لكن الأمر لم يتوقف عند الدعم السياسي. تحدث برلماني سوري للحديث عن”ضوء أخضر من الأسد لغزو أوكرانيا”.
أدرك الرئيس الروسي فلايديمير بوتين أن لسوريا دورًا كبيرًا في حماية غزوه المخطط لأوكرانيا، لذلك عمل منذ فترة على تجهيز سوريا لهذا الغزو.
فماذا فعل بوتين في سوريا؟
وما هو الدور السوري في غزو أوكرانيا؟
س/ج في دقائق
كيف جهز بوتين سوريا لغزو أوكرانيا؟
كانت موسكو حريصة على تأمين دعم حليفها في الفترة التي سبقت الهجوم، حيث زار وزير الدفاع الروسي سيرجي شويغو دمشق في 15 فبراير، قبل أسبوع فقط من اندلاع الحرب.
التقى شويغو بالرئيس السوري بشار الأسد لمناقشة التعاون العسكري التقني كجزء من الحرب المشتركة ضد الإرهاب، وبحسب البيان الرسمي، فقد تفقد أيضًا القاعدة الجوية في حميميم، وكذلك ميناء طرطوس وأشرف على تدريبات عسكرية.
في الوقت نفسه، نشرت موسكو قاذفات طويلة المدى ذات قدرة نووية وطائرات مقاتلة تحمل صواريخ تفوق سرعتها سرعة الصوت في سوريا، مما مكّن روسيا من ردع التدخل الغربي بشكل أكثر فعالية في أوكرانيا أو حتى تنفيذ هجمات في حالة حدوث تصعيد.
في 21 فبراير، قبل ثلاثة أيام فقط من الغزو الشامل لأوكرانيا، التقى وزير الخارجية السوري فيصل المقداد بنظيره الروسي، سيرغي لافروف، في موسكو،
وخلال الاجتماع، أيد مقداد قرار روسيا الاعتراف بجمهوريتي لوهانسك ودونيتسك ووعد بالتعاون مع المناطق الانفصالية واستنكر المقداد “حملة النفاق والكذب والخداع” التي يشنها الغرب ضد روسيا.
وما طبيعة الموقف السوري في الحرب؟
بحسب الرئاسة السورية، فإن قرار بوتين بالاعتراف بلوهانسك ودونيتسك وغزو أوكرانيا نوقش مع دمشق قبل شهرين من التطورات الأخيرة.
وعبر القناة الإخبارية السورية الحكومية، قال النائب السوري خالد عبود بأن سوريا أعطت روسيا الضوء الأخضر لبدء الهجوم، مدعيًا أن وزير الدفاع الروسي التقى الرئيس السوري بشار الأسد وأخبره بنية الهجوم، فقال له الأسد: “توكلوا”، أي ابدأوا الهجوم.
في 24 فبراير، خلال اليوم الأول للهجوم الروسي، سارع بوتين إلى الاتصال بالأسد، الذي قال لزعيم الكرملين إن الدول الغربية تتحمل مسؤولية الفوضى وإراقة الدماء.
وفي نفس اليوم، بثت محطة روسيا اليوم العربية بثًا مباشرًا لمراسلَين، أحدهما في قاعدة حميميم الجوية في اللاذقية والآخر في دمشق، تحدثا عن حماس سوريا للأعمال العسكرية الروسية في أوكرانيا، وتم تعليق بانرات كبيرة لبوتين في شوارع دمشق وبجوارها عبارة “انتصار لروسيا”.
كانت سوريا واحدة من خمس دول فقط صوتت ضد مشروع قرار للأمم المتحدة يدين الغزو الروسي لأوكرانيا، في مقابل 141 دولة صوتت لصالحه وامتنعت 35.
وهل كانت سوريا دافعة لغزو روسيا لأوكرانيا؟
يقول محللون إن التدخل في سوريا سهل “عدوانية” الرئيس الروسي، لأن:
1-الصراع السوري وفر ساحة تدريب ضارية للروس لتجربة أنواع مختلفة من الحرب (أنظمة أسلحة، معلومات مضللة، مرتزقة، إلخ).
2- الحد الأدنى من العواقب من أي نوع من المجتمع الدولي منحت بوتين الضوء الأخضر.
3- تعلم الروس الكثير في سوريا، من حيث مواجهة الحرب غير النظامية وخوضها، واستخدام القوة السياسية والعسكرية على حد سواء لإخضاع واستمالة السكان المدنيين المحليين والأجهزة التي تسيطر عليها الدولة.
4- تحولت سوريا إلى قاعدة عسكرية لقوات روسيا الجوية والبحرية في موقع استراتيجي على البحر المتوسط والشرق الأوسط.
وما أهمية سوريا لروسيا؟
سوريا لا تزال تمثل أولوية قصوى بالنسبة لروسيا، فقد أكد أليكسي كليبنيكوف، خبير الشرق الأوسط في مجلس الشؤون الدولية الروسي، أن سوريا تمثل أولوية لروسيا منذ 2015، وأن مدة الإيجار الروسي لميناء طرطوس السوري 49 عامًا، ما يعني أن روسيا تخطط للبقاء هناك،
ولكن رغم ذلك لا يمكن مقارتنها بأهمية أوكرانيا والجوار المباشر لروسيا.
كما أنه نظرًا لخسائر موسكو المتزايدة، فإن السوريين يوفرون أعدادا من المرتزقة منخفضي التكلفة في نظر روسيا، ويمكن لروسيا تجنيد أعضاء هذه الجماعات بسرعة للقتال في أوكرانيا.
ولذلك في الأسبوع الثالث للحرب، أبلغ وزير الدفاع الروسي بوتين أن موسكو تلقت عددًا كبيرًا من الطلبات من جميع أنواع المتطوعين من مختلف البلدان الذين يرغبون في القدوم إلى جمهوريتا لوغانسك ودونيتسك الشعبية من أجل المشاركة في تحريرهما، وأنهم تلقوا أكثر من 16 ألف طلب من الشرق الأوسط.
لماذا لا تبدو سوريا خائفة من انعدام الأمن الغذائي بعد غزو أوكرانيا؟
عواقب الحرب الروسية في أوكرانيا ستؤثر بشدة على سوريا، حيث انخفض إنتاج القمح في سوريا أكثر من 60% في 2021، ولذلك يجد 60% من السكان (12.4 مليون سوري) أنفسهم أمام حالة من انعدام الأمن الغذائي، وخصوصًا بعد أن تسبب الغزو في قطع ما يصل من 30% من صادرات القمح العالمية، بالإضافة لزيادة أسعار السلع الغذائية،
ولذلك تحتاج سوريا لدعم روسيا أحد كبار منتجي القمح في العالم.
وهل يشارك حلفاء دمشق من وكلاء إيران في حرب أوكرانيا؟
في تسجيل مصور نشرته مجلة نيوزويك، قال المتحدث باسم حزب الله العراقي، نصر الشمري: إن العالم الغربي فتحت الأبواب أمام أولئك الذين يريدون القتال في أوكرانيا،
واتهم الغرب بالكيل بمكيالين بسبب معارضته دخول مقاتلي “محور المقاومة” المواليين لإيران مثل حزب الله والنجباء وآخرين من مناطق بعيدة من أفغانستان وباكستان إلى القتال ضد داعش.
كما ألقى حزب الله اللبناني باللوم على الولايات المتحدة في دفع أوكرانيا إلى الحرب ثم عدم دعمها، حيث ادعى الأمين العام حسن نصر الله خلال خطابه أن السفارة الأمريكية في بيروت أرغمت وزارة الخارجية اللبنانية على إصدار إدانة شديدة ضد روسيا.
لكن حتى الآن، لم تعرب أي من هذه الجماعات، على عكس تلك الموجودة في سوريا نفسها، عن أي نوايا لتصدير مقاتلين إلى أوكرانيا، كما لم تسع إيران للانخراط بشكل علني.
موضوعات متعلقة
نسخة للطباعة
