Greyhound.. لماذا غرق توم هانكس في “جريهاوند” رغم خبراته؟ | حاتم منصور

Greyhound.. لماذا غرق توم هانكس في “جريهاوند” رغم خبراته؟ | حاتم منصور

12 Jul 2020
حاتم منصور
رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك
حجم الخط

يُقال إن استمرارية أي ممثل في النجومية تُقاس بدرجة نجاحه في إعادة اكتشاف المنطقة التي أحبه الجمهور فيها، وهي مقولة يجدر التفكير فيها عند نقاش فيلم المدمرة جريهاوند Greyhound أخر وأحدث أعمال النجم توم هانكس.

مسيرة هانكس مع النجومية يمكن تقسيمها لمرحلتين مختلفتين:

1- مرحلة الثمانينيات وأوائل التسعينيات التي سادت فيها الرومانسية والكوميديا الخفيفة، وأدوار الفتى المرح، في أفلام كان أشهرها:

2- مرحلة بدأت في منتصف التسعينيات بعد النجاح الأسطوري لفيلمه فورست جامب. وفيها أصبح توم هانكس يلامس بانتظام تركيبة الرجل النبيل المتواضع النزيه الذي يواجه تحديات وضغوط قاسية، وينجح رغم ضعف خبرته في تجاوزها أو الصمود أمامها، بفضل نزاهته (دائمًا) ووطنيته (أحيانًا). هذه التركيبة تنطبق مثلًا على أدواره في:

بالنظر لهذه التركيبة يسهل فهم أسباب اختيار توم هانكس لرواية الراعي الطيب The Good Shepherd المنشورة عام 1955 للأديب البريطاني سي. إس. فورستر – والمقتبسة من وقائع حقيقية – وحماسه على تحويلها لفيلمنا هنا. وهو الحماس الذي لم يتوقف عند قيامه بدور البطولة، بل امتد أيضًا لكتابته للسيناريو بنفسه.

البطل في فيلم المدمرة جريهاوند Greyhound ينال ترقيته ليصبح قائد مدمرة بحرية أمريكية، بعد تورط أمريكا في الحرب العالمية الثانية، ويعاني الآن في أولى مهامه من مزيج من ضعف الخبرة، وتوتر الأعصاب الناتج عن كونها أول حرب حقيقية يخوضها، ورعب الإحساس بالمسؤولية عن حياة عشرات وعشرات الأفراد في الطاقم.

إعلان Greyhound

هذه شخصية وحبكة يسهل تفهم انجذاب توم هانكس إليها. لكن للأسف، وعلى عكس أغلب الأفلام المذكورة السابقة، يمكن تصنيف جريهاوند كواحد من أضعف أفلامه.

أزمة الفيلم تبدأ من طابعه الدرامي الكسول، فالشخصيات عند نهاية الأحداث لا تختلف كثيرًا عن بدايتها. التغير غير ملموس أو كافٍ لجذب المتفرج للشخصيات وللقصة، وهو ما ينطبق على البطل الرئيسي نفسه، الذي لم يسعفه نسبيًا سوى وزن هانكس كنجم لدى المتفرج.

أفضل طرق اختيار عنوان لفيلمك، وأنجحها في تاريخ السينما | أمجد جمال | دقائق.نت

تمتد الأزمة دراميًا بسبب أسلوب السرد القائم على منظور البطل وطاقمه فقط لما يحدث، وتجاهل تقديم أي مشاهد للخصوم الألمان. هذا القرار يمكن أن ينتج عنه العديد من المكاسب، وهو ما تحقق مثلًا في فيلم دونكرك الذي أخرجه كريستوفر نولان عام 2017.

توم هانكس في Greyhound

غياب الخصم كشخصيات في دونكرك، ساهم في استقطاب المتفرج ليتوحد مع حالة الجنود البريطانيين المتوترة في الفيلم نفسيًا. وجعل العدو الألماني الغائب الذي نرى فقط مركباته وطائراته طوال الأحداث، أقرب لوحش كاسر نتفهم تمامًا مدى رعبه مع تصاعد الأحداث.

لم يتحقق أي من ذلك هنا؛ لأن الشخصيات الرئيسية نفسها مملة، ومسار الأحداث والمشاهد الحربية غير لاهث أو موتر بنفس قدر دونكرك، الذي صاغ فيه نولان 3 قصص ومواجهات مختلفة بالتوازي (برية – بحرية – جوية).

لماذا أصبح 1917 التجربة السينمائية الأهم في موسم أوسكار 2020؟ | ريفيو | حاتم منصور

الخامة الدرامية الطازجة هنا كانت عن أزمة التخاطب والتواصل بين القائد وطاقمه إنسانيًا من ناحية، وبين السفينة وباقي أساطيل الحلفاء تقنيًا من ناحية أخرى. وهي خامة اصطادها الفيلم – ربما من الرواية الأصلية – لكنه لم ينجح في تحويلها لشيء مهم أو مؤثر للدرجة.

تزداد الأزمة مع قرارات وتقنيات المخرج رون شنايدر بصريًا. الجرافيك ملحوظ في العديد من المشاهد، ويبدو أقرب لهوليوود فترة 2000 – 2005 منه لهوليوود عام 2020. والصبغة اللونية الحاسوبية المصطنعة التي أضيفت في المشاهد الليلية والبحرية، حطمت ما تبقى من أي حس واقعي للصورة، في العديد من مشاهد الصراعات والمواجهات المهمة.

النقطة الإيجابية الوحيدة التي تستحق الإشادة تقريبًا، كانت الموسيقى التصويرية لـ بليك نيلي، الذي يسجل هنا أول خطواته في الأفلام الضخمة، بعد حوالي عقدين من العمل في المسلسلات والأفلام التليفزيونية المتوسطة.

إينيو موريكوني.. بتهوفن السينما أم موسيقار الفرص الضائعة؟ | حاتم منصور

تبقى الإشارة إلى أن جريهاوند Greyhound كان من المقرر عرضه على شاشات السينما في مارس 2019 وتأجل موعد عرضه عدة مرات، حتى اصطدم بأزمة كورونا الحالية، لتقرر شركة سوني المنتجة في النهاية، بيعه مباشرة لمنصة آبل نظير 70 مليون دولار.

ربما سنعرف يومًا ما من المستفيد الأكبر بالصفقة، على ضوء عدد مشاهدات الفيلم، لكن غالبًا لم ترض شركة سوني عن فيلمها، وتشككت في قدراته على تحقيق إيردات جيدة في السينمات رغم وزن نجمه، وجاءت أزمة كورونا لتحسم فقط هذا التردد.

كيف تعالج هوليوود أزمة تسويق الأفلام المثيرة للجدل؟ (2) | حاتم منصور

باختصار:

مع نجم متوسط قد يسهل تقبل Greyhound كفيلم مقبول مدته ساعة ونصف، لكن مع اسم توم هانكس كبطل، وفي مرحلة أثبت فيها مبدعو هوليوود قدرتهم على تجديد دماء الأفلام الحربية بفضل أعمال مثل (دونكرك – 1917) يبدو فيلمنا هنا ككبوة، أكثر منه كعمل يليق بنجمه وبشاشات السينما التي كان من المخطط عرضه عليها.

رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك

موضوعات متعلقة

التعليقات (0)

يجب عليك .. تسجيل الدخول أو التسجيل لتتمكن من التعليق.

تعليقات الفيسبوك