أعلنت الصين حظر جميع معاملات العملات المشفرة ” الكريبتو “، في محاولة لمنع مواطنيها من استخدام العملات الرقمية التي تعمل بدون سيطرة الحكومة.
هذه الخطوة الأحدث في سلسلة القيود الإلكترونية التي يفرضها الحزب الشيوعي الصيني.
في الأسبوع الماضي، أعلن تطبيق Douyin، النسخة الصينية من TikTok، والذي يخدم 490 مليون مستخدم، عن تقييد لمدة 40 دقيقة في اليوم لمستخدميه الذين تقل أعمارهم عن 14 عامًا على لعب ألعاب الفيديو، مع مدها إلى ساعة في عطلات نهاية الأسبوع والعطلات الرسمية.
كما منعت الصين ظهور “الرجال المخنثين” على وسائل الإعلام، وهو مصطلح تطلقه السلطات على كل من يرتدي ملابس معينة أو إكسسورات أو يضع أوشامًا، كما رفضت السلطات عرض فيلم مارفل ” Shang-Chi and the Legend of the Ten Rings ” في دور العرض.
تم اعتبار العديد من القيود الجديدة المفروضة على كافة وسائل تسلية المراهقين “تدابير استباقية” تستجيب بها الصين لنصوص قانون حماية الصغار المشدد، والذي فُرض بغرضِ السعي إلى “حماية الصحة البدنية والعقلية للقصر”، وهو ما تسعى الصين لتطبيقه عبْر فرض قيود صارمة بشأن مقدار الوقت الذي يقضيه القاصرون على الإنترنت.
وينطبق الشيء نفسه على الحظر المفروض على “الرجال المخنثين”، الذي فرضته الإدارة الوطنية للإذاعة والتلفزيون في الصين، والدفع لكبح جماح هؤلاء الأفراد والمعجبين بهم وتقليل تأثيرهم “الفوضوي” على الشباب والثقافة.
نتيجة لذلك، تم تعليق حسابات عددٍ من الفرق الموسيقية، مثل: BTS و BLACKPINK وغيرها من فرق K-pop أو موسيقى البوب الكورية الجنوبية، على Weibo، وهو منصة وسائط اجتماعية صينية بها نصف مليار مستخدم شهريًا.
جاك ما وزملاؤه | 5 مليارديرات اختفوا في الصين وسط ظروف غامضة | قوائم في دقائق
على الرغم من أن الحظر المفروض على “الرجال المخنثين” والعملات المشفرة يبدو غير ذي صلة، إلا أنهما يرمزان للطريقة التي يريد بها الرئيس الصيني شي بينج وحزبه إبقاء الصين خالية من التأثيرات الأجنبية، من خلال هذه الحملات القمعية التي تعزز هدفه المتمثل في السيطرة أكثر على جميع جوانب الاقتصاد والثقافة والتعليم الصيني.
بدأت هذه الضوابط المشددة خلال رئاسة “سي”، وهي جزء من خطة تجديد وطني لـ”تخليص البلاد من القيم الأخلاقية المتدنية ووقف السلوك غير العقلاني”.
على هذا النحو، فإن هذا القمع الإلكتروني له تأثير ذو شقين:
– يسمح للحكومة نفسها بتشكيل العقول الشابة وفقًا لمواصفاتها وتقليل التعرض لوجهات النظر الأجنبية.
– لكنه من ناحية أخرى، يقوض سلطة الآباء، الذين عادة ما يكونون هم من يتعاملون مع مقدار الوقت الذي يقضيه أطفالهم على وسائل التواصل الاجتماعي وألعاب الفيديو أو الموسيقى التي يمكنهم الاستماع إليها.
في بلدان أخرى، غير الصين طبعًا، تجري مفاوضات خاصة داخل العائلات حول قيود وقت الشاشة، ويجري الآباء محادثات حول القيم التي يمثلها المشاهير وما إذا كانوا يتفقون معها، لكن الحكومة الصينية الآن ستصبح هي المتحكمة الأولى والأخيرة.
الصين تعود اشتراكية كما خطط ماو تسي تونغ.. هل انتهت الرأسمالية الصينية للأبد؟ | س/ج في دقائق
الفن الأجنبي هو الجانب الأكثر تهديدًا للحكومة الصينية.
بغض النظر عن مدى احترام إنتاج فيلم “Shang-Chi” للثقافة الصينية، حيث تم أداء الكثير من مشاهد الفيلم بلغة الماندرين المثالية ونقاط الحبكة المستوحاة من الأساطير الصينية، فهو فيلم أمريكي آسيوي في جوهره، شارك في تأليفه وإخراجه المخرج الأمريكي الآسيوي ديستين دانيال كريتون وأدى دور البطولة شخصيات من الشتات الآسيوي، مثل سيمو ليو وأوكوافينا، لكن الفيلم يعكس المثل الأمريكية بعد فقدان أحد الأحباء واتباع مسارات مستقلة وغير تقليدية طوال الأحداث.
تمتلك حكومة الصين ووسائل الإعلام التي تديرها الدولة وسائل عديدة لفرض رقابة صارمة على المشاهير على المستوى الوطني، مؤخرًا واجهت النجمة الكبيرة فان بينغبينغ اتهامات بالتهرب الضريبي قبل أن تختفي وتعود للظهور مرة أخرى بعد أربعة أشهر باعتذار عام ووعد بدفع غرامة قدرها 70 مليون دولار.
رغم أنها أنكرت هذا الاتهام في البداية، لكنها أخبرت صحيفة نيويورك تايمز أن غيابها ساعدها لتهدأ وتفكر بجدية فيما تريده من مستقبلها.
منذ ذلك الحين، تضمنت حسابات فان على وسائل التواصل الاجتماعي إعادة لبث الرسائل السياسية الرئيسية المتوافقة مع الحكومة الصينية.
كما واجه المشاهير الآخرون أيضًا غرامات باهظة في التطبيق الانتقائي لتهم التهرب الضريبي.
أصبحت المخرجة الحائزة على جائزة الأوسكار كلوي تشاو، والتي انتقلت بعيدًا عن الصين في سن 15 عامًا، شخصية غير مرغوب فيها داخل الصين، بعد أن ظهرت ملاحظاتها السلبية حول موطنها الأصلي في مقابلة عام 2013، وقد خضع فيلمها “Nomadland” لرقابة وسائل الاعلام الصينية.
من المتوقع أيضًا حظر فيلم تشاو الذي سيطرح في نوفمبر، وهو فيلم “Eternals”، أول فيلم تطرحه مارفل بعد “Shang-Chi”.
مسألة وقت | نفوذ الصين يتصاعد.. متى تنتهي سيطرة أمريكا على العالم؟ | ترجمة في دقائق
من الواضح أن حظر العملات المشفرة له بُعد اقتصادي، لكن هذه القيود الاجتماعية والثقافية الجديدة لها أيضًا هدف اقتصادي مقلق.
لأول مرة في تاريخ الأفلام السينمائية، كانت أحدث الأفلام العالمية الأكثر ربحًا هي الإنتاج الصيني، بدلاً من أفلام هوليوود المعتادة.
على الرغم من أن هذا يرجع إلى حد كبير إلى تأخير طرح الأفلام وغلق السينمات بسبب كورونا، إلا أنه قد يكون ألهم الصين لتنفيذ سياسات اقتصادية انعزالية لصالح صناعة الترفيه الخاصة بها، وما الحظر المفروض على “Shang-Chi” إلا مثالا على ذلك.
علاوة على ذلك، يبدو أن حظر الصين على “الرجال المخنثين” من الترفيه يستهدف أعمال الكيبوب الشعبية، كنوع من تقليل الإنفاق الاستهلاكي الذي يفيد الدول المجاورة بدلاً من صناعة الموسيقى الصينية.
لقد قوبلت فرقة BTS الموسيقية العالمية في كوريا الجنوبية، والتي تحقق إيرادات سنوية مذهلة قدرها 4.65 مليار دولار، بالغضب والرقابة في الصين العام الماضي عندما أدلى قائد الفرقة بتعليقات حول الحرب الكورية.
رغم قسوة القيود الصينية، إلا أن المواطنين يحاولون بشتى الطرق كسر هذه القيود، مثل استخدام تسجيل دخول شخص آخر أو مشاهدة الأفلام بشكل غير قانوني.
كما أن فيلم “Shang-Chi” لا يزال من المحتمل أن يصل إلى جمهوره، حتى لو كانت النسخ المقرصنة هي الطريقة الوحيدة لتحقيق ذلك.
في مقابل ذلك فإن فك قيود ألعاب الفيديو أكثر صعوبة، بسبب استخدام شركة صينية لبرنامج التعرف على الوجه لتنفيذ التحكم.
بغض النظر عن المحتوى والمعاملات التي تكافح بكين للحد منها، فإن الحجم الهائل للقيود ونطاقها يؤكد على المهمة الهائلة التي تتحملها الصين في فرض هذا النظام.
في نهاية المطاف، قد تدفع هذه الإجراءات الاجتماعية والاقتصادية المزيد من المواطنين الصينيين إلى مغادرة البلاد، مما ينتج جيلاً قادمًا من المؤثرين في الشتات مثل كلوي تشاو وسيمو ليو.