وسط التطورات في تونس، يظهر التخوف من عودة الهجمات الإرهابية انتقامًا مما تعتبره حركة النهضة الإخوانية “محاولة إقصاء” و “انقلاب على الشرعية”،
السيناريو حدث في مصر بعد إسقاط حكم الإخوان في 2013.
ما طبيعة العلاقة بين حركة النهضة و التنظيمات الإرهابية في تونس؟ وهل تعود إذا أقصيت حركة النهضة من المشهد؟
س/ج في دقائق
ما دور حركة النهضة في إعادة الإرهاب إلى تونس ؟
انتعشت الحركة الجهادية في تونس منذ 2011، حيث استغلت جماعة أنصار الشريعة – فرع القاعدة في البلاد – الإطاحة بحكم الرئيس زين العابدين بن علي، وما تبعه من عفو عن السجناء الجهاديين، في زيادة أعضائها.
في تلك الفترة، أطلقت سلطات تونس سراح حوالي 1200 جهادي، من بينهم 300 من ذوي الخبرة في ارتكاب جرائم الإرهاب في أفغانستان والجزائر والعراق والصومال واليمن.
في 2012، أظهرت جماعة أنصار الشريعة أولى مؤشرات العنف، خلال احتجاج أمام السفارة الأمريكية في تونس العاصمة يوم 14 سبتمبر، ضد فيلم وصف بالمسيء للنبي محمد،
إذ حولت المظاهرة إلى أعمال شغب وحاولت اقتحام السفارة كما جرى في الجارة ليبيا التي شهدت في نفس اليوم مقتل السفير الأمريكي كريس ستيفنز وثلاثة دبلوماسيين آخرين.
لم تكتف الترويكا الحاكمة بقيادة حركة النهضة بالتباطؤ في اتخاذ إجراءات صارمة ضد أنصار الشريعة.. بل سمحت للتنظيمات المتشددة بالسيطرة على مئات المساجد، وتجنيد أتباعها للانضمام إلى داعش في سوريا والعراق، وكذلك التمرد في المناطق النائية.
جهاديون بثوا شريطا مصورا يدعون فيه المسؤولية عن تنفيذ هجمات ضد نشطاء عالمانيين وشخصيات سياسية، ومنها اغتيال شكري بلعيد ومحمد براهمي.
لكن حكومة النهضة حظرت أنصار الشريعة!! كيف يتهمها خصومها بدعم التنظيم؟!
تصنيف حكومة الترويكا التونسية لجماعة أنصار الشريعة كمنظمة إرهابية تأخر حتى أغسطس 2013.
خلال السنتين السابقتين، كان التونسيون الذي اعتنقوا الفكر الجهادي قد بدأوا في الاحتراف الدولي، حيث ذهب 3,000 منهم إلى العراق وسوريا، و1,500 إلى ليبيا المجاورة، وانضم معظمهم إلى داعش.
الإرهابيون المحترفون عاودوا شن هجمات إرهابية في تونس انطلاقًا من ليبيا، بينها ثلاث هجمات واسعة النطاق في 2015 و 2016: في متحف باردو، ومنتجع في سوسة، ومحاولة الاستيلاء على بن قردان، وهي مدينة على طول الحدود التونسية الليبية.
طالما أن النهضة ساعدت الإرهاب.. لماذا لم تصحح حكومات تونس التالية الخطأ؟
بوصول باجي قائد السبسي وحكومة نداء تونس إلى السلطة بعد انتخابات 2014، حاولت حكومة تونس بالفعل تغيير المسار، بجهود تكثفت منذ 2016 لتفكيك الشبكات المحلية التابعة لداعش، ومواجهة محاولة التمرد منخفض المستوى الذي أطلقه الفرع المحلي للقاعدة.
ظل خطر نشاط الإرهاب “الذي خلق بنية تحتية بين 2011 – 2014” مرتفعًا حتى 2019.
لكن تحسين قدرة الحكومة التونسية على مكافحة الإرهاب وتنسيقها، فضلًا عن إعطاء الأولوية لأمن الحدود، ساهم في تقليل عدد الهجمات الإرهابية وشدتها.
ولماذا 2019 بالتحديد؟
كان النصف الأول من 2019 – أواخر حكم السبسي قبل وفاته – الأقوى في مكافحة الإرهاب في تونس بعدما شهد:
1- تصفية أمير كتيبة “جند الخلافة” الموالية لداعش، حسام الثليثي.
2- زيادة المساعدة الأمنية الأمريكية ورفع التعاون مع الولايات المتحدة والمجتمع الدولي لمواصلة إضفاء الطابع المهني على أجهزة تونس الأمنية.
* 10 يناير: صدق البرلمان على تعديلات قانون مكافحة الإرهاب وغسل الأموال، ليشمل تعريفًا قانونيًا للجرائم الإرهابية، ويوسع صلاحيات اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب، لتشمل تجميد أموال المشتبه بهم.
* 17 مايو: أصدرت الحكومة مرسومًا تنفيذيًا لإجراءات مجلس الأمن الدولي حول مكافحة الإرهاب.
في النصف الثاني من العام، وبعد فوزها بأكثرية المقاعد البرلمانية، اعترفت حركة النهضة صراحة بأخطاء التعامل الأول مع التنظيمات الجهادية بين 2011 و 2014، كما أعلنت التزامها بما وصفته بـ “الديمقراطية الإسلامية” بدلًا من الإسلاموية. لكنها لم توضح الفارق عمليًا.
أين الأماكن الأكثر حساسية في مواجهة الإرهاب في تونس ؟
يرى معهد الشرق الأوسط أنه من المرجح أن تعود الهجمات الإرهابية على أهداف مدنية؛ لأنها الوجه الأكثر وضوحا لمشكلة الأمن في تونس حيث يهدف الإرهابيون للتأثير على صناعة السياحة الحيوية وقطاع الاستثمار في البلاد.
الخطر الإرهابي قد يأتي بعيدًا عن ساحل البحر الأبيض المتوسط المتحضر في تونس، وتحديدًا من سلسلة الجبال على طول حدود البلاد مع الجزائر، حيث تقود الجماعات المسلحة تمردًا ضد الحكومة، لذلك ليس من المستغرب أن يكون المتمردون قادرين على زعزعة استقرار جيوب في المناطق النائية في تونس.
انتشار الإرهاب في تونس وفق نصائح السفر من الخارجية البريطانية
مع تسبب وباء كورونا والأزمة الاقتصادية المصاحبة له في انكماش الاقتصاد التونسي بنسبة 7% العام الماضي، قد تتفاقم المشاكل القائمة، وهو ظرف مشابه للظرف الذي مهد الطريق لثورة 2011، مما قد يؤدي إلى زيادة تأجيج المشاكل الأمنية في تونس وزعزعة استقرار انتقالها السياسي، لكن ذلك سيعتمد على ما يحدث في الجوار التونسي، لا سيما في الجزائر وليبيا.
في المقابل، صارت الأجهزة الأمنية في تونس أفضل جهوزية، و تطورت تسليحًا وتخطيطًا، مما قد يجعلها تحسم المواجهة مع الإرهاب على المدى الطويل.