علاجات السرطان تتوالى. شركات التكنولوجيا الحيوية تقدم تقارير يومية عن اختراقات علمية في علاج السرطان.
هذا ما نقرأه يوميًا في النشرات المكتوبة بالعربية. وهذا صحيح بالفعل، لكنه ليس دقيقًا تمامًا!
السبب، خطأ في الترجمة؛ إذ تحقق الفتوحات العلمية الأخيرة اختراقات في تحويل السرطان إلى مرض “قابل للتعايش” وليس القضاء عليه تمامًا.
س/ج في دقائق
هل وجد العلماء دواءً شافيًا نهائيًا من السرطان؟
الإجابة لا. هذا لا يقلل من حجم الفتوحات العلمية الأخيرة. لكن من المهم توضيح خطأ حدث في الترجمة إلى العربية.
بالعربية، نترجم Treatment – Cure، إلى “شفاء”. وهذا ليس دقيقًا بالدرجة.
Cure تشير عادة إلى استعادة كاملة للصحة وكأن الجسم لم يصاب بالمرض أصلًا. وهذا ترجمته شفاء.
أما Treatment فتشير إلى القدرة على التعامل مع الحالة وتحجيمها واستعادة التعافي، بما لا يشمل الإزالة الكاملة للمرض، أو تجاوز عواقب الإصابة. وهذا ترجمته “معالجة”.
في حالة السرطان تحديدًا، تندرج الاختراقات الأخيرة تحت بند الـ Treatment.
حتى الأنواع الفرعية “سرطان البروتستاتا” مثلًا تتفرع إلى أنواع أكثر.
كل نوع من السرطان يسلك طرقًا مختلفة في نمو الخلايا، وله آثار ومظاهر متيابنة. ولا تنتج كلها بسبب نفس الطفرات، ولا تستجيب جميعها لنفس نوع العلاج.
كما أن الاختلافات الجينية في كل شخص تجعل كل إصابة بالسرطان تجربة فريدة خاصة بصاحبه، لذلك تعمل بعض العلاجات بشكل جيد مع بعض الأشخاص، بينما لا تعمل مع غيرهم على الإطلاق.
اعترف الباحثون بأن انتشار السرطان لا يمكن التحكم فيه، وأن بإمكانه إصابة كل أعضاء الجسم تقريبًا، وأن الخلايا المتنامية قادرة على غزو النُسج التي تحيط بها، ويمكنها أن تتسبّب في نقائل تظهر في مواضع أخرى بعيدة عن الموضع المُصاب.
اعترفوا كذلك أن الاعتماد على علم التشريح وعلى العلاج الكيماوي رغم صعوبته، لا يمنع احتمالات عودة الإصابة، سواءً في الموضع ذاته الذي ظهر عنده السرطان الأول، أو في جزء آخر من الجسم.
ومن هنا، تحركوا للبحث في طريق مختلف، فتوصلوا إلى أن السمات الجزيئية للورم، مثل سماته الوراثية، ذات أهمية أكثر من المكان الذي بدأ منه النمو، وغيروا فلسفة العلاج، إلى الاعتماد على علم الأحياء، عبر محاولة إدخال متغير ما على الخلايا السرطانية نفسها، ليتمكن الجهاز المناعي من التعامل معها، دون الإضرار ببقية الخلايا السليمة.
نجحت العلاجات الجديدة – على الأقل – في تحويل السرطان من حكم بالإعدام إلى مرض عادي يمكن التعايش معه، مثل مرض السكري.
لا يمكن ببساطة استئصال أورام بعض الأشخاص تمامًا، لكن يمكن وقف تقدم المرض، وبالتالي يعيش المريض فترة أطول، كما لو أنه شفي.
كتب مؤلفو ورقة بحثية نُشرت عام 2020 في مجلة Cancers: “إن علاجات السرطان المستقبلية لن تقتل السرطان، بل ستحوله إلى مرض مزمن يمكن التحكم فيه، بدلاً من التركيز فقط على إيجاد علاج كامل له”.
هذا يعني أن التوصيف الصحيح لما يقوم به العلماء تجاه السرطان هو “معالجة”، التعامل معه، محاولة إيجاد أمل للتعايش، لا حرب على عدو للقضاء عليه.