السعودية تتحدث عن قطاع خاص قوي كأحد أهداف رؤية 2030 عبر برنامج الخصخصة.
الكلام سهل! لكن التنفيذ أصعب. جربتها فعلًا في مطاحن الدقيق في 2011 ولم يتحقق الهدف إلا بعد 9 سنوات. هذه المرة، تقول الرياض إنها تأخذ الأمر بجدية أكبر، وإنها تستهدف تنفيذ 160 صفقة خصخصة في عام واحد.
ربما كان المحللون ليأخذوا الأمر بجدية أقل، لولا بيع حصة صندوق الاستثمارات العامة الأخير في شركة الاتصالات السعودية (STC) الأكبر والأكثر ربحية في قطاع الاتصالات الإقليمي.
كيف اتجهت السعودية للخصخصة؟
ولماذا بيع أسهم الاتصالات دليل على اتجاه أكبر؟
وأخيرًا، ربما تخرج الحكومة رابحة من الخصخصة.. لكن، ألن يتضرر المواطن السعودي؟
س/ج في دقائق
لماذا اختارت السعودية تسريع الخصخصة مؤخرًا؟
تاريخيًا، كانت الحكومة الفاعل الأساسي في اقتصاد السعودية. لكن رؤية السعودية 2030 تستهدف توسيع القطاع الخاص، لينطلق برنامج الخصخصة في 2018، بهدفين:
1- فتح الأصول المملوكة للدولة للقطاع الخاص.
2- خصخصة خدمات حكومية مختارة.
وتقول الحكومة السعودية إن برنامج الخصخصة يركز بين أهدافه على خفض التكاليف – تعزيز القدرة التنافسية لمواجهة المنافسة الإقليمية والدولية – جذب الاستثمار الأجنبي المباشر، – تحسين ميزان المدفوعات.
لماذا كانت الخصخصة السعودية أوضح في قطاع البنوك؟
كما أشرنا في النقطة السابقة، مواجهة التنافسية الإقليمية أحد أهم أهداف الخصخصة في السعودية.
لذلك، ركزت “عبر اندماجات البنوك الأصعر” على إنشاء بنوك بالحجم والكفاءة المطلوبين لتقديم المشورة وإجراء الترتيبات المالية المعقدة؛ سعيًا لتجاوز دبي باعتبارها المركز المالي الإقليمي الأول، وتطوير مصرف وطني قادر على منافسة العملاقين الإقليميين: بنك قطر الوطني وبنك أبوظبي الأول.
البنوك الوليدة اكتسبت خبرة تستغلها السعودية حاليًا في عمليات الخصخصة والاكتتابات العامة، خصوصًا البنك الوطني السعودي.
وبعدما كانت البنوك الأجنبية هي المدير الرئيسي والمستشارة المالية في العقدين الماضيين، قادت البنوك المحلي الاكتتابات العامة الأولية الأخيرة، وبينهم أرامكو في 2019، وشركة الطاقة أكوا باور والبورصة السعودية “تداول” في 2021.
ومؤخرًا، ظهر البنك الأهلي السعودي بين المستشارين الماليين في بيع أسهم شركة الاتصالات السعودية.
لماذا يعتبر بيع أسهم الاتصالات مؤشرًا على اتجاه أكبر؟
بعد عام صعب بسبب جائحة كورونا وانهيار أسعار النفط بما دفع صندوق الاستثمارات العامة لشراء ديون حكومية، يعتبر معهد الشرق الأوسط أن بيع الصندوق لأسهمه في شركة الاتصالات السعودية جزء من استراتيجية استثمارية أكبر تستهدف تحرير رأس المال لتمويل برامج الخصخصة والتنويع الاقتصادي، بعدما باع سابقًا حصة 30٪ في تداول مقابل مليار دولار، و11.1٪ في أكوا باور مقابل 1.21 مليار دولار.
حصيلة البيع ستمنح الصندوق 5.4 مليار دولار، سيستغلها في إعادة الاستثمار بالقطاعات المستهدفة، بما في ذلك التصنيع والسياحة والطاقة المتجددة.
بالمقابل، ستكون المبيعات الثلاثية لحظة فاصلة لبرنامج الخصخصة في السعودية بعدما توقف بسبب الجائحة.
وفي 2022، تنوي السعودية طرح أكثر من 160 مبادرة خصخصة، تشمل الفنادق المملوكة للحكومة، وأبراج البث التلفزيوني، ومحطات التبريد وتحلية المياه.
الخصخصة في السعودية تعثرت سابقًا.. ألن تتعثر هذه المرة؟
التوقعات تشير للعكس.
التغييرات الحالية في السعودية تجري بموجب قانون جديد لمشاركة القطاع الخاص – يشار إليه غالبًا باسم “قانون الخصخصة” – يبسط خصخصة القطاعات المستهدفة بإزالة متطلبات الموافقات والإعفاءات.
هذه أخبار جيدة؛ لأن عمليات خصخصة مطاحن الدقيق، كمثال، والتي وافقت السعودية على بيعها لأول مرة في 2011، لم تكتمل إلا 2020 بسبب تعقيد الإجراءات.
ويتوقع تحليل أمواج، في ظل هذه الخلفية، أن يكون بيع أسهم شركة الاتصالات السعودية مبشرًا بمزيد من مبادرات الخصخصة في المستقبل القريب؛ حيث تأمل الرياض في جمع 55 مليار دولار أمريكي من صفقات الخصخصة حتى 2025؛ تنفسم إلى 38 مليار دولار من مبيعات الأصول، و16.5 مليار من الشراكات بين القطاعين العام والخاص.
بالعودة إلى قطاع البنوك نفسه.. هل تطاله الخصخصة مستقبلًا؟
البنوك حاليًا من أكثر المؤسسات ربحية في السعودية. وصندوق الاستثمارات العامة يملك حصصًا مهمة فيها.
الحال نفسه ينطبق على بنك قطر الوطني (يملك صندوق الثروة القطري 50% من أسهمه) وبنك أبوظبي الأول (يملك صندوق الثروة الإماراتي 33.3% من أسهمه) .
لذلك، لا ترجح التوقعات أن يتخلى صندوق الاستثمارات العامة عن حصته البالغة 37% في منافسهما الإقليمي القادم من السعودية (البنك الأهلي السعودي)؛ باعتباره سيكون في قلب مبادرات الخصخصة.
بالمقابل، سيبيع الصندوق أسهمه في البنوك الأصغر؛ لزيادة رأس المال المطلوب لإنجاح المبادرة.
لكن الخصخصة تعني أن يخسر الناس وظائفهم.. أليس كذلك؟
عضو الرابطة الدولية للمحامين، ديمة طلال الشريف، تقول إن الخصخصة ستخلق مزيدًا من فرص العمل في السعودية مع تحسين مستوى الخدمة العامة؛ باعتبارها طبيعة المنافسة.
تضيف أن السعوديين سيحتاجون لمزيد من التأكيدات بشأن الأمن الوظيفي. لكن الاستمرارية مضمونة لمن يثبتون قدرتهم على الأداء الجيد والالتزام باللوائح وتحقيق الأهداف الموضوعة لكل موظف؛ لأنه لكي تنجح الخصخصة يجب أن يحدث تغيير في طريقة تشغيل وإدارة المشاريع العامة.
موضوعات متعلقة
