ساعات ساعات .. بعاقبك آه بشتاقلك لا .. كيف تمرر علاقة مثلية في فيلم مصري؟ | خالد البري

ساعات ساعات .. بعاقبك آه بشتاقلك لا .. كيف تمرر علاقة مثلية في فيلم مصري؟ | خالد البري

16 Feb 2022
خالد البري رئيس تحرير دقائق نت
مصر
رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك
حجم الخط

الأفلام المصرية لم تخل أبدًا من تقديم شخصيات مثلية الهوية الجنسية. أحيانًا بوضوح، وأحيانًا بإيحاءات، وأحيانًا بمبالغات وأشكال كوميدية.

موجة السينما النظيفة استخدمت القبلات “المثلية”، كما المزاح الجنسي المثلي، كبديل عن القبلات بين رجل وامرأة. فعلت ذلك بمواقف يؤدي فيها رجل دور امرأة. أحيانًا تنكرًا – مثل محمد سعد في فيلم كركر – أو كشخصية مستقلة، مثل علاء ولي الدين في الناظر..

كمية الملامسات وهز الوسط بين الذكور في السينما النظيفة تفوق مثيلاتها بين الذكور والإناث. ولا تستدعي اعتراضًا.

ربما لا تستدعي اعتراضًا لأن كمية الملامسات بين الذكور في مجتمعنا مريبة، من تشبيك الأصابع، إلى وضع اليد على الكتف، والأنكجة، وإسناد الرأس على كتف الصديق. كلها ملامسات مثلية في أي مجتمع آخر. وقلما تجدها بهذا الشكل بين الذكور في الطبيعة.

إن كانت الملامسات والإيحاءات والشخصيات المثلية موجودة في مجتمعنا المنغلق على علاقات الذكور والإناث، وموجودة في الفن الذي ينتجه هذا المجتمع.

فما الغائب؟

الغائب هو الصدق في التعاطي معها.

إن أظهر الفيلم شخصية مثلية فلا بد أن تكون نهايتها مأساوية. باعتباره شخصًا منحرفًا ضالًا مغويًا، يجب أن ينال جزاءه.

أو يجب أن يظهره بصورة كاريكاتورية قلما تراها في الواقع من حولك. بطريقة تشوش فكرتك عن أصحاب الميول الجنسية المثلية، وترسخ الاعتقاد بأنهم كائنات فضائية.

بهذا الشكل صار لدينا نقيضان يبستران المتفرج العادي:

1- لدينا إنتاج عالمي صار متاحًا في كل بيت، يعطي أولوية لمواضيع الهوية الجنسية بشكل يفوق ما تمر به في المجتمع من حولك. وهذا تماشيًا مع تمدد سياسات الهوية (جندرية وعرقية ودينية) بالدعاية اليسارية.

2- ولدينا إنتاج محلي يقدم لك لك طرحًا غير واقعي أيضًا، فيه الشخص المثلي حامل خطيئة بمحض وجوده في العالم، وفي انتظار مأساة “تعاقبه” جزاءً وفاقًا. وهذا تماشيًا مع ترويج الطبيعة الجوهرية للإنسان من خلال الدعاية الدينية. حيث شقاء الإنسان وسعادته محددة سلفًا لأمر جوهري ثابت فيه. وخد عندك، أي شخص لا يوافق المتدين بطبعه فهو ملعون. حتى وإن كان في الميزان الواقعي أكثر نفعًا لنفسه ومن حوله من المتدين بطبعه.

وهي صورة لا نراها أيضًا في حياتنا الواقعية. لو كان من دائرة أصدقائك ومعارفك أشخاص مثليون جنسيا سترى أن مجتمع الميول الجنسية كغيرها من المجتمعات فيه من كل شيء. الجيد والطيب والقبيح والشرس والكريم والبخيل والنشيط والمتكاسل.

حضور الهوية الجنسية في مجتمع المثليين مرتبط ارتباطًا عكسيًا بمدى التضييق الذي يواجهه بسبب تلك الهوية. بينما في الأحوال العادية فالهوية الجنسية في أي إنسان حاضرة في حيزها الطبيعي. وهو أمر مشابه لأصحاب الميول الجنسية الغيرية. حيث الجنس حاضر بشدة في المجتمعات المنغلقة، وحاضر في حيزه الطبيعي في المجتمعات السمحة.

لا ينزعج المجتمع إذن من كل السلوك المثلي الذي أنتجه، لكنه ينزعج فقط من “المشاعر” بين شخصين مثليين. حتى وإن كان هذان الشخصان في ما سوى ذلك شخصين عاديين تمامًا، يمارسان حياتهما الطبيعية بسعاداتهما وعقباتها.

أو لعل المجتمع ينزعج من “العادية”. العادية التي تفوت فرصة لـ “معاداة” جديدة وعدو جديد.

المجتمع الواعي بطبعه يقدم لك الوصفة: كي تمرر علاقة مثلية في فيلم فلا بد أن تكون نهايتها مأساة. ولا بد أن يكون أبطالها مجرمين. وقتها نتسامح مع القصص بالعبرة.

ومرة أخرى: هذه نفس وصفة السينما النظيفة للعلاقات بين الذكور والإناث. إما ناشئة في الحرام، أو معاقبة كالحرام.

خناقة سرمدية أزلية أبدية مع أي احتمال لسعادة إنسان لن يضرنا في شيء.

رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك

موضوعات متعلقة

التعليقات (0)

يجب عليك .. تسجيل الدخول أو التسجيل لتتمكن من التعليق.

تعليقات الفيسبوك