في خضم الحديث عن المصالحة بين مصر وتركيا، خرج أيمن نور رئيس مجلس إدارة قناة الشرق، التي تبث من تركيا، ليعلن أن هناك لقاء تم بين مسؤولين أتراك وممثلين عن “المعارضة المصرية” في تركيا.
اللقاء، بحسب نور، لم يكن بصدد تلقي تعليمات من الأتراك. بل طلب فيه الأتراك من المصريين الالتزام بالمعايير المهنية ومواثيق الإعلام في تعاملهم مع التغطيات التي تخص بلدهم.
حديث أيمن نور الذي أدلى به لـ بي بي سي عربي كان غرضه أن ينفي تلقي تعليمات من الأتراك، لكنه كشف عما هو أسوأ، عن إقراره بأنه لم يلتزم بالمواثيق المهنية في المجال الذي أتيح لنا فيه أن نرى أداءه وهو “في موقع مسؤولية”. وأنه سيفعل ذلك لأن مصلحة الأتراك صارت في تحقيق توافق مع بلده الأصلي. وما يجري عليه يجري على الآخرين.
لكن كلمة “البعد عن المواثيق الإعلامية” تخفف من مدى فعل هذه القنوات. الموضوع لم يكن مجرد إذاعة خبر بلا مصدر، أو تناول الملفات الشخصية، بل وصل إلى التحريض علىى القتل، وعى تقديم المصلحة التركية علىى مصلحة المصريين. كما سنعرض في هذا الملف.
نظرة أعمق
خلال العقد الماضي، والعقود التي سبقته، تم وضع الأسس. وكان أبرز أسلحة هذا الهجوم خلق أيقونات جماهيرية يمكن استخدامها كرأس حربة في تلك المعركة.. وكان عمود الفن وسفراء القوة الناعمة، في الفن والرياضة والإعلام، أصحاب الاستهداف الأسهل!
ومن ضمن سبل الاستهداف، إيجاد فنانين وإعلاميين ولاعبي كرة ليكونوا نواة العناصر المحلية الداعمة
هؤلاء العناصر كانت مهمتهم الأولى التحريض وزعزعة الاستقرار داخل مصر، والدول العربية، لصالح المصالح التركية، أو بمعنى أدق المصالح الأردوغانية، فابتدعوا دعاية غير مستساغة لدعمه مثل: ” إن سقطت الليرة فاعلم أن زوجتك ستغتصب”، وغيرها.
وكانوا يتحركون بالأكاذيب لدعمه، حتى ولو كانت هذه الأكاذيب تؤدي إلى خسارة الدولة المصرية، وما فعلوه في التناول الإعلامي بين اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر واليونان، وبين السراج وأردوغان، كان مثالاً واضحًا على انحيازهم ضد مصر.
ووصل الأمر إلى التحريض العلني على الإرهاب. وهي جريمة دولية، وليست مجرد شأن سياسي.
ثم دخلوا في خط الدفاع عن صورة تركيا الحالية، وتركيا التاريخية، فقاموا بالهجوم على الأعمال الفنية التي بينت الحقيقة المزيفة التي نشروها عبر عقود عن ملوك الدولة العثمانية.
وحاولوا تجميل صورة أردوغان وعلاقاته مع إسرائيل، وأخذوا في سياق مختلف تمامًا عن سياق تناولهم لتعامل الدول العربية مع إسرائيل.
القادة الذين يعملون تحت “التوجيهات التركية” خصوا الدولة الراعية بما لم يعاملوا به الدولة الأم، ورموزها. بل وصلوا إلى حد الاستعداد للخصومة مع الأصوات المعارضة داخل جماعتهم.
أخيرا، لا تزال الآراء مختلفة حول نوايا إردوغان. وهو ما يثير أسئلة حول مدى استمرار التزام عناصره المحلية الداعمة من القوى السياسية المصرية المقيمة في أسطنبول. السلوك ليس منطلقا من اقتناع مبدئي، بل من توجيهات متماشية مع جس النبض التركي.