أسبوع واحد من الانقلابات السياسية في باكستان: رئيس الوزراء عمران خان يلجأ لخطوة غير مسبوقة في 3 أبريل 2022، بحل الجمعية العامة؛ للالتفاف على اقتراح سحب الثقة الذي طرحته المعارضة، فتعيد المحكمة العليا البرلمان لسلطاته في 7 أبريل، فيقرر في منتصف ليل 10 أبريل، الإطاحة بخان من السلطة.
فما أسباب الإطاحة بخان؟
وما تبعات ذلك على باكستان؟
س/ج في دقائق
ما الذي أدى لرحيل عمران خان؟
الإجابة المباشرة: الفساد – سوء الإدارة.
القشة التي قصمت ظهر عمران خان كان الغضب الموجه ضده في مقاطعات مختلفة، خصوصًا البنجاب.
هناك، كان رئيس حكومة الإقليم عثمان بوزدار، مساعد خان المقرب، متهمًا بالفساد منذ وصول رئيس الحكومة للسلطة في 2018، لكنه ظل يحظى بدعم حليفه للنهاية، رغم “حملة مكافحة الفساد التي أطلقها.
ومع تجدد الاتهامات مؤخرًا، وصلت الانقسامات ضد خان إلى داخل حزبه، لينضم النواب المنسحبون إلى المعارضة، وتتفجر الأزمة.
اقتصاد باكستان يكافح لتجنب خطر الإفلاس الذي يبدو قريبًا – خصوصًا بعد حرب أوكرانيا – مع عجز تجاري وديون متزايدين، وتضخم يتجاوز 12%، وانخفاض متراكم لقيمة العملة بأكثر من 50% في 5 سنوات.
حقيقة الأزمة أن جزءًا كبيرًا من إيرادات باكستان تمول بالديون الخارجية. ومع قلة المتحمسين للإقراض، وإطلاق الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني (CPEC)، تزايدت أزمة الديون.
نعم. باختصار فشلت حكومة عمران خان في تلبية طلبات صندوق النقد الدولي الإصلاحية، مثل خفض عجز الموازنة، وتحسين التشريعات المصرفية والضريبية، وتقليص الدعم تدريجيًا، وتحرير سعر الصرف.
الصين – المقرض التقليدي بأكثر من 25% من ديون باكستان الخارجية – رفضت منحها أي مساعدات جديدة. لتعتمد الحكومة بشكل متزايد على السعودية، بسعر فائدة أعلى بكثير يناسب حجم مخاطر الإقراض.
السعودية إذن أقرب أوراق الحل.. كيف ترى التغيرات الجديدة؟
الإجابة تنقسم لجزئين:
1- في خطاب التنصيب، لمح رئيس وزراء باكستان الجديد، شهباز شريف، إلى “إيماءة سعودية هادئة” بتمرير ترشيحه للمنصب.
2- تأخرت السعودية 5 أيام بعد أداء اليمين، قبل تهنئة شريف.
ماذا يمكن أن نفهم من “تأخير الأيام الخمسة”؟
عمر كريم، زميل مساعد مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، يشير لـ “عامل خارجي” يتعلق بمزاعم عمران خان غير المثبتة حول وجود مؤامرة أمريكية للإطاحة به؛ فاختارت السعودية التأني قليلًا للتثبت.
عمران خان حاول الضغط على السعودية باستمرار باللعب على وتر مسائل حساسة مثل أفغانستان وفلسطين، حتى أصبح “مزعجًا” للسعودية
يفترض والحال هكذا أن تكون الرياض سعيدة برحيله، مقابل خلفه شريف “الأقل صخبًا وأكثر ودًا”، بوصف سامي حمدي، رئيس قسم المخاطر السياسية في إنترناشونال إنترست،
رغم ذلك، فإن الرياض، التي كانت تنسق مع أبو ظبي، لتجنب الضغوط الأمريكية في ملفات أخرى، لم تكن لتقبل أن تخضع باكستان لضغوط واشنطن في ملف الإطاحة بعمران خان، خصوصًا أن السعودية ستحتاج باكستان أقرب من أي وقت مضى حين تتلاشى الضمانات الغربية.
“وجه سياسة باكستان الخارجية مستوحى من جيشها”. والجيش لم يكن سعيدًا بأجندة عمران خان الخارجية، بحسب عمر كريم.
يستدل على ذلك بعلامات التوتر التي بدت واضحة خلال حوار إسلام أباد الأمني، أبريل 2022، بين خان والقائد العسكري قمر جاويد باجوا.
خلال الحوار، انتقد باجوا الغزو الروسي لأوكرانيا، متقربًا لواشنطن من أجل تزويد باكستان بأسلحة. لكن هذا تعارض مع موقف خان، الذي كان أول زعيم أجنبي يزور روسيا بعد الغزو.
هذا ترك فجوة ثقة كبيرة بين حكومة خان والجيش، فقرر الجيش “التزام الحياد” والنأي عن الأزمة، رغم أنه كان داعم خان الرئيسي للوصول لرئاسة الحكومة في الماضي. وهذا في حد ذاته موقف
وهل ترتد الأزمة السياسية على الجيش نفسه؟
السيناريو ليس مستبعدًا، خصوصًا أن عمران خان لم يرفع الراية البيضاء.
يتوقع مراقبون أن ينقل خان المعركة إلى الشوارع. واحتمال تحول النزاع إلى عنف ليس مستحيلًا، خصوصًا مع استمرار تعثر الاقتصاد، وصعوبة تعامل حكومة ائتلافية من أحزاب ذات أيديولوجيات متناقضة، مع الملفات الرئيسية التي عقدتها الحرب في أوكرانيا أصلًا.
في هذا الوضع، ليس مستبعدًا أن يجد عمران خان أنصارًا داخل الجيش، مع متعاطفين مع نظرته للتعامل وازدرائه للتحالف الذي خلفه في الحكم.
تصبح الأمور أعقد حين نعرف أن قائد الجيش سيترك منصبه بنهاية 2022، مع الحاجة لاختيار خليفته أو اللجوء لخيار التمديد له. هذا قد يؤدي إلى أزمة داخل القيادة العليا، مدعومة باحتمال وارد للغاية بأن يعارض خان التمديد من مقاعد المعارضة. ليصبح الخيار الأخير هو “المرشح التوافقي” مع كل الآثار المترتبة على ذلك.
هل تخرج السعودية مستفيدة من هذا التوتر؟
مدى فعالية شهباز شريف في التواصل مع الرياض يستحق المراقبة، باكستان بحاجة إلى السعودية لتجاوز مخاوفها الاقتصادية المستوطنة، لكن السعودية أيضًا تريد من باكستان ما هو أكثر.
ومع النضوب السريع لاحتياطيات النقد الأجنبي، سيعتمد شريف على مساعدات السعودية مثل سلفه. قد يكون ثمن هذا موقفًا أكثر صرامة من إيران، التي لم تهنئ رئيس الوزراء الجديد؛ لأنها تتوقع حكومة “تميل بقوة نحو السعودية”.
موضوعات متعلقة
نسخة للطباعة
