24ساعة من فوضى أنصار مقتدى الصدر أجابت السؤال الصعب: من يحكم العراق؟

24ساعة من فوضى أنصار مقتدى الصدر أجابت السؤال الصعب: من يحكم العراق؟

8 Sep 2022
العراق
رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك
حجم الخط

24 ساعة من الفوضى عاشها العراق في نهاية أغسطس 2022.

تلك الأحداث كانت كافية للإجابة عن واحد من أصعب الأسئلة في العصر الحديث: من يحكم العراق؟ استمع للبودكاست من هنا، أو واصل القراءة إن أردت.


تحديدًا .. ماذا حدث في العراق؟

في حدث لم يشهده العراق من قبل؛ وفيما وصفه بأنه أكثر الأحداث عنفًا في العاصمة العراقية “بغداد” منذ سنوات، أعلن رجل الدين الشيعي “مقتدى الصدر” اعتزاله العمل السياسي.

لحظات وانتشر أنصار مقتدى الصدر في شوارع بغداد في حالة هياج تام، وسرعان ما اقتحموا المنطقة الخضراء شديدة التحصين، ولم يتركوا أي مقر رسمي للدولة إلا واقتحموه، أما بالدرع البشري أو المسلح.

24 ساعة من الفوضى كانت كافية لتوضيح أن الأمر خارج عن سيطرة الجميع، بما فيهم “نوري المالكي” الذي سبق وهدد مقتدى الصدر بمعارك لا تبقي ولا تذر، في تسريب ظهر من أسبوعين قبل تلك الفوضى.

خلال تلك الأحداث، قُتل أكثر من 21 شخص وأُصيب 250 آخرون، في ظل صمت تام لـ مقتدى، فما وصفته “سي إن إن” بأنه “فسحة مجانية” أتاح فيها الفرصة لأنصار التيار الصدري بفعل ما يريدونه، ليخرج عليهم بعد ذلك في مؤتمر صحفي غريب يأمرهم بالانسحاب.

انسحاب مقتدى الصدر | بعد قلب الطاولة.. هل ينتظر العراق مرحلة أصعب؟ | س/ج في دقائق


لماذا اختار مقتدى الصدر مخاطبة أنصاره من وراء الشاشات؟

بالنظر لتلك الرسالة شديدة الخصوصية -إن افترضنا أنها مقصودة فعلًا- يمكن القول أن هناك أكثر من وسيلة تواصل مباشرة وغير مباشرة بين الصدر والمعتصمين دون توجيه هذا الإنذار من وراء الشاشات. هنا، نتحدث عن تيار يملك ماكينة انتخابية دقيقة منحته الفرصة للدخول في البرلمان، على الرغم من عدم امتلاكهم عدد كافي من الأصوات الانتخابية على أرض الواقع.

لكن لعبة مقتدى الصدر كانت دقيقة للغاية في إذاعة السر العلني.

الرسالة الحقيقة كانت إثبات أنه المتحكم الرئيسي في العراق. وأنه قادر على استخدام العنف، وحسم الموقف بالسلاح في بضع ساعات، دون أن يخضع نفسه لاحتمال الإدانة.

أراد مقتدى الصدر تذكير كافة الأطراف المتنازعة أن الحكومة ضعيفة تمامًا، وجميع المنافسين في ساحات السياسة والسلاح في العراق وحتى من يدعمهم من الخارج؛ لن يتمكنوا من إيقافه.

بين ناري تمكين السنة أو إيران | هل يحكم مقتدى الصدر العراق منفردًا؟ | س/ج في دقائق


السؤال الأهم هنا.. كيف امتلك مقتدى الصدر تلك القوة؟

لعب الميراث دورًا كبيرًا في هذا الأمر. مقتدى وريث عيلة شيعية بارزة تمتلك شعبية ضخمة بين ملايين الشيعة العراقيين؛ والده آية الله محمد صادق الصدر بنى شعبيته على عدة مواقف مؤثرة، من بينها المعارضة العلنية لصدام حسين وحزب البعث، حتى أُغتيل عام 1999م، ويُعتقد إن نظام صدام هو المدبر لعملية الإغتيال.

في الحقيقة أيضًا، قدرة رجال مقتدى كانت قوية في صياغة شعبيته في ماكينة قادرة على الاستفادة من كافة أحداث العراق؛ لتطوير دوره، من مجرد وريث صغير في السن، لرجل ميليشيات، تمكن من النجاة من الاحتجاجات الشعبية المتتالية، واستفاد منها لترسيخ نفسه كأحد أكثر الشخصيات نفوذًا في العراق.


من المحرك الخفي لمقتدى الصدر؟

الأمر معقد بدرجة تعقيد الوضع في العراق.

في عام 2003م شكل جيش المهدي؛ لمحاربة أمريكا بدعم قوي من إيران، الذي هرب إليها خلال فترة الاحتلال الأمريكي، وعاد للعراق عام 2011م، ومنذ هذا الوقت وضع قناع النضال ضد نفوذ إيران في العراق، ومؤخرًا، بدأ يقدم نفسه باعتباره قومي عراقي.

استخدام هذا القناع الجديد؛ أتاح له الفرصة لتكوين علاقات جيدة مع السعودية والإمارات، بعد أن تجاوزوا عن علاقاته التاريخية مع إيران. أما أمريكا العدو السابق له، ذكر محللون أنها تدعمه بشكل غير مباشر؛ باعتبار أنه يتصدى لنفوذ إيران.

هل يتصدى مقتدى الصدر لنفوذ إيران فعلًا؟


هل يتصدى مقتدى الصدر لنفوذ إيران فعلًا؟

إذا نظرنا للمشهد الحالي في العراق، نجد أنه بدأ نتيجة فوز الصدريين على حساب الكتل الشيعية المدعومة من إيران، لكنهم فشلوا في تشكيل حكومة، فسحب مقتدى كتلته من البرلمان؛ بما ترك الساحة فارغة لوكلاء إيران ليشكلوا الحكومة.

حاول وكلاء إيران تشكيل الحكومة بالفعل، لكن الصدريين أشعلوا احتجاجات عنيفة؛ عطلت حركة تشكيل الحكومة وجعلت الطريق مسدود أمام الجميع.

وسط تلك المشاحنات، آية الله العظمى كاظم الحائري، وهو المرجع الديني للصدريين، كان مقيمًا في إيران. وفي خطوة غير مسبوقة، وبدون أي مقدمات أعلن التنحي عن المرجعية، كما دعا أتباعه للولاء للمرشد الأعلى “علي خامنئي”.

بعدها صرح مقتدى الصدر أن حائري تعرض لعدة ضغوط ولم ينسحب بإرادته، لكنه أعلن بعدها انسحابه هو الآخر.

ملالي العراق يتحالفون مع العلمانيين ضد إيران | هل تسقط الهيمنة الفارسية قريبًا؟ | س/ج في دقائق


ماذا سيحدث إذا انسحب الصدر من المشهد السياسي فعلًا؟

بالتأكيد هذا السؤال افتراضي تمامًا؛ لأن مقتدى الصدر لو أراد الانسحاب بشكل فعلي، لما وقعت المشاحنات في العراق من البداية.

لكن من المؤكد إنه لو انسحب تمامًا، فالشيعة المدعومين من إيران بشكل صريح هيهيمنوا على العراق بشكل كامل، على الأقل في المرحلة الأولى.

بعد ذلك، ستظهر بعض التحليلات المتفائلة التي ترى أن تصدر المدعومين من إيران وسط رأي عام عراقي شديد العداء لإيران؛ يتيح المجال لتكوين أحزاب سياسية جديدة عابرة للطائفية تمثل الشارع.

إجراء انتخابات مماثلة أصلًا سيكون محل شك؛ لأن القوة الحاكمة لن تتفق إلا على تأجيل الانتخابات باعتبارها ضرورة وطنية.

كما إن إمكانية تشكيل هذا النوع من الأحزاب واحتمالية تصويت المواطنين لها، ستظل محل شك.


 

رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك

موضوعات متعلقة

التعليقات (0)

يجب عليك .. تسجيل الدخول أو التسجيل لتتمكن من التعليق.

تعليقات الفيسبوك