عام جديد يطل، ننتظر فيه من هوليوود الكثير. لكن أفلامًا معينة ترفع سقف التوقعات، ويصبح المطلوب معها أكثر من مجرد فيلم مسلٍ، بالنظر لأسماء وتاريخ مبدعيها.
يصبح المطلوب باختصار: علامة سينمائية.
هنا جولة مع أبرز أفلام منتظرة من هذه النوعية في 2023. مع ملاحظة أن الترتيب هنا عكسي (من الأقل في سقف توقعاتي للأعلى).
في المجمل، لم أشارك الغالبية إعجابهم بالفيلم الأول من Dune لأسباب عديدة مذكورة في مراجعة الفيلم.
لكن، إذا حافظ مخرجه دينيس فيلنوف على نفس مستوى المهابة البصرية والصوتية، وأفلت الجزء الثاني من أهم مشكلات الجزء الأول، وهي التكدس الدرامي، وتراكم الشخصيات وفقرات التعريف بها (وهو المتوقع هنا)، قد يكون في انتظارنا عمل أفضل يجبرنا على إعادة النظر للتجربة ككل.
باربي هي الدمية الأشهر في عالم البنات، وغير واضح حتى الآن كيف سيقدم الفيلم هذه الأيقونة.
ربما هي قصة على غرار بينوكيو الذي يرغب أن يكون حقيقيًا؟ أو قصة عن باربي الدمية التي تصطدم بعالمنا الواقعي القاسي المختلف تمامًا عن حياتها الجميلة السهلة البراقة؟ ربما العكس؟ أطفال من عالمنا يتسللون لعالم باربي الخيالي؟!
ليست كلها أسطورية: حقيقة سانتا كلوز وكرامبوس.. دراكولا والهالوين | الحكاية في دقائق
لا أحد يعلم حتى الآن حبكة الفيلم. وحماسي بالأساس سببه المخرجة والمؤلفة جريتا جيروج، وزوجها وشريكها في التأليف (نواه باومباك). كلاهما موهوب في صناعة قصص بسيطة عن البشر، واضطراباتهم في العلاقات.
في Lady Bird مثلًا قدمت جيروج رؤية خلابة لمشكلات المراهقات، وعلاقاتهم بأسرهم.
وفي Marriage Story قدم باومباك الطلاق الزوجي وكل ما ينتج عنه من مشاكل وصراعات، برؤية متعاطفة ومتفهمة.
Marriage Story.. لماذا نحتاج قصص حب عن الطلاق؟! | ريفيو | حاتم منصور
باربي تبدو باختصار فرصة ذهبية، ليضع كلاهما بصمته العميقة على عالمنا وتعقيداته الاجتماعية والعاطفية، عبر شخصية أيقونية تجارية ستجذب الملايين حتمًا للمشاهدة.
الحماس يزداد مع وجود مارجو روبي في دور البطولة، وريان جوسلينج في دور كين صديقها. كلاهما ضمن أفضل الممثلين في جيله.
لشركة بيكسار تاريخها في صناعة حواديت تعمل على عدة مستويات للمتلقي، وتخاطب فيه بأبسط الطرق وأكثرها شاعرية، أغرب وأعقد الأفكار عن الحياة، وهو ما تحقق في أفلام أشهرها Up – Inside Out – Soul
Soul | روح بيكسار تعود في أفضل حالاتها – الحياة الآخرة في أسئلة الحياة الدنيا| حاتم منصور
هنا تعود بيكسار لنفس الملعب الفلسفي، مع طاقم أبطال يتضمن الماء والهواء والنار والتراب؛ العناصر الأربعة التي اعتبرها الإغريق قديمًا، مفتاح الفهم لكل شيء في حياتنا ماديًا ونفسيًا.
هذا عرض يصعب رفضه بالتأكيد.
اعتذار ستيفن سبيلبرج عن إخراج هذا الفيلم، بعد 4 أجزاء سابقة من إبداعه، كان أولها عام 1981 نقطة آثارت قلق كثيرين.
لكن وجود جيمس مانجولد كبديل نقطة تدعو للتفاؤل. للرجل تاريخه في اتباع مدرسة هوليوود القديمة، بل هو واحد من أقلية في جيله، ممن صنعوا فيلم ويسترن.
هذا مبشر؛ لأن الشكوى الرئيسية لعشاق إنديانا جونز، من الفيلم الرابع المعروض عام 2008 كانت بخصوص عناصر التحديث التي اتبعها سبيلبرج بصريًا ودراميًا، وعلى رأسها الجرافيك المكثف في مشاهد المطاردات والمعارك.
والنقطة الثانية التي خجل البعض من الحديث عنها وقتها، لكن يصعب إنكارها، كانت كبر سن هاريسون فورد.
العظماء السبعة: نجوم لا يجوز استبدالهم في هوليوود | حاتم منصور
أمام جيمس مانجولد إذن دروس مستفادة من الفيلم الرابع، ويبدو مبدئيًا أن الفيلم الخامس تفادى واحدة منها، بفضل تقنيات الـ De-aging المخصصة للتلاعب بعمر وأشكال الممثلين، التي ستسمح لهاريسون فورد بتقديم الدور بهيئة شابة خلال مقاطع من الأحداث.
نجح هذا الرهان سابقًا في فيلم سكورسيزي الأيرلندي The Irishman لكنه في النهاية فيلم يقدم شخصيات لا نعرفها، على عكس شخصية إنديانا جونز.
الأمور هنا أعقد، وأمامنا محاولة لا تخلو من شجاعة من مانجولد، ومغامرة قد تضعه ضمن دائرة الكبار في هوليوود، أو تطرده خارجها.
قدم برادلي كوبر أوراق اعتماده كمخرج وسيناريست منذ 4 أعوام في فيلم مولد نجمة A Star Is Born الذي قام ببطولته، وهنا يقدم تجربة ثانية مرتبطة أيضًا بعالم الموسيقى، ويُنتظر فيها منه الكثير سواء كمخرج أو ممثل.
مولد نجمة ومخرج وأوسكارات أيضًا في A Star Is Born
الأحداث عن قصة حياة الموسيقار الأسطوري الأمريكي ليونار بيرنستاين، ورحلة صعوده للقمة، والمثير هنا أن كلا من سبيلبرج وسكورسيزي عمل لفترة على اعداد الفيلم بغرض اخراجه، وبالتالي يمكن القول أن برادلي كوبر يحمل بين يديه بالتأكيد مشروعًا مهمًا ونواة لفيلم ممتاز.
يصعب توقع شيئًا مبتكرًا على صعيد الحبكة والدراما، في أفلام سلسلة المهمة مستحيلة. لكن المنهج الكلاسيكي الذي نفذ به السيناريست والمخرج كريستوفر ماكويري الجزء السادس الأخير Fallout يستحق الإشادة، ولا يخلو من بصمة تأثر بمنهج كريستوفر نولان في إخراج الأكشن.
كيف حقق توم كروز المستحيل في Mission: Impossible – Fallout؟
ألاعيب جرافيك أقل ما يمكن، مقابل تفضيل للمدرسة القديمة القائمة على التصوير أمام الكاميرا، وهو ما ازداد فاعلية بفضل إصرار توم كروز على تنفيذ مشاهد المخاطرات بنفسه.
كروز وصل أيضًا لقمة النضج والتركيز كمنتج في فيلمه الأخير توب جان مافريك وإذا ورث الجزء القادم من المهمة المستحيلة نفس المزايا، سيصبح أمامنا بالتأكيد علامة من علامات الأكشن.
اسم المخرج ديفيد فينشر كفيل وحده لتبرير الظهور في قائمتنا، خاصة أنه يعود هذه المرة لأجواء التشويق والجريمة التي برع فيها، في عمل يكتبه أندور كيفين ووكر، السيناريست الذي كتب له سابقًا فيلمه الشهير سبعة Se7en.
يزداد الحماس بالتأكيد مع وجود ممثل بمستوى مايكل فاسبندر في دور البطولة.
رغم شهرة الفرنسي نابليون بونابرت كشخصية تاريخية مهمة، لكنه لم ينل حتى الآن نفس الحظ من العلامات في تاريخ السينما.
فاز نابليون في فيلمه الجديد مبدئيًا بممثل موهوب اسمه واكين فينكس، يستطيع أن يقدم للشخصية ما يثبت في الذاكرة.
ويزداد الحماس مع وجود مخرج مخضرم في وزن ريدلي سكوت، الذي يعود هنا للتعاون مع فينكس بعد مرور 20 سنة على أول تعاون مشترك بينهما في فيلم المصارع Gladiator.
في عيده الـ 20.. كيف غير “المصارع” هوليوود للأبد؟ | حاتم منصور
أفلام ريدلي سكوت التاريخية متذبذبة المستوى دراميًا. لكن يمكننا أن ننتظر منه بثقة مستوى فخمًا ومهيبًا بصريًا للمعارك والحروب، وهي أجواء سيتضمنها الفيلم حتمًا.
يصعب مقارنة المخرج والمؤلف كريستوفر نولان بأي من أبناء جيله. للرجل الآن تاريخ استثنائي، وسجل متواصل من النجاحات سواء على المستوى الفني، أو على مستوى شباك التذاكر.
نظريًا، يبدو أوبنهايمر كفيلم سيرة ذاتية عن عالم الفيزياء الأمريكي روبرت أوبنهايمر، الملقب بأبي القنبلة النووية، بسبب دوره في ابتكار هذا السلاح الفتاك أثناء الحرب العالمية الثانية.
حدث ذات مرة في عقل كريستوفر نولان.. لكن لم يحدث على الشاشات | حاتم منصور
لكن مع نولان الطموح دومًا، سيصبح التحدي الأكبر والأهم هنا، هو نسج ما سبق، داخل ملحمة تملك كافة عناصر الإبهار البصري والسخاء الإنتاجي، وتمنح الفيلم أنيابًا ومخالب للنهش في شباك التذاكر خلال الصيف، أمام تركيبة هوليوود المنافسة المعتادة (أفلام الأكشن والسوبرهيروز ومطاردات السيارات).
وعلى عكس أفلامه الأخيرة، التي تتضمن أجواءً يسهل دمجها مع الأكشن، وتحريكها مع عجلات هوليوود، مثل غزو الفضاء (إنترستيللر)، والمعارك الحربية (دونكرك) وصراعات الجاسوسية (تينيت) يبدو فيلمنا هنا كلغز أكبر، ومحطة أكثر تعقيدًا للدمج.
ريفيو Tenet | رصاصة في اتجاهين بين عقيدة بوند وتعقيد نولان | حاتم منصور
يشارك في الفيلم كيليان ميرفي في الدور الرئيسي، بالإضافة إلى قائمة ثقيلة الوزن تتضمن إيميلي بلانت – روبرت داوني جونيور – مات ديمون – فلورنس بيو – رامي مالك.
هذه قائمة تبشر وحدها أيضًا بالكثير.
سكورسيزي ودي نيرو.. سكورسيزي ودي كابريو. هذه ثنائيات فنية ننتظر منها الكثير؛ لأنها قدمت سابقًا علامات مهمة.
هنا، ولأول مرة، يجتمع هذا الثلاثي في فيلم واحد، مقتبس من رواية بنفس الاسم تدور في عالم الجريمة في عشرينيات القرن الماضي.
#نتفرج_بعدها_نحكم؟ لسكورسيزي وسبيلبرج وبيكسار رأى آخر | حاتم منصور
تلامس القصة التاريخ الأمريكي. ويمكن القول أن هذا المشروع امتداد لمنهج سكورسيزي في تشريح المجتمع الذي يصنع العنف والجريمة، على غرار قائمة أعماله التي تضمنت أيقونات مثل:
Taxi Driver – Goodfellas – Cape Fear – Gangs of New York – The Departed – The Irishman
بالنظر للنجوم المشاركين، وللعناوين السابقة، فالمؤكد أن الجمهور لن يرضى بمستوى أقل من سكورسيزي، وأن فيلمه الجديد يملك غالبًا ما يكفل له غزو حلبات الأوسكار.