طقس الشرق الأوسط والعالم عمومًا يتحول إلى شتاء أكثر قسوة.
مصر مثلًا، التي كانت تعرف بجوها الـ “دفيء ممطر شتاء” تتجه إلى تغيير مناهجها الدراسية لتصبح “بارد ممطر شتاء” بسبب درجات الحرارة غير المسبوقة في الانخفاض.
علماء الأرصاد يلقون باللوم في تطرف شتاء الشرق الأوسط على ظروف الطقس “الغريبة” في القطب الشمالي، بجانب الارتفاع الضخم في درجات الحرارة صيفًا!
فكيف سافرت أجواء الطقس الشمالي كل هذه المسافة لتضربنا نحن في الشرق الأوسط؟
س/ج في دقائق
لماذا أصبح الشتاء شديد البرودة بهذه الدرجة؟
ينسب علماء الأرصاد كل فوضى الطقس هذا الشتاء إلى شيء واحد.. “الدوامة القطبية”.
حول القطب الشمالي، عادةً ما يبقى هواء الشتاء شديد البرودة في نمط دوار بارتفاع 15 إلى 30 ميلًا تدور عكس عقارب الساعة. هذه هي الدوامة القطبية.
عادةً ما تثبت الدوامة القطبية في مكانها بواسطة التيار النفاث، الذي يقع على ارتفاع حوالي 20 ميلًا ويتعرج حول نصف الكرة الشمالي، بما يؤدي إلى طقس يختلف من منطقة لأخرى، لكنه يوصف عمومًا بـ “المعتدل” خارج القطب الشمالي.
لكن في بعض الأحيان، يضعف التيار النفاث والدوامة القطبية، مما يعني أن هواء القطب الشمالي المتجمد ينحرف جنوبًا إلى مناطق تكون عادة أكثر دفئًا خلال فصل الشتاء.. وهذا ما حدث خلال العام الحالي.
نعم. يحدث كثير من الأحيان. لكن خبراء الأرصاد الجوية يقولون إن الدوامة القطبية الحالية هي واحدة من أكثر الدوامات تطرفًا وأكبرها منذ أن بدأ تسجيلها في أواخر الخمسينيات من القرن العشرين.
لماذا مثل هذا التطرف الجوي؟
لا يزال العلماء غير متأكدين تمامًا من السبب. بينما يقول نشطاء المناخ إنه ناتج عن الاحتباس الحراري، يؤكد آخرون أنه نمط طبيعي للطقس العشوائي.
إذا كانت حراراة الأرض ترتفع.. ألا يفترض أن يصبح الشتاء أكثر دفئًا؟
بينما يحذر علماء المناخ من أن انبعاثات غازات الاحتباس الحراري ستتسبب في رفع درجات الحرارة بين درجتين إلى سبع درجات خلال الـ 80 عامًا المقبلة، بما يعني ندرة درجات الحرارة المنخفضة القياسية بمرور الوقت، يجادل بعضهم بأن تغير المناخ لا يؤدي إلى ارتفاع الحرارة بحسب، بل إلى شتاء أكثر قسوة!
ستيفان رامستورف، رئيس قسم أبحاث تحليل نظام الأرض في معهد بوتسدام لأبحاث تأثير المناخ، يذهب إلى أن درجات الحرارة في القطب الشمالي ارتفعت بأكثر من ضعف المعدل العالمي على مدى الأربعين عامًا الماضية، ليضيف دورث هاندورف، باحث فيزياء الغلاف الجوي في معهد ألفريد فيجنر، بأن ارتفاع درجة حرارة القطب الشمالي يكون قويًا بشكل خاص في الشتاء. وهذا تحديدًا ما يضعف التيار النفاث، بما ساعد الهواء المتجمد على الهروب جنوبًا.
هل يفسر ذلك تساقط الثلوج على مناطق لم تعتدها قديمًا؟
نعم. في دورة الطقس المعتادة، ينتج الطقس الحار الرطوبة وبخار الماء، والذي يتحول إلى قطرات لتكوين المطر. وكلما ازدادت الحرارة، زاد البخار في الغلاف الجوي، مما ينتج عنه هطول الأمطار بغزارة، وأحيانًا في فترة زمنية أقصر وعلى مساحة أصغر.
في الأحوال الطبيعية، نادرًا ما تتغير الظروف لتحويل هذا البخار إلى ثلج؛ إذ ينتج الثلج عندما يلتقي الهواء الدافئ الرطب بهواء شديد البرودة.
لكن في هذه المناسبة، جلبت منطقة من الهواء عالي الضغط رياح القطب الشمالي الباردة إلينا، حيث اصطدمت بمنطقتين منخفضتي الضغط تحمل هواء البحر الدافئ جدًا؛ بسبب الصيف الطويل الحار، فتحولت الرطوبة إلى ثلج أينما يكون الجو باردًا بدرجة كافية – عادةً على ارتفاعات أعلى.
مفاجأة: نحن نشعر ببرد أشد لأن الصيف كان أكثر حرارة.. كيف؟!
الإجابة هنا لا تتعلق فقط بشدة بردوة الجو، بل بأجسادنا نحن البشر؛ فعلى عكس أي حيوان آخر، يستجيب جلد الإنسان بسرعة وبدقة لكل من التغيرات في درجات الحرارة الساخنة والباردة، حيث تتمدد أو تنقبض الأوعية الدموية الصغيرة للمساعدة في تبديد الحرارة أو الحفاظ عليها.
في الصيف، تتمدد الشعيرات الدموية لزيادة كفاءة فقدان الحرارة، وفي الشتاء، تتقلص لحماية درجة حرارة الجسم الأساسية، لكن بسبب عدم حدوث تدرج في درجات الحرارة، ومجيء الشتاء فجأة، فإن أجسامنا لا تتكيف مع هذا التغيير، وبالتالي يعرض البرد المفاجئ الجسم للصدمة.
في هذه الفترة، يتقلص الربيع والخريف تدريجيًا نتيحة الارتفاعات والانخفاضات القياسية في حرارة الصيف والشتاء، وبالتالي شعر الناس بقوة الشتاء بمجرد دخوله، لعدم حدوث تدرج معقول ومعتاد بين المواسم.