انهيار البورصة | أشهرها جنون التوليب.. متى ولماذا وكيف يحدث؟ وهل يمكن منعه؟| س/ج في دقائق

انهيار البورصة | أشهرها جنون التوليب.. متى ولماذا وكيف يحدث؟ وهل يمكن منعه؟| س/ج في دقائق

3 Feb 2021
رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك
حجم الخط

لماذا نكتب عن احتمالات انهيار البورصة في دقائق؟

مخاوف انهيار البورصة في الولايات المتحدة ثم العالم ظهرت بشدة بعدما وجه مستثمرو التجزئة وجهوا ضربات موجعة لنخبة وول ستريت في أزمة جيم ستوب (شرحناها بالتفصيل عبر الرابط).

سيناريوهات انهيار البورصة متعددة. فهمها يحتاج أولًا لفهم كيف تعمل البورصة أصلًا، وعلى أي أساس يتخذ المستثمر في الظروف العادية قرارات البيع والشراء.

لكن، لأن أزمة جيم ستوب لا تمثل ظرفًا عاديًا، جمعنا لكم أهم أسباب انهيار البورصة عمومًا، وحالات تاريخية – أهمها جنون التوليب – قد تختلف في التفاصيل، لكنها قد تشرح كيف يمكن أن تسير الأمور في الأزمة الحالية.

أضفنا كذلك جزءًا عن المحاولات المتاحة لإنقاذ البورصة في فترات الانهيار، وكيف يمكن أن تتدخل الحكومات في هذا الأمر؟ وهل يجب أصلًا أن تتدخل الحكومة؟

س/ج في دقائق


كيف تعمل البورصة؟

البورصة سوق. بضاعتها ليست أصولًا حقيقية، لكنها أوراق مالية.

لا تنتج الثروة كما في التجارة، بل توفر ساحة لتبادل الثروة.

تنظمها قواعد قانونية وفنية كالسوق العادي، لكنها تختلف عنه في نقطة مهمة: في السوق العادي قد تتمكن كل الشركات من تحقيق أرباح نظريًا. في البورصة كل ربح لطرف لا بد أن تقابله خسارة لآخر.

سعر المعلومة أعلى في البورصة. التحرك على الأسهم بناء على استنتاج خاطئ أو بيانات غير دقيقة، أو إساءة تقدير البيانات المتاحة يعني خسائر كبيرة.

أسعار الأسهم في البورصة تتغير وفق العرض والطلب: حال الإقبال الشديد على الشراء يرتفع سعر السهم تدريجيًا. والعكس صحيح.


على أي أساس يختار مستثمرو البورصة قرارات الشراء والبيع؟

في الظروف العادية، يعتمد مستثمرو البورصة على أسلوبين في اختيار القرار الأصوب لشراء أو بيع الأسهم:

 التحليل الفني:

فحص السهم وفقًا لمستويات تحركه تاريخيًا، ثم استخدام الرسوم البيانية لتحديد توقيت التصرف “متى تشتري؟ متى تبيع؟ متى تحتفظ بالسهم؟”.

التحليل الأساسي:

فحص القوائم المالية للشركات التي تمثلها الأسهم، وصولًا لتحديد القيمة الحقيقة للسهم “في الواقع” بما يساعد على تحديد الأسهم ذات الخلل السعري “المُسعّرة بأقل أو بأعلى من قيمتها الحقيقية”.

لا أفضلية مطلقة لأي من التحليلين. يحتاج مستثمر البورصة التحليل الأساسي لاختيار السهم الأفضل، والتحليل الفني لتحديد توقيت اتخاذ القرار.

ترامب في البورصة | “الشعبوية اليمينية” تكمل طريق “احتلوا وول ستريت” اليسارية؟ | س/ج في دقائق


لماذا تواجه البورصة أزمات تاريخيًا؟

 لا يمكن لأسعار الأسهم أن تواصل الارتفاع للأبد. غالبًا ما يحدث انهيار البورصة بعد فترة طويلة من النمو الاقتصادي لعدة أسباب، أهمها الذعر، وتشمل الكوارث والأزمات الاقتصادية والمضاربة. لكن يمكن تلخيص انهيار البورصة في: حدوث خلل بين عمليات بيع وشراء الأسهم ينتج عنه اتجاه جماعي نحو البيع بما يرفع المعروض مع تراجع الطلب.

1- الذعر:

أحد العوامل الأكثر شيوعًا في انهيار البورصة، حملة الأسهم الذين يخشون تراجع قيمتها يهرعون للبيع لحماية أمولهم بمجرد أن تظهر بوادر انخفاض سعرها. هنا ينتشر الخوف، فتبدأ المزيد من عمليات البيع. ومع تكرار العملية، قد تؤدي إلى انهيار البورصة.

2- الكوارث:

جميع أنواع الكوارث، من الفيضانات إلى الحروب إلى الأوبئة. مع انتشار كورونا في مارس 2020 مثلًا، والتوقعات الاقتصادية القاتمة التي رافقته، انهارت البورصة في عدة دول عالميًا بعدما بدأ المستثمرون حملات جماعية لبيع الأسهم التي يملكونها.

3- الأزمات الاقتصادية:

أي مشكلة في الصناعة قد تحمل تأثيرًا مضاعفًا على البورصة. مثال ذلك أزمة الرهن العقاري عالية المخاطر 2007-2008.

رفع القيود في الصناعة المصرفية أدى إلى زيادة الرهون العقارية عالية المخاطر منذ بداية العقد الأول من القرن 21. عندما بدأ المقترضون في التخلف عن السداد، انخفضت أسعار المساكن، وانهار سوق الإسكان. والأسوأ أن العديد من الرهون العقارية التي لا قيمة لها بيعت للمستثمرين المؤسسيين – الذين خسروا بدورهم المليارات عليها. بدأت الشركات الكبيرة في التراجع، وكان رد فعل البورصة حادًا. من 19 سبتمبر إلى 10 أكتوبر، انخفض مؤشر داو جونز الصناعي بمقدار 3,600 نقطة.

4- المضاربة:

الاستثمار في قطاع ما على أمل أن ينمو أحد الأصول بناءً على توقعات الأداء المستقبلية يخلق إقبالًا كبيرًا على أسهمه بما يخلق فقاعة غالبًا. إذا كان الأداء مخيبًا للآمال ولم يرق الضجيج إلى مستوى الواقع، تنفجر الفقاعة، وتحدث عمليات بيع جماعية.

نظرة أعمق | البعد الاقتصادي للوباء.. كيف غير كورونا وجه الاقتصاد العالمي؟


البورصة الهولندية: كيف يشرح جنون التوليب أزمة البورصة التاريخية؟

قد يبدو من الحماقة أن تدفع مليون دولار مقابل زهرة توليب. إلا لو كنت واثقًا أن مشتريًا آخر مستعد لشرائها منك بمليوني دولار. هذا ما يعرف في الاقتصاد بـ “نظرية الأحمق الأكبر”.

النظرية تشير ببساطة إلى رغبة الأفراد طواعية في شراء لا منطقي لأسهم في البورصة، يتجاهل القيمة الفعلية للأسهم، بدافع الحماس والطمع في وجود شخص سوف يشتري السهم بسعر أكبر.

نظرية الأحمق الأكبر

هذا ما حدث بالضبط في واقعة “جنون توليب” التاريخية في هولندا.

تعاظمت شعبية التوليب في هولندا في منتصف القرن 16، وتصاعد التنافس على امتلاكه حتى وصل حدودًا قياسية. وبنى عدد من الأثرياء ثروات طائلة اعتمادا على المتاجرة في زهور التيوليب الذي كان الطلب عليه كبيرا خارج حدود هولندا.

في 1632، وصل سعر الزهرة الواحدة إلى ألف عملة محلية (7 أضعاف متوسط الدخل السنوي للفرد حينها). بعد النقود بدأت مقايضة التوليب بالأراضي والماشية والمنازل. وبحلول 1636، دخلت التوليب البورصة الهولندية لتبدأ عمليات مضارية واسعة عليه، وصلت لشراء المحصول قبل زراعته فيما يشبه العقود الآجلة.

في فبراير 1637، توقفت عروض الشراء الأعلى على التوليب. بدأ ذعر الخسارة يتسرب إلى ملاك التوليب، فبدأت حركة البيع. زاد الشك حول اختفاء الطلب على التوليب، فبدأ الذعر، وبدأت عمليات البيع تتصاعد، لتنفجر الفقاعة، وتبدأ الانهيارات المالية.

التداول على سعر التوليب

نظرية أخرى تفسر انهيار جنوب التوليب غير انفجار الفقاعة: انتهاء الندرة، حين رأى التجار انتشار زراعة التوليب، ما يعني أن المحصول سيكون وفيرًا، وأن الزهور النادرة ستصبح أقل مدرة مما يتصورون.

صدمة GameStop | ترامب؟ روبن هود؟ ثورة ضد وول ستريت؟ أم مجرد فقاعة | س/ج في دقائق


هل حدثت انهيارات أخرى مشابهة في البورصة تاريخيًا؟

جنون التوليب 1634 كان أول انهيار في البورصة تاريخيًا. لكن انهيارات أخرى تلتها، أشهرها:

أكبر انهيارات البورصة

– 1929 “الكساد العظيم”

بدأ في 24 أكتوبر 1929 “الخميس الأسود”، حين طُرح نحو 13 مليون سهم للبيع في يوم واحد. لم تجد مشترين، ففقدت قيمتها، ليفلس آلاف المساهمين.

– 1962 “تصحيح الوضع”

بعد أزمة 1929، شهدت البورصة الأمريكية نموًا متصاعدًا لعقود، لتأتي مرحلة تصحيح الوضع (بيع واسع لجني الأرباح). الأزمة حدثت حين دخل الذعر فتوسع البيع الجماعي، وامتد الانهيار من ديسمبر 1961 إلى يونيو 1962.

– 1973 “الركود العظيم”

بعد أزمة النفط 1973، استمر الانهيار عالميًا حتى ديسمبر 1974. ونتج عنه أحد أسوأ حالات ركود البورصة في التاريخ الحديث.

– 1987 “الاثنين الأسود”

بسبب المضاربات واستخدام تقنيات الحاسوب في برمجة شراء وبيع كميات هائلة من الأسهم حين تتوفر ظروف معينة، شهدت البورصة الآسيوية موجة هبوط شديد، انتقلت إلى أوروبا ثم أمريكا. حيث خسر مؤشر “داو جونز” 508 نقطة أكثر من 22% من قيمته في 19 أكتوبر 1987.

– انهيار ٢٠١٥

اجتاحت موجة هبوط حادة البورصات العالمية في 24 أغسطس 2015 تجاوزت خسائرها 3 تريليونات دولار، بسبب انهيار البورصة الصينية وسط مؤشرات على تباطؤ نمو الاقتصاد الصيني، وخسارة النفط 6% من قيمته.

– بين تلك التواريخ، شهدت البورصة عالميًا موجات هبوط حاد في 1997 بسبب الأزمة الاقتصادية في آسيا، وفي 2001 بعد هجمات 11 سبتمبر، وفي 2008 حين هبط مؤشر “داو جونز” لخمس جلسات متوالية، وفقد 18% من قيمته.


متى تتعافي البورصة بعد الانهيار؟

آثار انهيار البورصة تكون محدودة أحيانًا. في أزمة 1987 مثلًا، تعافى مؤشر داو جونز الصناعي كليًا خلال عامين تقريبًا. في أحيان أخرى تكون التأثيرات واسعة النطاق وتدوم لفترات أطول. المثال الأكثر شهرة هو انهيار 1929، حيث خسر السوق 85% من قيمته، وكان أحد أسباب الكساد العظيم، أسوأ فترة اقتصادية في التاريخ الأمريكي، التي استمرت قرابة 10 سنوات.


هل يمكن منع انهيار البورصة؟

رغم التداعيات المؤلمة لأزمة التوليب على البورصة الهولندية، لم تتخذ الحكومة أي قرار. تركت الاقتصاد يبحر.

لم تتدخل لمنع البورصة من الانهيار باعتبار أن الخيار الأصوب اقتصاديًا أن يصحح السوق أوضاعه بنفسه، وأن يتحمل كل متخذ قرار ثمن قراره سلبًا أو إيجابًا. لا يزال هذا القرار حتى يومنا قرارا تاريخيا، ليس فقط لفرادته، ولكن لكونه فاجأ صناع القرار في وقت مبكر من عمر البورصة ودون سوابق يقيسون عليها.

لكن مع الوقت، أضافت الحكومات ضمانات لمنع الانخفاضات الحادة والاضطرابات، منها قطع الدائرة – شراء مكثف للأسهم – خفض الفائدة.

1- قطع الدائرة:

تكتيك أضيف بعد انهيار 1987، يقوم على تعليق التداول على جميع الأسهم إذا تجاوز الانخفاض نسبة معينة. التعليق قد يستمر ربع ساعة أو يومًا كاملًا؛ بهدف منح المحللين والمستثمرين الوقت لجمع معلومات دقيقة كافية قبل اتخاذ قرارات التداول.

2- شراء الأسهم:

يقوم على تدخل مستثمرين لشراء كميات كبيرة من الأسهم لمحاولة تحقيق الاستقرار في السوق. كان ذلك فعالاً حين أدى لتقليص حالة الذعر عامي 1873 و1907.

3- خفض الفائدة:

يمكن للحكومة نفسها أن تتدخل وتخفض أسعار الفائدة لتشجيع المستثمرين على الاقتراض والشراء.

أولئك هم الرابحون .. كيف يتفاعل الاقتصاد ونفسية المجتمع | خالد البري | رواية صحفية في دقائق


هل هناك مصادر أخرى لمزيد من المعرفة؟

ما هو انهيار سوق الأسهم؟ (بنكريت)

انهيار سوق الأسهم (إنفستوبيديا)

ما هو انهيار سوق الأسهم؟ (بيزنس إنسايدر)

ما الذي تسبب في انهيار البورصة عام 1987؟  (موقع كلية كولومبيا)


رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك

موضوعات متعلقة

التعليقات (0)

يجب عليك .. تسجيل الدخول أو التسجيل لتتمكن من التعليق.

تعليقات الفيسبوك