تزايد انعدام الأمن الغذائي في تونس منذ عام 2014 سنويًا،، ووصل الحال إلى أن ربع التوانسة أصيبوا بحالة من انعدام الأمن الغذائي المعتدل إلى الشديد خلال الفترة 2018-2020، مقارنة بـ 18.2٪ خلال الفترة 2014-2016.
نتيجة لفيروس كورونا، بلغ العجز المالي التونسي في عام 2020 حوالي 11.5٪ من الناتج المحلي الإجمالي، وهو أكبر عجز منذ ما يقرب من 40 عامًا، مما دفعها لقبول قرض طارئ بقيمة 750 مليون دولار من صندوق النقد الدولي في أبريل 2020.
بعد أن شهدت انكماشًا بنسبة 8.8٪ في نمو الناتج المحلي الإجمالي لعام 2020، لا تزال تونس بحاجة إلى تغطية مدفوعات سداد الديون البالغة 5.8 مليار دولار، وإذا فكرت تونس في الاقتراض ثانية سيؤدي ذلك لتضخم يماثل سيناريو فنزويلا.
تشير التقديرات إلى أن تونس تحتاج إلى استيراد 70٪ من إجمالي احتياجاتها من الحبوب و 90٪ من القمح اللين المستخدم في صناعة الدقيق للخبز والمخبوزات، وقد بلغت الزيادة في معدل واردات الحبوب التونسية 20.9٪، مما أوصل اختلال توازن تجارة المواد الغذائية إلى 290.9 مليون دولار خلال النصف الأول من 2021، ارتفاعا من 49.4 مليون دولار خلال نفس الفترة من عام 2020.
وبعد إقالة الرئيس قيس سعيد للحكومة في يوليو، بلغ الخلل في تجارة المواد الغذائية بنهاية الربع الثالث من عام 2021 ما يصل إلى 1.32 مليار دينار، مع ارتفاع أسعار الحبوب المستوردة بنسبة 23.9٪ للقمح اللين و 12.6٪ للقمح الصلب، وبالمثل ارتفعت أسعار حبوب العلف الحيواني ، حيث شهد الشعير قفزة بنسبة 18.4٪ والذرة بنسبة 46.9٪.
في أكتوبر 2021، لم تتمكن تونس من تلبية سوى 25٪ من الطلب المحلي على الأسمدة، فسمحت الحكومة باستيراد إضافي، مما أدى لزيادة بنسبة 30-50٪ في تكاليف الأسمدة.
تستخدم تونس 80% من المياه المتوفرة في الزراعة، والباقي للشرب، لكنه يفقد 50% منه قبل الوصول للمنازل بسبب سوء البنية التحتية، ومع ارتفاع درجة الحرارة وحالات الجفاف، تواجه السدود التونسية انخفاضًا في المياه، ومن المتوقع إن استمر الحال على وضعه أن تصبح السدود في ميليج ورميلي مغمورة تمامًا بالطمي بحلول 2035، وينتظر نفس المصير سد سليانة في عام 2047.
تعد الجزائر أكبر مستورد للغذاء في إفريقيا، وقد وفرت الواردات الغذائية ما يقرب من 75 ٪ من احتياجات سكانها البالغ عددهم 45 مليون نسمة قبل كورونا، حيث انخفضت نسبة السكان الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي المعتدل إلى الشديد إلى 17.6٪ للفترة 2018-2020، بعد أن كانت 22.9٪ في الفترة 2014-2016،
لكن عندما ظهرت جائحة كورونا أنفق ما يقدر بنحو 24 مليون جزائري أكثر من 60٪ من دخولهم فقط لتلبية احتياجاتهم الغذائية.
أهم واردات الجزائر الغذائية هي الحبوب (70% منها قمح) التي تساهم بنسبة 43٪ من إجمالي السعرات الحرارية و 46٪ من البروتين في النظام الغذائي الجزائري، وقبل أزمة الإمدادات العالمية الحالية، كان الإنفاق السنوي للجزائر على واردات الحبوب حوالي 1.3 مليار دولار.
بسبب التأثر بظواهر الطقس القاسية وقلة الأمطار، من المتوقع أن ينخفض إنتاج الجزائر المحلي من الحبوب بنسبة 38٪ للعام 2021/2022، ونتيجة لذلك، من المتوقع أن تبلغ متطلبات استيراد القمح لعام 2021/202 8.1 مليون طن متري، أي أعلى بنسبة 25٪ من واردات العام الماضي، وأن يزيد استيرادها من الذرة لتغذية الحيوانات، والذي بلغ هذا العام 5 ملايين طن متري.
الجزائر تستود أغلب قمحها من فرنسا، لكنها لم تعد تستطيع الوفاء بالكميات، فطلبت من ألمانيا كميات أكبر، ثم من الصين، لكن الصين هي الآخر تحاول تخفيض الاستيراد بسبب محاولاتها زيادة خنازيها بعد أن قضى عليها وباء حمى الخنازير الإفريقية، فطلبت الجزائر من كندا وبولندا وروسيا.
على الرغم من تنويع مورديها، فإن نقص الإمدادات العالمية يعني أن الجزائر لا تزال بحاجة لمواجهة الأسعار المرتفعة، خصوصًا إن أدى ارتفاع أسعار الحبوب المستخدمة كعلب ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء والبيضاء.
على عكس البلدان المغاربية الأخرى، تواجه الجزائر أيضًا أزمة إمدادات الحليب، الذي يوفر ما يقدر بنحو 16٪ من متوسط مدخول البروتين اليومي - وهو ما يفوق اللحوم الحمراء واللحوم البيضاء والبيض مجتمعة، والتي تمثل 10.24٪ فقط.
في عام 2017، كان لدى الجزائر (ثاني أكبر مستورد للحليب عالميًا) حوالي 200000 بقرة حلوب، ولكن في عام 2021، تحتاج البلاد إلى أكثر من مليون بقرة لتلبية الطلب الحالي على الحليب من الإنتاج المحلي فقط.
في عام 2020، شهد الاقتصاد الجزائري انكماشًا بنسبة 4.6٪ في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، مع انخفاض صادرات البلاد من النفط الخام والغاز الطبيعي المسال بنحو 30٪ .
مع انخفاض الدينار بشكل مطرد من 118 مقابل الدولار الأمريكي في 1 يناير 2019 إلى 138 في نهاية أكتوبر 2021، سيصبح من الصعب على الجزائر تغطية التكاليف المتزايدة لوارداتها الغذائية ودعمها.
ندرة المياه هي التحدي الأساسي بالنسبة للجزائر، في عام 2012، كان سحب المياه الجوفية العذبة 3 مليار متر مكعب، لكنه قفز إلى 8.1 مليار متر مكعب في عام 2017 لتلبية الاحتياجات، وإن كان 30% يفقد منه بسبب البنية التحتية ويترسب الطمي في سدوده، لذلك بدأت التوسع في محطات تحلية مياه البحر، وأوصلت عددها لـ11.
يشترك المغرب في العديد من تحديات الأمن الغذائي نفسها التي تواجهها تونس والجزائر، وقد بلغ متوسط ثلاث سنوات لانعدام الأمن الغذائي المعتدل إلى الشديد في المغرب من 2018 إلى 2020 - 28٪.
في عام 2008، أطلقت المملكة خطة المغرب الأخضر، وهو برنامج متعدد الأوجه يمتد من 2010 إلى 2020 لتعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية من خلال زيادة إنتاج الصادرات الزراعية عالية القيمة، وقد نجح المشروع في زيادة قيمة الصادرات الزراعية للبلاد بنسبة 117 ٪ إلى ما يقرب من 3.5 مليار دولار وخلق 342،000 فرصة عمل جديدة
بسبب تركيز البرنامج على الزراعة التصديرية، واصل المغرب تقليص مساحة الأراضي الزراعية المخصصة لإنتاج الحبوب حتى 59%، مما دفعه لاستيراد 54% من الحبوب من الخارج.
مع تحديث طرق الإنتاج وإدخال أصناف جديدة تتحمل ظروف المناخ، كان إنتاج القمح لعام 2021 ثلاثة أضعاف إنتاج عام 2020 الذي ضربه الجفاف وأعلى بنسبة 58٪ من متوسط إنتاج 2016-2020.
لذلك زادت الحكومة رسوم استيراد القمح بنسبة 135% على القمح الطري و170 على القمح الصلب، مما أدى لارتفاع أسعار الخبز، فعلقت الحكومة الرسوم.
تجاوز إنتاج المغرب من الشعير السنوات السابقة بهامش أوسع. بعد أن توقعت بالفعل أن يكون عام 2021 عامًا قياسيًا للإنتاج المحلي من القمح،
سعت الرباط إلى زيادة تعزيز القطاع من خلال فرض رسوم استيراد بنسبة 135٪ على القمح الطري الأجنبي في أبريل 2021 ورسوم استيراد بنسبة 170٪ على القمح الصلب في يونيو 2021.
يخطط المغرب لاستدامة الإنتاج الزراعي للتصدير والاستهلاك، لكنه يواجه مشكلة ارتفاع درجة الحرارة والجفاف التي تساهم في تآكل التربة في حوالي نصف الأراضي المغربية، خصوصًا أن 16% من الأراضي الزراعية تروى من السدود المحلية، مما يتسبب في أن يكون إنتاج الحبوب شديد التقلب وعرضة للأحداث المناخية.
يواجه المغرب التحدي المتمثل في معالجة ترسب الطمي في سدوده الكبيرة القديمة، والتي تشهد معدل ترسب يبلغ 75 مليون متر مكعب في السنة، لذلك بدأت الرباط في بناء خمسة سدود كبيرة جديدة بسعة تخزينية إجمالية تبلغ 525 مليون متر مكعب، بالإضافة لمشارع تحلية مياه البحر.
الحالة الهشة للأمن الغذائي في المغرب العربي (معهد الشرق الأوسط)