أمريكية مهمة، فقد تدخلت واشنطن في 2018 وبدأت في تقديم المساعدة بناءً على طلب السلطات السعودية، فأجرى متخصصو إدارة الدفاع الأمريكيون العاملون في وزارة الدفاع رحلات متعددة إلى الرياض لتقديم المشورة بشأن الأمور المتعلقة بتنمية رأس المال البشري، والاستخبارات، والاستحواذ، واستدامة القوات.
أولاً: لم تعمل قيادة البنتاجون على التمكين الكامل والإشراف عن كثب على الدور الاستشاري المدني للولايات المتحدة لضمان نجاحه، والأسباب غير واضحة وغير ذات صلة بصراحة.
ثانيًا، هناك خلاف فكري وتنسيق غير فعال بين الطاقم العسكري الأمريكي المتمركز في السعودية والمتخصصين في الدفاع الأمريكيين المرسلين من الولايات المتحدة إلى الرياض حول كيفية مساعدة السعوديين.
أدى ذلك مؤخرًا إلى إنهاء جزء كبير من جهود الاستشارات المدنية الأمريكية للسعوديين، والتي قدمها معهد الحوكمة الأمنية التابع لوزارة الدفاع، وهو أحد مكونات وكالة التعاون الأمني الدفاعي المكلف ببناء القدرات المؤسسية للدول الشريكة.
ثالثًا: تولت المهمة بعثة الولايات المتحدة للتدريب العسكري في السعودية USMTM، التي تم تفويضها على مدى عقود لإجراء تعاون أمني مع القوات المسلحة العامة السعودية لإصلاح قطاع دفاعهم.
ومع ذلك، فإن البعثة مجهزة للتعامل مع الأمور التكتيكية والتشغيلية فقط، وليس لديها الخبرة ولا القدرة على تقديم المشورة بشأن الإصلاح المؤسسي الدفاعي، وخاصة في مثل هذا المشروع السعودي الكبير والمعقد.
لكي تنجح الجهود الأمريكية في مساعدة السعوديين على الدفاع عن أنفسهم، فمطلوب إشراف فعال من البنتاجون على الدور الاستشاري الدفاعي للولايات المتحدة في السعودية، وتوحيد الجهود بين المستشارين الأمريكيين، وإعادة هيكلة USMTM.
يوجد حاليًا موظفون في وزارة الدفاع الأمريكية لديهم خلفيات قانونية يعملون بشكل تعاوني مع وزارة الدفاع السعودية ويقدمون المشورة لموظفيها بشأن السياسة والقضاء العسكري والإدارة والقانون الجنائي والقانون الدولي.
من خلال أداة الإصلاح الدفاعي، لدى إدارة بايدن فرصة لإشراك السعوديين في مسائل الأمن القومي الحرجة مع حماية المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة واحترام القيم الأمريكية.
هذا شكل حكيم من أشكال المساعدة الأمريكية غير المثيرة للجدل سياسيًا، ولا يكلف دافعي الضرائب الكثير من أموالهم، ولا يتطلب وجودًا أمريكيًا كبيرًا على الأرض.
ربما تكون هذه هي الطريقة الوحيدة لإعادة العلاقة من خلال إعادة بناء الثقة تدريجيًا بين الجانبين.
سحب باتريوت من السعودية | من الخاسر في تودد بايدن لإيران.. واشنطن أم الرياض؟ | س/ج في دقائق