السلفادور تسجل نفسها كأول دولة في العالم تعتمد البيتكوين عملة قانونية.. اشترت مئات العملات بالفعل، والرئيس نجيب بقيلة يتعهد بالمزيد.
خبراء العالم قابلوا الخطط بالكثير من الـ “هاهاهاهاها”. لكنها صارت واقعًا.
أستاذ القانون روهان جراي يقول إن السلفادور وضعت نفسها تحت رحمة شبكة البيتكوين التي لا تديرها سلطة مركزية مسؤولة، وسجلها سيئ في استقرار السعر والسيولة اللذين يفترض أن توفرهما العملة.
لكن “كوين ديسك” يجادل بأن الدولار نفسه ليس مستقرًا بالشكل الذي تتخيله، مع السياسات الأمريكية التضخمية أو “التجريبية”. بينما البيتكوين يقدم “عمليًا” سياسة نقدية ثابتة طويلة الأجل،
والأهم، أنها لن تكون “فأر تجارب” لسلطة نقدية” تطور سياساتها لخدمة أهدافها المحلية دون النظر لـ “عالمية الدولار العظيم”.
باختصار، السلفادور وضعت عملة البيتكوين أمام أكبر اختبار واجهته منذ إطلاقها، وفقًا لبلومبرج. ماذا يمكن أن نتوقع الآن؟
س/ج في دقائق
ماذا يعني اعتماد البيتكوين عملة قانونية في السلفادور مؤخرًا؟
كل دولة في العالم تحتاج إلى عملة احتياط / عملة ربط / عملة ترسية “Reserve Currency” وهي عملة تحتفظ بها بكميات معتبرة كجزء من احتياطيات التبادل الدولي.
العملة الأكثر استخدامًا كـ “عملة احتياط” عالميًا هي الدولار الأمريكي. بنهاية 2020 مثلت احتياطات النقد الأجنبي المقومة بالدولار 60.4% من الإجمالي العالمي.
لكن السلفادور قررت أن تسير في اتجاه بديل باعتماد البيتكوين عملة احتياط قانونية
أعلن الرئيس نجيب بقيلة شراء المئات منها مع نوايا شراء المزيد مستقبلًا بخلاف السماح للسماسرة بشراء كميات أضخم.
قرار السلفادور باعتماد البيتكوين رسميًا في 8 سبتمبر 2021 ووضعه بجانب الدولار .”ليس بديلًا بالكامل حتى الآن”.
الرئيس نجيب بقيلة، رجل أعمال مرموق من أصل فلسطيني، يميني شعبوي، وصل السلطة في 2019.
حينها، لم يكن أكثر من 70% من سكان السلفادور يملكون حسابات مصرفية. ولا يبدو سكان المجتمعات الفقيرة متحمسين لفتح حسابات مصرفية حتى الآن.
باتخاذ قرار البيتكوين يراهن بقيلة على أن سكان السلفادر سيتحمسون لاستخدام البيتكوين لزيادة الوصول إلى مواردهم المالية.
تراهن حكومة السلفادور كذلك على أن استخدام البيتكوين كعملة قانونية سيجذب استثمارات جديدة.
كما تأمل في أن الخطوة ستخفض عمولات إرسال التحويلات، بما يجعل من الأرخص والأسهل على المهاجرين إرسال الأموال إلى السلفادور ، وهذا مهم، نظرًا لأن مثل هذه التحويلات تمثل أكثر من 24% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، وفقًا لأرقام البنك الدولي.
جميع استطلاعات الرأي أشارت إلى أن الغالبية العظمى في السلفادور لا يدعمون مشروع البيتكوين.
استطلاع جامعة أمريكا الوسطى وصل بنسبة المعارضة إلى 70%.
وخرج مئات إلى الشوارع للاحتجاج بدعوات من النقابات العمالية ومنظمات المجتمع المدني التي عارضت القرار، متعللة بمخاطر تقلبات البيتكوين واستغلالها المحتمل لأغراض غسيل الأموال، أو لخدمة رجال الأعمال المقربين من السلطة.
أهم أسباب المعارضة الشعبية كانت “إلزامية قبول البيتكوين” رغم تأكيدات رئيس السلفادور المتكررة بأن التطبيق سيكون “اختياريًا”.
ويحذر ريكاردو كاستانيدا، الاقتصادي بمعهد الأبحاث الجواتيمالي، من “التهور” بفرض البيتكوين في السلفادور التي لا يملك ثلثي سكانها سبيلا إلى الإنترنت، بل وتفتقر بعض المناطق الفقيرة للكهرباء.
السلفادور نفسها تواجه عقبة أولية فيما يخص تغير الخطط الحكومية بشأن اعتماد البيتكوين كل ساعة، وفق كريس هانتر، المؤسس المشارك لشركة Galoy الذي يشير لصعوبة تحديد ما إذا كانت هذه أزمة ارتجال ستطول آثارها، أو مجرد نتيجة ثانوية للتطبيق السريع للقرار “90 يومًا بين اتخاذ القرار وتفعيله”.
لكن هناك مشكلات أخرى تتعلق بانتقاد المؤسسات المالية العالمية مثل صندوق النقد الدولي للمشروع.
روهان جراي، أستاذ القانون بجامعة ويلاميت، يركز على تخوف علمي وجيه بأن السلفادور تتخلى عن استقلاليتها وسيطرتها على سياستها النقدية لحساب شبكة البيتكوين غير المستقرة، والتي لا تديرها سلطة مركزية مسؤولة، ولا تملك سجلًا في توفير أنواع استقرار الأسعار واستقرار السيولة التي من المفترض أن توفرها العملة”.
يجادل موقع “كوين ديسك” المتخصص في العملات الرقمية بزاوية مختلفة تبرر لماذا مثل هذا القرار “المجنون” ليس جنونيًا كما تتصوره للوهلة الأولى، وأن دولًا أخرى قد تتشجع لاعتماد البيتكوين بعد السلفادور.
الدول مثل السلفادور تكافح أصلًا لضمان الثقة في أنظمتها النقدية المحلية. تستخدم “الدولرة” كمظهر ” لتقول إنها لا تسير خارج السرب.
لكن فعليًا، الدولار نفسه ليس مستقرًا بالشكل الذي تتخيله، مع السياسات الأمريكية التضخمية أو “التجريبية”.
بينما البيتكوين يقدم “عمليًا” سياسة نقدية ثابتة طويلة الأجل، والأهم، أنها لن تكون “فأر تجارب” لسلطة نقدية” تطور سياساتها لخدمة أهدافها المحلية دون النظر لـ “عالمية الدولار العظيم”.
في حالة البيتكوين، لا يمكن تغيير السياسة الطويلة إلا من قبل الغالبية الحقيقية من المشاركين.