منذ غزو أوكرانيا 2022، أبدت وكالات الاستخبارات الغربية استعدادًا ملحوظًا للكشف عن تقييماتها الاستخباراتية السرية للعلن، وعلى الهواء مباشرة.
يقول المحللون إنها تجربة تسعى للتكيف مع تغيرات العصر الرقمي. لكن التجربة تحمل مخاطر ضخمة على الجغرافيا السياسية، وعلى أساليب المخابرات نفسها.
فلماذا أخرجت الاستخبارات تقييماتها للعلن؟
وما نتائج ذلك؟
س/ج في دقائق
ما طبيعة المعلومات التي شاركتها أجهزة الاستخبارات الغربية؟
لا نعرف بالتأكيد مدى دقة المعلومات الاستخباراتية المعلنة. لكنها وصلت لكشف ما يفترض أنه خطط سرية في صميم العمليات الاستخباراتية الروسية، نشرت فورًا في إحاطات منتظمة للصحفيين في واشنطن ولندن، وتحديثات يومية عبر تويتر من وزارة الدفاع البريطانية.
بينها مثلًا: ما نشر عن مؤامرة انقلاب في كييف، أو “عمليات العلم الكاذب”K المصممة لإجراء عملية كاذبة لتبرير عمليات حقيقية.
جيريمي فليمنغ، الذي يرأس وكالة الاستخبارات الإلكترونية البريطانية يعترف بأن الوتيرة والحجم التي يجري بها الإفراج عن المعلومات الاستخباراتية السرية “غير مسبوقة حقًا”.
كيف بررت المخابرات الغربية هذا التغيير؟
يقول مسؤولو إدارة بايدن إنهم قرروا مشاركة المعلومات الاستخباراتية بقوة سعيًا لتنسيق الرسائل مع الحلفاء الرئيسيين، بما في ذلك بريطانيا؛ حيث وضعت مخاوف واشنطن بشأن تحركات القوات الروسية في خريف 2021 مجتمع الاستخبارات العالمي في حالة تأهب قصوى.
هذا لا يبرر النشر العلني بدلًا من قنوات التواصل السرية بالتأكيد. لكن مارك جالوتي، الخبير الروسي في يونيفرسيتي كوليدج لندن، يقول إن حملة الاستخبارات العامة تعكس حقيقة أننا نعيش الآن في عصر مختلف، سياسيًا ودوليًا، وأن حرب أوكرانيا تؤرخ لنوع جديد ومختلف من الحروب.
من الصعب قياس التأثير. مارك جالوتي مثلًا يقول إن وكالات المخابرات الغربية نفسها لا تعرف على الأرجح مدى تأثير جهودها.
بعض المحللين متخوفون من أن الخطة قد تدفع بوتين للأسوأ – إن صحت التسريبات – باعتبار أنها ستوجهه لمضاعفة الجهود لاستعادة الهيبة التي فقدها.
مسؤول أمريكي يقول إن بايدن تأثر جزئياً بالاعتقاد بأن “بوتين سيمضي في خططه بغض النظر عن الجهود الدولية لردعه. لكن جالوتي يقول إن أجهزة المخابرات قررت استكمال التجربة “لربما تتسلل فكرة وتستقر في عقل بوتين”.
الكشف العام في الوقت الفعلي عن معلومات استخباراتية عالية السرية يمكن أن يغير الجغرافيا السياسية بشكل كبير في المستقبل.
لكن من الصعب تقدير مقدار التحول الذي يمثله هذا، ويمكن التأكيد أنها تحمل مخاطر.
قد يعني استخدام الأسرار الآن فقدان الأسرار لاحقًا، لأنه في أي وقت يتم الكشف عن معلومات استخبارية علنية، هناك خطر من أن يكتشف العدو المصادر والأساليب، مما يهدد حياة المصادر على الأرض ويهدد القدرة على الاستمرار في جمع المعلومات الاستخبارية من المصادر التقنية والبشرية في المستقبل، وهذا هو السبب في أن وكالات الاستخبارات تقاوم بشراسة الإفشاء.
يمكن أن يؤدي الكشف عن المعلومات الاستخباراتية أيضًا إلى زيادة صعوبة إدارة الأزمات، فقد يكون الإفصاح عن نوايا الخصم وقدراته السرية أمرًا مهينًا للخصم، فيقوم بأشياء أخرى عكس التي عرفها عدوه عنه، وهو ما قد يجعله يغير مساره ويظهر الاستخبارات المعادية كأنها فاشلة توقعت أحداثا لم تحدث.