تسريب جديد يتضمن تسجيلًا صوتيًا من ثلاث ساعات لوزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في مقابلة كان يفترض أن يتأجل نشرها إلى حين خروجه من الحكومة ترصد ما خفي من إدارة الملفات في إيران.
تسريب ظريف ركز على تدخلات قاسم سليماني الذي كان يفرض شروطه على وزير الخارجية دون نقاش، وقال إن الدبلوماسية قليلة الحيلة في إدارة ملفاتها التي أوكلت إلى الحرس الثوري.
وزير الخارجية الإيراني قال إن ساحة المعركة كانت الأولوية المطلقة دائمًا للنظام، الذي أنفق الكثير من الأموال بعد الاتفاق النووي لتتمكن إيران من المضي قدمًا في عملياتها الحربية”.
س/ج في دقائق
ماذا كشف تسريب ظريف عن دور قاسم سليماني والحرس الثوري؟
يقول جواد ظريف إن دوره كوزير للخارجية كان “صفرًا” لأن النظام الإيراني يعتبر أنه يخوض حربًا باردة، ولذلك، قرر التضحية بالدبلوماسية من أجل ساحة المعركة، وفرض سياسات الحرس الثوري على وزارة الخارجية.
وأشار تسريب ظريف إلى تدخلات القائد السابق لفيلق القدس قاسم سليماني في تحديد سياسة إيران الخارجية، قائلًا: “لم أتمكن أبدًا من توجيه سليماني وغيره لسلوك معين لأستغله في الدبلوماسية. في كل مرة أذهب فيها للتفاوض كان سليماني هو الذي يقول إنني أريدك أن تأخذ هذه الصفة أو النقطة بعين الاعتبار. كنت أتفاوض من أجل نجاح ساحة المعركة”.
واستشهد ظريف بضغوط قاسم سليماني التي زادت الرحلات الجوية من إيران إلى سوريا 6 أضعاف في يونيو 2016، رغم تحذيرات واشنطن، بما ألحق أضرارًا بنسبة 200% على الدبلوماسية الإيرانية.
وفق تسريب ظريف حاولت روسيا تعطيل اتفاق إيران النووي 2015 بيد قاسم سليماني.
يضيف أن زيارة قاسم سليماني إلى موسكو في الأشهر الستة الأخيرة قبل التوقيع كانت محاطة بأحداث متتالية حاولت تعطيل الاتفاق، كان آخرها الهجوم على السفارة السعودية في ديسمبر من ذلك العام، مؤكدًا أن الزيارة جرت دون أي سيطرة من الخارجية الإيرانية وبهدف تدمير إنجازها بإرادة روسية.
وأشار تسريب ظريف إلى محاولات أخرى لروسيا للطعن بالاتفاق النووي في الأسابيع الأخيرة من توقيعه، خاصة في مجال وقود محطة بوشهر النووية.
ظريف قال إنه أهان نظيره الروسي سيرجي لافروف خلال المفاوضات، عندما سأله الأخير إن كانت التعليمات قد وصلته من طهران بشأن احتمال وقف التفاوض.
وأشار إلى العلاقة بين الحرب والدبلوماسية في سياسات النظام الإيراني، قائلاً: “لقد أنفقنا الكثير من المال، بعد الاتفاق النووي، حتى نتمكن من المضي قدماً في عملياتنا الميدانية”.
بحسب تسريب ظريف الأخير، “معظم هيكل وزارة الخارجية شأن أمني” خصوصًا معظم سفراء إيران في المنطقة.
ظريف قال إن “جماعة في إيران لها مصلحة في جعل كل شيء أمنيا، لأن دورهم سيبرز”، مشيرا إلى أن “هذه الجماعة أقلية يتمتعون بالقدرة على تأجيج الأوضاع، إضافة إلى قدرتهم على خلق موجة هائلة”.
وزير الخارجية الإيراني أكد جهله بالعديد من القضايا الإقليمية التي يتولى الحرس الثوري مسؤوليتها، مستشهدًا بمعلومة هجوم إسرائيل على إيران 200 مرة في سوريا، والتي عرفها فقط من نظيره الأمريكي السابق جون كيري، ووصول معلومات الهجوم على قاعدة عين الأسد الأمريكية في العراق قبل أن يعلم بها هو.
اعترف ظريف باستهدف الحرس الثوري للطائرة الأوكرانية التي سقطت بالقرب من طهران بعد اغتيال قاسم سليماني مباشرة.
قال إن المسؤولين العسكريين والأمنيين كانوا على علم باستهداف الطائرة، لكن الحاضرين في اجتماع مجلس الأمن القومي تعاملوا معه بحدة بعد طرحه سؤالا حول إطلاق الصاروخ.
وقال ظريف إنه عندما سألهم بعد 3 أيام من استهداف الطائرة نفوا الأمر وطلبوا منه نفيه عبر تويتر.
وأضاف أنه قال خلال الاجتماع المذكور: “انظروا، أنا وزير الخارجية، ومن المفترض أن أبرر ذلك، ولكن لا أحد يلتفت لي”.
ماذا قال ظريف عن الصراع الداخلي في النظام الإيراني؟
تحدث تسريب ظريف عن الخلاف السياسي في الداخل الإيراني، قائلًا إن فئة ما تعرقل عمل الحكومة لتأتي بعد 6 أشهر وتفتخر بحل المشكلات.
وأشار ظريف إلى اتهامه بالخيانة، مطالبًا بشهادة الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله حول مدى ثوريته.
وتحدث عن توزيع الأدوار بين أركان النظام الإيراني، قائلا: “كلنا ثوريون مثل المرشد، لكن تم تقسيم المهام؛ أحدنا يكون دبلوماسيًا والآخر عسكريًا أو اقتصاديًا، قوة إيران في ثوريتها”.
بالنسبة للمسؤولين الإيرانيين، فإن التحدث علنًا ضد الحرس الثوري، أو عملياته العسكرية في المنطقة، والتي يعتبرها كبار القادة الإيرانيين حيوية لبقائهم، يمكن أن يكون له ثمن.
وأهمية هذا التسريب أنه في وقت التفاوض على العودة للاتفاق النووي.
حيث زاد احتمال التوصل إلى اتفاق جديد مع الولايات المتحدة من تعقيد السياسة الداخلية الإيرانية قبل الانتخابات الرئاسية في 18 يونيو التي ستنهي حكومة حسن روحاني بعد فترتين في المنصب، ويجهز الإصلاحيون ظريف لخلافته.
يقول محللون إنه إذا قبل ظريف دعوة الإصلاحيين للترشح، فقد يغير قواعد اللعبة، ويعتقد المحافظون المتمركزون بشكل أساسي في الحرس الثوري والقضاء والبرلمان – أن بإمكانهم الفوز بسهولة في صناديق الاقتراع إذا لم يرشح نفسه.
ورغم أن الملف المسرب- والذي طلب ظريف ألا ينشر أجزاء منه أبدًا- لن يستخدم لعزل ظريف من منصبه الآن، إلا أنه قد يستخدم لتنحيته عن الأدوار السياسية.
موضوعات متعلقة
