أثار تصاعد التوترات بين الغرب وروسيا بشأن أوكرانيا مخاوف بشأن تدفق النفط والغاز الروسي إلى أوروبا، مما دفع الولايات المتحدة إلى تقديم تطمينات بأنها ستساعد حلفائها الأوروبيين في إيجاد إمدادات بديلة.
أغلب الخبراء يشيرون إلى أن محور خطة واشنطن لإيجاد بدائل للنفط والغاز الروسي يركز على منطقة الشرق الأوسط.
فما مدى التأثير الذي سيصيب أوروبا إذا انقطع الغاز الروسي؟
وهل الشرق الأوسط يستطيع التعويض؟
وإن كان يملك: هل يفعلها؟
س/ج في دقائق
ما مدى اعتماد أوروبا على النفط والغاز الروسي؟
مع تضاؤل إنتاج النفط والغاز في أوروبا، زادت الإمدادات الروسية إلى الاتحاد الأوروبي حتى بلغت 40% من احتياجاته للنفط والغاز.
النرويج لا تزال توفر حوالي ثلث احتياجات أوروبا من الغاز، وتساهم الجزائر بكميات أخرى.
دول أوروبية تحاول فعلًا بناء أو توسيع محطات لتلقي شحنات الغاز المسال من الشرق الأوسط أو الولايات المتحدة. لكن روسيا لا تزال مهيمنة باحتياطاتها الوفيرة وقربها ووجود شبكة خطوط الأنابيب.
ولولا غزو أوكرانيا، لكانت روسيا مدت خط أنابيب نورد ستريم 2 لألمانيا.
كيف سيمثل قطع الغاز الروسي لأوروبا أزمة كبرى الآن؟
أسواق الطاقة العالمية تمر بأزمة سببتها جائحة كورونا، تسببت في تراجع أسعار النفط والغاز مع توقف المصانع، مما دفع منتجي الطاقة إلى إلغاء خطط الاستثمار.
بعد ذلك، عاد الاقتصاد العالمي للعمل، لكن لم تكن هناك قدرة إضافية لتلبية الطلب المتزايد.
كما أدى التحول الأخضر لمشاريع الطاقة المتجددة إلى إبعاد المنتجين الغربيين عن الاستثمار بكثافة في الوقود الأحفوري.
لمعرفة أهمية روسيا في معادلة الطاقة عليك أن تعرف أن العالم يستهلك حوالي 100 مليون برميل نفط يوميًا، تنتج روسيا 10% منهم.
سيؤدي انقطاع إمدادات الطاقة الروسية إلى ارتفاع فواتير الكهرباء والغاز للأسر الأوروبية، وسيظهر هذا التأثير من 6-9 أشهر.
لماذا لم تخزن الدول الأوروبية كميات احتياطية؟
تخزين الغاز هذا العام هو الأقل في متوسط العقد الأخير، حيث انخفض إلى 30% من سعة التخزين.
أحد أسباب ذلك هو جائحة كورونا وانخفاض الطلب وما تبعه من تخفيض الإنتاج، فنتيجة لذلك، استنفدت مخزونات الغاز في جميع أنحاء أوروبا، مما أدى بدوره إلى ارتفاع الأسعار.
كما أن الطقس البارد وتزايد الطلب على الغاز في آسيا مع الانتعاش الاقتصادي في أعقاب كورونا أدى ذلك إلى زيادة الطلب على الطاقة، وعندما يكون الطلب على الغاز الطبيعي المسال مرتفعًا، يميل المنتجون إلى تحويله إلى آسيا للاستفادة من ارتفاع الأسعار.
هل تستطيع دول الخليج أن تعوض مقاطعة أوروبا لروسيا؟
تبلغ الطاقة الإنتاجية لكمية الإنتاج الإضافي التي يمكن تشغيلها بسرعة لمواجهة الاضطراب المفاجئ، أقل من 3 ملايين برميل في اليوم وفقًا لبعض التقديرات، وقد تكون أقل.
هذه القدرة الإضافية، التي توجد في السعودية وقطر ودول الخليج الأخرى، لا يمكنها سد الفجوة الكبيرة التي خلفتها روسيا.
كما يقدم سوق الغاز صورة مماثلة، فقبل بضع سنوات، كان السوق مهيأ لحدوث تخمة في الغاز الطبيعي المسال، لكن الآن، أصبح الغاز وقودًا مفضلًا بشكل متزايد لأنه ينتج انبعاثات أقل من الفحم والنفط، لذلك ارتفع الطلب بشدة وأصبح الإنتاج لا يكفي مثل النفط.
مع تجاوز أسعار النفط مستوى 100 دولار للبرميل وتنامي مخاطر تعطل الإمدادات، تركزت الأنظار في أوروبا بشكل متزايد على السعودية في النفط، وعلى قطر في الغاز، وجاءت المطالبات لهم بخفض الأسعار ومد أوروبا باحتياجاتها.
الحسابات في الرياض والدوحة أكبر بكثير من الاستفادة من ارتفاع الأسعار، لأن قيود السوق والتحالفات مع كل من الغرب وروسيا لها أهمية قصوى.
يقول بن كاهيل، الباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية: السعودية ترى قيمة كبيرة في إبقاء روسيا شريكًا في أوبك، وإذا ساءت الأمور وكان هناك ضغط لمعاقبة روسيا، ستؤكد أن أوبك + منظمة تكنوقراطية تركز على أساسيات السوق، وليس لها علاقة بالسياسة.
اكتشافات الغاز البحرية والبرية الأخيرة في مصر زادت احتياطيات الغاز الطبيعي لديها، فتضاعف الإنتاج وبدأت البلاد التحول لمورد للغاز في منطقة شرق المتوسط.
لكن على الرغم من زيادة إنتاجها من النفط والغاز، فإن أحد التحديات الرئيسية لمصر هو تلبية استهلاكها المحلي الذي يزيد سنويًا 3%، لذلك لا تصدر مصر حاليًا أي صادرات من النفط الخام على الإطلاق.
أما بالنسبة للغاز، فتستطيع مصر إسالة الغاز القادم إليها من إسرائيل وقبرص واليونان، وإعادة تصديره لأوروبا عبر قبرص واليونان.
لكن لا تستطيع مصر ولا السعودية ولا قطر الوفاء بنفس الكميات التي كانت أوروبا تستوردها من روسيا في الغاز والنفط.
قال مسؤولون أمريكيون إن الحكومة الأمريكية أجرت محادثات مع شركات طاقة دولية بشأن إمداد أوروبا بالمزيد من الغاز، لكن الشركات ردت بصعوبة ذلك.
كما لا يمكن لواشنطن أن تلجأ إلى منتجيها لملء الفراغ، فشركات الطاقة الأمريكية، التي تعتمد على تكنولوجيا التكسير الهيدروليكي الباهظة الثمن، تعرضت لضغوط أكبر من غيرها بسبب هبوط الأسعار في عام 2020، فعلقت أغلب المشاريع.
حتى لو تمكنت واشنطن من العثور على المزيد من النفط عبر السوق الفورية لأوروبا، فإن تحويل شحنات الغاز سيشكل مشكلة أكبر، حيث يباع الغاز عبر عقود طويلة الأجل، وبالتالي فإن الشحن سريعًا صعب.