حزب الله وحلفاؤه يعانون انتكاسة في نتائج الانتخابات اللبنانية 2022 هي الأولى منذ أكثر من 10 سنوات. ربما تكون النتيجة متوقعة لأن الناخبين سئموا الفقر والحرب والفوضى.
لكن لبنان بلد مختلف في القراءة السياسية للنتائج. لأن حزب الله ليس مجرد متنافس سياسي، بل وكيل يسيطر على البلد سياسيًا وعسكريًا واقتصاديًا عبر تشكيل مسلح أقرب لتوصيف المافيا، مباشر أو عبر الشركاء السياسيين.
س/ج في دقائق
ماذا تخبرنا نتائج الانتخابات اللبنانية 2022 إجمالًا؟
عانى حزب الله وحلفاؤه مما يمكن وصفها بـ “انتكاسة” في الانتخابات اللبنانية 2022.
حلفاء حزب الله “تيار 8 آذار” جمعوا 60 مقعدًا، نزولًا من 71 في البرلمان المنتهية ولايته. بينما حصدت قوى 14 آذار، 36 مقعدًا، نزولًا من 48، في نتيجة اعتبرت إيجابية؛ بالنظر لمقاطعة تيار المستقبل، الذي كان يشغل 21 مقعدًا.
ومن إجمالي 128 مقعدًا، توزعت المقاعد المتبقية بين مستقلين “محسوبين على تيارات قائمة وإن انشقت عنها”، ومحسوبين على تيار المستقبل الذي قاطع الانتخابات رسميًا، ووجوه تظهر لأول مرة، وما يوصف بـ “لوائح المجتمع المدني” و”قوى التغيير” التي يفترض أنها انبثقت عن مظاهرات “كلن يعني كلن” وحصدت 16 مقعدًا.
الفيديو التالي يوضح تقسم الكتل بحسب النتائج النهائية:
كيف يمكن قراءة النتائج؟
صحيح أن حزب الله وحلفاءه خسروا الأغلبية. لكنها لم تذهب لمعارضيه الواضحين.
لذلك، لا تعكس نتائج الانتخابات اللبنانية 2022 وجهة واضحة لما بعد الانتخابات، بعدما لم يضمن أي طرف، لا الأغلبية النيابية، ولا كتلة تصويتية واضحة لترجيح كفته في أي قرار مهم يتعلق بالاستحقاقات التالية، خصوصًا اختيار رئيس مجلس النواب، وتشكيل الحكومة، ثم انتخاب رئيس الجمهورية لاحقًا.
تقاسم حزب الله وحركة أمل كل المقاعد المخصصة: حزب الله: 16 (13+3) / حركة أمل: 15، بلا تغيير تقريبًا عن الانتخابات السابقة، باستثناء تبديل ولاءات المستقلين الشيعة بين الحركتين الرئيسيتين.
مع ذلك، يبقى التأكيد أن حزب الله خسر بعض مقاعده داخل الدوائر الشيعية، وإن عوضها في أماكن أخرى.
2- التمثيل المسيحي:
تصدر حزب القوات بـ 20 مقعدًا، ارتفاعًا من 16 في انتخابات 2018، و8 فقط في الانتخابات التي سبقتها. بالمقابل، اكتفى التيار الوطني الحر بـ 18 مقعدًا، نزولًا من 29 في 2018.
بإمكان سمير جعجع أن يستند على تلك التفصيلة عندما يحين موعد انتخاب رئيس الجمهورية؛ باعتبار أن العادة جرت على أن يملك صاحب أعلى تمثيل للموارنة أحقية تحديد اسم المرشح.
3- التمثيل السني:
كانت المفاجأة أن حزب الله عوض بعض خسائره بتحقيق مكاسب في المناطق السنية التي تصوت عادة لمرشحين مدعومين من سعد الحريري. صحيح أن أغلب مرشحيه فشلوا، لكنه اقتنص مقاعد في مناطق سنية في النهاية.
خسر حلفاء سوريا التقليديون جميع مقاعدهم، الموزعة على جميع الطوائف، بشكل مفاجئ.
أبرز الخسائر كانت الأرثوذكسي إيلي الفرزلي، نائب رئيس مجلس النواب الحالي، والسني فيصل كرامي، ورئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي، أسعد حردان، في معقل حزب الله بجنوب لبنان، والنائبين الدرزيين المخضرمين طلال أرسلان ووئام وهاب في الجبل.
خبير الانتخابات مارون صفير قال إن الناخبين صوتوا تكتيكيًا لاختراق معاقل حزب الله الشعبية، وإضعاف حليفه المسيحي الرئيسي، والقضاء على “رعايا سوريا سيئي السمعة”.
وصول ممثلين عن حركة الاحتجاج 2019، للبرلمان إنجاز “لهم”؛ بالنظر إلى أنهم دخلوا الانتخابات اللبنانية 2022 بجهود فردية، دون تنسيق، في مواجهة تهديدات من قبل الأحزاب الرئيسية الراسخة، وما يصفونه هم بمحاولات تزوير.
بحسب واشنطن بوست، هذا يعتبر رسالة قوية إلى ساسة الطبقة الحاكمة، قد توازن احتفاظ أغلب السياسيين القدامى بمقاعدهم رغم الانهيار الاقتصادي.
لكن هذا “التفتيت” قد يعقد الأمور أكثر؛ باعتبار أن مهمة الحكومة الجديدة الأولى ستكون االتفاوض مع صندوق النقد الدولي للعمل على إخراج لبنان من أزمته الاقتصادية، وصياغة قوانين جديدة تتعلق بالوضع الحالي، مثل قانون ضوابط رأس المال.
مساعد وزير الخارجية الأمريكي السابق لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر، قال بوضوح إنه ليس متفائلًا بالنتائج، ولا يعتقد أن الإدارة الأمريكية يجب أن تراهن عليها؛ باعتبارها تبني “نظامًا معطلًا”.
عكس كل المرات السابقة، لم تضمن الانتخابات اللبنانية 2022 لرئيس مجلس النواب الحالي وزعيم حركة أمل نبيه بري، منصبه للمرة الثامنة، إلا إذا كان، على الأقل، مستعداً للمساومة مع الدرزي وليد جنبلاط ورئيس حزب القوات سمير جعجع، اللذين تعهدا لناخبيهما أنهم لن يسمحا ببقاء بري.
إذا قررت جميع قوى المعارضة رفض بري واتخذت خطوة مختلفة بالاتفاق على مرشح جديد، قد يرى مجلس النواب أخيرًا رئيسًا. هذا قد يغير الكثير، خصوصًا علاقة أمل بحزب الله.
لكن التحدي يبقى قائمًا حول التوافق على مرشح شيعي آخر، حسبما ينص الدستور؛ باعتبار أن جميع النواب الشيعة أعضاء في حزب الله وأمل.
هناك بديل آخر أمام حزب الله.. السلاح؟
تتمثل سياسة إيران في العثور على جماعات سياسية يمكن إمدادها بالسلاح.
إن كانوا في السلطة – مباشرة أو من وراء ستار – ينتهجون طريق “التقوقع – سرقة الموارد بما يؤدي للإفلاس”.
إن خرجوا منها فاللوم دائمًا على حلفاء أمريكا وإسرائيل، بما يوفر ذريعة للعودة لخانة “المقاومة” ثم استعادة السيطرة بالسلاح، أو بتعبير المحلل سيث جيه فرانتزمان: “تربح إيران أكثر عندما تنهار الدول”.
السؤال هو ما إذا كان حزب الله سيقبل فشله في الانتخابات اللبنانية 2022 أو سيثير صراعًا جديدًا لتشتيت الانتباه. في الماضي، اغتال حزب الله منتقديه، مثل لقمان سليم.
والسؤال الآن: هل من الممكن أن تبدأ موجة جديدة من الاغتيالات إذا كانت تخشى انتقاد منتقدين في لبنان؟