ولد محمد حسين طنطاوي سليمان في 31 أكتوبر 1935، في القاهرة
شهدت العاصمة المصرية بعد أيام قليلة من ميلاده مظاهرات نوفمبر 1935، للمطالبة برحيل كامل للقوات البريطانية عن مصر، وإعادة العمل بدستور 1923،
وصفت حينها بـ “أول انتفاضة وطنية وأكثرها عنفًا وشعبية منذ الثورة المصرية 1919”.
في العام التالي مباشرة، سقطت الحكومة، فتولى علي ماهر السلطة، ليعيد العمل بدستور 1923، ويعلن إجراء انتخابات برلمانية، بينما تسعى بريطانيا لتهدئة الشارع، فتعلن استعدادها لعقد معاهدة تحالف مع مصر، بما تكلل بتوقيع معاهدة 1936.
وفي نفس العام، توفي الملك فؤاد، وانتقل العرش إلى فاروق.
التحق طنطاوي بالكلية الحربية لإعداد ضباط القوات المسلحة عام 1952.. نفس العام الذي اندلعت فيه حركة الضباط في 23 يوليو، فأطاح تنظيم الضباط الأحرار بالنظام الملكي، وتسلموا السلطة في النظام الجمهوري الجديد.
تخرج منها في الأول من أبريل 1956، فبدأ دراسته للحصول على درجة الماجستير في العلوم العسكرية، وأصبح ضابطًا بالجيش ضمن سلاح المشاه،
في نفس العام أعلن جمال عبد الناصر تأميم قناة السويس، لتندلع معركة السويس “المعروفة بالعدوان الثلاثي”، ويشارك طنطاوي في القتال، محتفلًا بعيد ميلاده الثاني والعشرين خلال الصراع.
شارك طنطاوي في معارك يونيو 1967 ضد إسرائيل، ثم حرب الاستنزاف بين عامي 1969 و1973.
لكن دوره ظهر خلال حرب 1973، حيث قاد فوج المشاة السادس عشر الذي استولى على رؤوس الجسور على الضفة الشرقية لقناة السويس ودمر معظم الأهداف الإسرائيلية في المنطقة.
وفي تسجيل نادر، قال طنطاوي إن الفوج 16 مشاة كان من أوائل من عبروا القناة ونشر قناصة مضادة للدبابات ورفع العلم المصري على الضفة الشرقية قبل عبور الجزء الرئيسي من القوات.
واستمر الفوج نفسه في الخروج منتصرًا من معركة “المزرعة الصينية” الشهيرة، والتي اشتبكت خلالها الدبابات المصرية والإسرائيلية لمدة ثلاثة أيام، فيما توصف بأحد أكثر المواجهات شدة في حرب أكتوبر.
بعد حرب أكتوبر، حصل على نوط الشجاعة العسكري، ثم انتقل ملحقًا عسكريًا لمصر في باكستان، في ما تصفه الميديا الغربية بـ “اختيار لدور مهم بالنظر إلى الروابط السياسية والعسكرية بين البلدين”
في هذا العام كانت باكستان تمر بتحولات سياسية وعسكرية: بعض المصادر الباكستانية تتحدث عن اندلاع “معركة حربية سرية” لم ينكشف كثير من تفاصيلها للعلن مع الهند،
عاد طنطاوي إلى الجيش المصري مجددًا، وتدرج في المناصب، حتى أصبح قائد الجيش الثاني الميداني 1987، ثم قائد الحرس الجمهوري 1988، إلى أن عين رئيسًا لهيئة عمليات القوات المسلحة، ومن هذا المنصب شارك في حرب تحرير الكويت عام 1991.
لا نعرف بالتحديد طبيعة مشاركة طنطاوي في الحرب. لكن ما نعرفه أنه استحق عنها ثلاثة من أوسمة تحرير الكويت، نالها من مصر، والكويت، والسعودية.
انتهت الحرب بنهاية فبراير 1991. وبعد أقل من 3 أشهر، أقيل وزير الدفاع المصري يوسف صبري أبو طالب، في مايو 1991، فترقى طنطاوي ليصبح وزير الدفاع، القائد العام للقوات المسلحة، برتبة فريق،
ثم بعدها بشهر أصدر الرئيس المصري حينها، محمد حسني مبارك، قرارًا جديدًا بترقيته إلى رتبة الفريق أول، قبل أن يُصدر قرارًا جمهوريًا جديدًا بترقيته إلى رتبة المشير ووزيرًا للدفاع والإنتاج الحربي في 4 أكتوبر سنة 1993.
بهذا التعيين، سيبقى طنطاوي في المنصب 21 عامًا، ليعاصر معظم سنوات مبارك في السلطة.
خلال سنوات حكم مبارك، كان الرئيس الأسبق يرفض تعيين نائب للرئيس. لكن صباح يوم 26 يونيو 1995 كان يحمل واقعة مهمة: محاولة اغتيال مبارك في أديس أبابا.
“ماذا كان سيحدث لو نجحت محاولة الاغتيال؟”، بحسب دانيال سوبلمان. أستاذ مساعد العلاقات الدولية في الجامعة العبرية في القدس، وجه مسؤول إسرائيلي رفيع هذا السؤال إلى نظرائه المصريين حينها، فكانت الإجابة قاطعة: “وزير الدفاع طنطاوي “بلا شك” سيصبح الرئيس القادم”.
خلال فترة توليه منصب وزير الدفاع، عارض طنطاوي التغييرات الهيكلية للجيش ووظائفه على أساس النظريات الغربية.
في برقيات السفير الأمريكي حينها في القاهرة، فرانسيس ريتشاردوني، التي نشرها موقع ويكيليكس، ظهر طنطاوي في عدة إشارات حول علاقته بمبارك، والطريقة التي ينظر بها إلى العالم.
إحداها وصفته بـ “الجامد في نموذج كامب ديفيد وغير المرتاح للتحول الأمريكي إلى الحرب العالمية على الإرهاب بعد 11 سبتمبر 2001”.
بحسب البرقية، وصف ريتشاردوني طنطاوي بـ “المسن والمقاوم للتغيير. الكاريزماتي والمهذب. أ
ضاف أن العسكري المخضرم الذي خاض 3 حروب ضد إسرائيل “ملتزم بمنع حرب أخرى على الإطلاق”. لكنه أيضًا “جامد في نموذج كامب ديفيد وغير مرتاح لتحولنا إلى ما بعد 11 سبتمبر”.
بالتالي وصفه بـ “أحد العوائق الرئيسية لتغيير طبيعة العلاقة الأمنية مع الولايات المتحدة”.
مذكرة السفير كانت بالأهمية التي دفعت طنطاوي للقيام برحلة بعدها مباشرة إلى أمريكا، حيث التقى بمسؤولين كبار، سعيًا للحصول على تأكيدات بأن الولايات المتحدة لن تعمل على اشتراط أو خفض المساعدة العسكرية لمصر في المستقبل،
كما حث الولايات المتحدة على ممارسة نفوذها على إسرائيل لتخفيف الأزمة الإنسانية في غزة.
داخليًا، رأت برقيات السفارة الأمريكية، طنطاوي، “نافذًا في الحكومة، معارضًا للإصلاحات الاقتصادية والسياسية التي اعتبرها تقوض سلطة الحكومة المركزية، مهتمًا بشكل كبير بالوحدة الوطنية، ورافضًا للمبادرات السياسية التي يرى أنها تشجع الانقسامات السياسية أو الدينية داخل المجتمع”.
ركزت البرقيات على خطاب طنطاوي في 9 مارس 2008 ، الذي قال فيه إن أحد أدوار الجيش هو حماية الشرعية الدستورية والاستقرار الداخلي، ما اعتبرته “خطابًا يكشف استعداده لاستخدام الجيش للسيطرة على جماعة الإخوان.
وفي ما يتعلق بالإصلاح الاقتصادي، قالت إن طنطاوي يعتقد أن الخطة تعزز عدم الاستقرار الاجتماعي من خلال تقليل ضوابط الحكومة المصرية على الأسعار والإنتاج.
باندلاع احتجاجات 25 يناير 2011، رقي طنطاوي إلى منصب نائب رئيس الوزراء، مع الاحتفاظ بقيادة الجيش. وترأس لأول مرة اجتماعًا للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، بثت منه لقطات على الهواء مباشرة، في غياب مبارك نفسه.
بعد 18 يومًا من اندلاع الاحتجاجات، تنحى مبارك في 11 فبراير 2011، وتسلم المجلس الأعلى للقوات المسلحة بقيادة طنطاوي إدارة شؤون البلاد، فحل البرلمان، وأجرى استفتاء على تعديل الدستور، وفتح محاكمات نظام مبارك.
لم تسر المرحلة الانتقالية بهدوء، فشهدت أحداثا دموية، ثم وصل محمد مرسي إلى السلطة في 1 يوليو 2012، وسريعًا ما وقع هجوم رفح.
صدر قرار مفاجئ في 12 أغسطس 2021، بتعيين طنطاوي مستشارًا للرئيس، مع إعفائه من منصب وزير الدفاع، الذي انتقل إلى اللواء عبد الفتاح السيسي، بعد ترقيته إلى رتبة فريق.
بعد إقالته، ظل طنطاوي بعيدًا عن الأنظار إلى حد كبير. لم يظهر علنًا إلا في ظهور نادر خلال افتتاح قناة السويس الجديدة في 2015، بعدما تولى السيسي رئاسة مصر، بعد الإطاحة بنظام الإخوان.
توفي طنطاوي يوم الثلاثاء 21 سبتمبر 2021، عن عُمر 85 عامًا، وأعلن الحداد الرسمي لثلاثة أيام، وقرر السيسي تسمية قاعدة الهايكستب العسكرية باسمه.
ووصفه السيسي في نعيه بأنه “رجل من أخلص أبناء مصر وأحد رموزها العسكرية، وقد تولى مسؤولية إدارة دفة البلاد في فترة غاية في الصعوبة تصدى خلالها بحكمة واقتدار للمخاطر المحدقة التي أحاطت بمصر”.
خلال الشهور التي تولى فيها قيادة مصر، واجه طنطاوي أزمتين؛ أولاهما سلسلة الأحداث الدامية وسط الاضطرابات السياسية التي أعقبت يناير 2011، واضطراره لتسليم السلطة لرئيس الإخوان.
لكن السيسي بدا حريصًا على توضيح موقف سلفه. فقال في تصريحات متلفزة: “والله. هذا الرجل بريء من أي إراقة دماء، في محمد محمود وماسبيرو أو ستاد بورسعيد أو المجمع . كان سببًا حقيقيًا في حماية مصر من السقوط في هذه المرحلة”.
وقال السيسي إن طنطاوي كان قلقًا بشأن حكم التاريخ على سجله كرجل سلم السلطة لجماعة الإخوان التي يتزعمها مرسي في 2012، لأنه كان يفهم الضرر الذي قد يسببه حكم هذه الجماعة لمصر، لكن التقييم حينها منحصر بين سقوط الدولة أو تولي هذا الفصيل للحكم”.
في أبريل 2022، عاد طنطاوي إلى دائرة الضوء بعد أشهر من وفاته، مع بث المسلسل المصري “الاختيار 3” لتسجيل اجتماع جمع المشير محمد حسين طنطاوي، رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة حينها، مع المرشح الرئاسي حينها، محمد مرسي، هدد فيها الأخير بـ “حرائق لن ينجح أحد في إطفائها” إن لم تعلن لجنة الانتخابات الرئاسية فوزه.
النتائج ظهرت فورًا على مؤشر زيارات صفحة طنطاوي على موقع ويكيبيديا الإنجليزية، كما يظهر في الصورة.
وسيرة طنطاوي الذاتية متاحة حاليًا في 45 لغة مختلفة على ويكيبيديا (ارتفاعًا من 44 لغة في 2019). ويحل في المرتبة 2751 بين أكثر السياسيين شعبية على المنصة (ارتفاعًا من 2838 في 2019) ، والسيرة الذاتية رقم 144 الأكثر شعبية من مصر (ارتفاعًا من 153 في 2019) والمرتبة 68 بين أكثر صفحات السياسيين المصريين زيارة.
المشير طنطاوي الذي حكم مصر بعد الإطاحة بمبارك توفي عن عمر يناهز 85 عامًا (france24)
محمد طنطاوي الرجل الذي كان ملكا (theafricareport)
وفاة الحاكم العسكري السابق لمصر طنطاوي (reuters)
بروفايل محمد حسين طنطاوي (BBC)
المشير طنطاوي: وزير الدفاع المصري السابق “المقاوم للتغيير” (BBC)
محمد حسين طنطاوي (مؤشر زيارات ويكيبيديا)
جمال مبارك رئيسًا لمصر؟ (منتدى الشرق الأوسط)
المشير محمد حسين طنطاوي (جلوبال سيكيوريتي)