فن المراوغة لإمام “اللا أدرية” محمد حسين يعقوب.. “شاهد شاف كل حاجة” | عمرو عبد الرازق

فن المراوغة لإمام “اللا أدرية” محمد حسين يعقوب.. “شاهد شاف كل حاجة” | عمرو عبد الرازق

20 Jun 2021
عمرو عبد الرازق
الصحوة الإسلامية
رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك
حجم الخط

فى منتصف يونيو 2015، ظهرت ضمن حوادث الإرهاب التي ضربت مصر، واقعة  غامضة، لم تنل حقها من التوقف نظرا لكثافة العمليات الإرهابية وقتها، مما جعل صفحتها تطوى سريعًا.

نُشر إصدار مرئي لتنظيم ولاية سيناء، يظهر به شاب يتصل تليفوني بأحد ظباط الأمن، يخبره بنتائج مهمته التي كلفه بها الضابط، ثم يتناول فرد التنظيم  التليفون من الشاب ويخاطب الضابط: تعرف مين معاك؟ معاك جنود الدولة الإسلامية!

وينتهي الإصدار بإجبار الشاب على حفر قبره بيديه، ثم إطلاق النار عليه.

في الفيديو ذكر الشاب أحمد حمدي شمس الدين -22 سنة- كفر الشيخ: أن خاله ذهب به للأمن الوطني للتعاون، وأنه مكلف بالتجسس على التنظيم، ونقل معلوماتهم للأجهزة الأمنية، ثم اكتشف التنظيم أمره.. وحكى كيف بدأ مشواره بالانتظام بمحاضرات الشيخ الحوينى والشيخ حسين يعقوب. ومن هناك بدأ الطريق إلى مغارات سيناء..

نفى خاله القصة، وجاءت شهادات أقاربه تؤكد تدينه والتزامه، وأكد والده انتظامه بدروس شيوخ السلفية

في كلا الروايتين، حضرت دروس الوعظ السلفي بحياة أحمد، كبداية بديهية لنهايتها!

سن صغير للغاية ليُحمّل صاحبه بهذه التراكمات والاعتقادات، وما تستلزمه من مواقف وبناء فكري وتصادمات، وما يليها من عواقب.. لا تجربة إنسانية يمتلكها بالأساس توجه مساره، باستثناء ثقته بأطروحات شيوخه، وانتهى الأمر بفارقة ذات دلالة هو حفر قبره بيديه، واقعا لا مثالًا!

لم يُسأل الشيوخ الذين وردت أسماؤهم في عبارات الشاب المغدور حتى الآن..

إحدى إصدارات أنصار بيت المقدس

لبيك “إسلام الجريمة”.. كلنا نفدي الحمى .. أكان الشيخ شاهدا أم مجرما؟ | خالد البري

ورطة حسين يعقوب

منذ أيام استدعي أحدهم – حسين يعقوب – للشهادة في قضية مشابهة لشباب آخرين تأثروا به أيضًا واستشهدوا بفتاويه في تنفيذ جرائمهم، فجاءت شهادته مثالًا للهزل الفكري إذا تعرض لمناظرة جدية، فيتكشف فراغ  مضمونه وهزال قادته..

 ظهر الشيخ بحال لم يعهده عليه أتباعه متسلحًا بابتسامته الصفراء، وأطل بصورة باهتة لشاهد ينمق إجاباته بحرص ويراوغ ويتلعثم، يُستمع إليه لقياس قوله، لا لتقديسه!

تراجع الشيخ في كل إجابة عما غرسه في نفوس مريديه باستثناء فن المراوغة. تعرضت بلاغته لاختبار عملي بالمحكمة، فحاول الشيخ أن يوقف الزمن، أن يخرج من المحكمة كما أتاها، لا يضيف شيئًا ولا ينقص، يظن الرجل أن تجميد الموقف أفضل الحلول، حاول تجنب الشهادة فلم يستطع، فلجأ لحيل يخجل من إتيانها الرجال..

المكتوم بصدره قطعًا يعرضه للمساءلة لو صرح به. خُطب الرجل مليئة بصريح التكفير وعدم الاعتراف  بالدستور والمؤسسات، والتلويح بالدماء وقت اعتصام رابعة. الرجل يحمل عبء ثقة الأتباع. هم يصدقونه ولو قال عن قرص الشمس قُرص مشبِّك، سيرددون: حقًا!

وصف الشيخ العقل سابقًا بأنه كالحمار يخلعه المرء على عتبة الدين.. فاحتقر أتباعه عقولهم.

لكنه لا يريد أيضًا لصورته أن تهتز.. يا لها من ورطة!

شهادة الشيخ محمد حسين يعقوب: قراءة موثقة في تناقضاته ومراوغاته ودوافعها | هاني عمارة

راسب في اختبار الشجاعة

كلمة الحق في وجه سلطان جائر.. العبارة الأسطورية التي شحنوا بها خيالات أجيال، في موضع حاسم الآن، كل سلطان لديهم هو جائر بالضرورة طالما ليس من بينهم..

لكن الشيخ كمالك ثروة لديه رصيد من الأموال والزعامة بناها في سنوات، لا يمكن التضحية بها بجلسة عابرة. لا يوجد مستثمر يرغب في هدم الاستقرار، لأنه بداهة سيخسر أصول ثروته.. ولا مغامرة تستحق التضحية إلا لو كانت ستقود صاحبها إلى مكان أفضل، كمغامرته مع صعود الإخوان، لكنه لم يغامر إلا فيما هو مضمون، راغ من ميادين الصراع  وعاد لحياته، الشيخ أذكى من هؤلاء، ويمتلك نفسًا مقبلة على الحياة ومتعها!

رسب الشيخ في اختبار الشجاعة، وتجنب التورط بكلمة تضره، وآثر السلامة بين أتباعه في مخابئ تقيتهم!

جريمة لا أدري

جريمة إجابة السؤال الأول: ما حكم الانضمام لهذه الجماعات؟

– لا أدري..

حسنا، لدينا شاهد ملء السمع البصر، يجهل في صميم دعوته وعمله عنصرًا  جوهريًا.. مثله كطبيب يجيب سؤالًا حول تعرض مريض لبتر ذراعه بجراحة استئصال اللوزتين.. بإجابة: ربما!

 وباطن قوله هو الحيرة، بين التمسك بتعاليم المنهج وبين الرغبة في النجاة، مغلف بابتسامته الصفراء..

لا أدري، تعني إن هناك إجابات عديدة محتملة، وكل متلق بحسب خياله كيفما يوجهه. استمرار النهج الدعوي في الشحن دون التورط.. داعية ضمن مجموعة دعاة تصف نفسها بالربانيين، يفتح باب الفعل لمجموعات من القتلة.

لم يتجاوز الشيخ حذره بكلمة، استغل كل فرصة لابتلاع كلماته، هو لم يأت ليجيب بل ليتملص من الإجابة..

الذئب ابن يعقوب | هل يعيد اعتراف محمد حسين يعقوب بجهله الدم الذي سال بسببه؟ | أحمد متاريك

ليذهبوا إلى حيث ألقت

فليمض الوقت سريعًا، أنا لم أرد المجئ هنا، كل استنزاف من صورتي سيكلفني عناء الشرح والتوضيح، وهؤلاء المتربصون بي لم يتركوا لي متنفسًا.. يا له من عبء..

تحضرني إجابة مهدي عاكف في التحقيقات عن الإخوان: بأنه لا علاقة له بالإخوان، وأنه مجرد مرشد سابق!

يعقوب مثله يُسأل عن السلفية، فيجيب القاضى بأن أهل السلفية هم من يستطيعون الإجابة بشأنها، أما أنا فلا، وبعد فاصل من المراوغة: نعم يا سيدى أنا سلفي!

الحمد للسماء، استطعت الإفلات من الإجابة عن جوهر السلفية ومنهجها وعلاقتها بالمتهمين!

ليذهب المتهمون إلى حيث ألقت، لأنجو أنا بنفسي!

لغز شهادة محمد حسين يعقوب | لم يكذب .. لكنه نصير الإرهاب فعلًا.. كيف تجتمعان؟ | عبد السميع جميل

وقت يمضي.. بلا إجابة

يتهرب من سؤال حول تكفير الحاكم: بأن تكفير الحاكم دور القاضي! ومر تلميحه دون مساءلة!

التهرب يستمر، من مسألة قتل أفراد الجيش والشرطة، يتهرب الشيخ: بعدم استحلال دم مسلم!

يسأله القاضي عن قتل الناس في العموم، فيصر على دماء المسلم فقط.. يسأله عن عقوبة الإعدام، فيجيب بأنها ليست من القرآن، بل من تشريعات أخرى!

يسأله: فكيف نعاقب القاتل؟ فيجيب: إذا كان هناك تطبيق للشريعة في العموم بصوت منخفض، يكاد يدعو الله ألا يسمعه القاضي.. وبالفعل لم يسمعه! ثم يتحجج بأنه ليس باحثًا في تلك المسألة!

الشيخ يربط شروط الجهاد بوجود الخليفة، فلما سئل عن كيفية إيجاد الخليفة، أحال الأمر لأهل الحل والعقد والعلماء.. ذاكرا أن العلماء لم يعودوا موجودون الآن! يسأل: فمن هو العالم؟ يجيب: هو من شهد له العلماء بالعلم!

هم العلماء أنفسهم الذين تلاشوا قبل قليل، سيشهدون لغيرهم بالعلم ليكون بدوره عالما ضمن العلماء! سيل من مراوغات طفولية تافهة!

تستمر الابتسامة الباهتة في مساندة صاحبها على تمضية الوقت العصيب..

ابتسامة صفراء باهت لونها

الابتسامة الباهتة الصفراء الشهيرة منهاجًا متوارثًا، منبعه المراوغة والتقية.. هي دبلوماسية السلفي، هي الصمت لتجميد الزمن وتحييد الخصم.. من المستحسن ألا أزيد كلمة، قد أخسر نقطة أنا أجدر بها، لأصمت أو لأجيب بمزاح سمج قد يجلب ودًا مطلوبًا لبرهة، ألتقط خلالها أنفاسي، حتى تتحرك المياه وحدها!

ولعل القاضي يسأل سؤالًا جديدًا يجنبني به مشقة الاسترسال والتوضيح، نحن قوم نوجّه ولا نوضِّح، عليكم الاستبيان ولنا البيان!

لم ينجب منهجهم شجعانًا، إلا خلف المكبرات وفي حماية جموع مغيبة، ولكنهم ملتزمون بالخبث!

شيخنا اتضح أنه لا يدري شيئًا عن الجماعات الإسلامية، يسمع بشأنهم من الإعلام، ومعلوماته عن الإخوان الذين تحالف معهم وبارك حكمهم، تتمثل فى أنهم يسعون للسلطة، وأن سيد قطب مجرد شاعر!

الحاكمية عنده أن الله يحكم ولا معقب لحكمه! فانتقل مفهوم محاربة الدولة من سبيل للقتل إلى مجرد إقرار نفسي بقدرة الله والتسليم له!

كما اتضح أنه لا يدري عن الردة وعقوبتها شيئًا!

الشيخ  يفسر الإرهاب: بأن الإنترنت هو السبب، فيه كل غريب، من الإلحاد إلى الكفر “هكذا قال”..  حسنًا؛ الإلحاد والكفر وراء الإرهاب، والمتهمون من الملحدين!

يستمر الشيخ: نحن لسنا أهل جهاد فلنا جهاد الكلمة.. ما معناها؟! هي صدام ناعم يشحن نفوس أتباعه “العوام”! مفادها أننا في حال ببلادنا يستدعي الاستنفار..

والشباب الذين طبقوا الجهاد يا شيخنا؟ ليس لنا من أمرهم شيئًا، ما قال عاقل بهذا!

هؤلاء بلا عقل كصاحبنا الذي حفر قبره بيديه!

عالم رباني أمام الجماهير، جاهل لا يدري أمام القاضي.. حضر ليتخابث، إلى حين تأتي لحظة تمكين جديدة، فترفعه مقادير السوء لأعلى..

وبالخلفية مشهد والد الشاب المغدور بسيناء، الذي ارتسمت  على وجهه الحسرة، يكاد يشت عقله، كلما ربط بين سماحه لنجله بحضور  دروس السلفية، وبين هيئته وهو يحفر قبره بيديه!

رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك

موضوعات متعلقة

التعليقات (0)

يجب عليك .. تسجيل الدخول أو التسجيل لتتمكن من التعليق.

تعليقات الفيسبوك