بعد أن سيطر مقاتلوها على كابول وطردوا الحكومة وهرب الرئيس، تقول طالبان 2.0 إن “اللي فات مات” وتتعهد بصفحة جديدة تقودها حكومة منفتحة وشاملة.
تقول إنها تقدر الحياة والممتلكات الشخصية، وتحترم حقوق المرأة، وأنها ستكبح التنظيمات الإرهابية النشطة على أراضي أفغانستان! نعم.. هذا تعهد طالبان 2.0!
لكن معظم المراقبين يخشون من أن طالبان 2.0 لن تختلف كثيرًا عن طالبان الأصلية.. وأنها بمجرد أن تتلاشى الدعاية، ستعود إلى سابق عهدها وتعيد الحكم الديني القمعي إلى أفغانستان والذي سقط منذ 20 عامًا.
من هم طالبان 2.0 “الساكند إيدشن”؟ هل يختلفون عن النسخة الأساسية التي خرجت من السلطة قبل 20 عامًا؟ من أبرز قادتها؟ هل تصدق في وعودها؟ هل لا تزال متماسكة؟ وكيف ستحكم أفغانستان؟
س/ج في دقائق
من هم طالبان 2.0؟ ومن يقودها؟
طالبان 2.0 أو “النسخة الجديدة من طالبان” مصطلح تستخدمه بعض وسائل الميديا الغربية حاليًا لتمييز التنظيم الذي يحكم أفغانستان حاليًا عن النسخة الأقدم التي تحالفت مع تنظيم القاعدة وتسببت في دخول القوات الأمريكية للبلاد في 2001.
يقول محللو فاينانشال تايمز إن أهم ما يميز طالبان 2.0 عن طالبان التسعينيات هو التطور السياسي.
أسفانديار مير، الخبير البارز في معهد السلام الأمريكي، يقول إن ذلك بدا واضحًا في هجوم كابول، الذي ركزت فيه الحركة على إحداث انهيار سياسي بالضغط على نقاط حساسة، مثل نقاط التفتيش الحدودية، ثم عقد صفقات مع قادة الألوية المحلية وأمراء الحرب والمحافظين. وكان من الواضح للجانب الآخر أنهم إذا لم يأخذوا الصفقة، فإن طالبان ستقضي عليهم.
الإنفوجرافيك التالي يلخص قيادة طالبان 2.0:
يمكن تقسيم قادة طالبان 2.0 إلى قسمين أساسيين: القيادة السياسية والمالية – القيادة الدينية والعسكرية.
1- السياسية والمالية:
مولوي هبة الله آخند زاده
يُعرف باسم “أمير المؤمنين”، وهو مستشار ديني سابق لمؤسس حركة طالبان الملا محمد عمر، الذي توفي 2013.
يترأس مجلس الشورى “مجلس قيادة طالبان” منذ قتل سلفه أختر منصور في غارة درون أمريكية قرب الحدود الأفغانية الباكستانية في 2016.
قاتل آخند زاده ضد السوفييت، لكنه معروف أكثر بكونه عالمًا دينيًا.
الملا عبد الغني برادر
وهو أكبر زعيم سياسي لحركة طالبان وأحد الشخصيات الأربع التي أسست الحركة في التسعينيات.
تم القبض على برادر في عملية مشتركة بين الولايات المتحدة وباكستان في عام 2010 وأفرج عنه في عام 2018 بناء على طلب الولايات المتحدة للمشاركة في محادثات السلام.
كان جزءًا من فريق طالبان المفاوض الذي كانت مهمته التوسط في صفقة سياسية يمكن أن تمهد الطريق لوقف إطلاق النار.
سراج الدين حقاني
زعيم شبكة حقاني، وهي جماعة غير محكمة التنظيم تشرف على الأصول المالية والعسكرية لطالبان عبر الحدود الأفغانية الباكستانية، وهو نجل القائد البارز للمجاهدين جلال الدين حقاني.
اتهمت جماعته بارتكاب العديد من الهجمات البارزة في أفغانستان بما في ذلك مداهمة فندق كبير في كابول ومحاولة اغتيال الرئيس آنذاك حامد كرزاي وهجوم انتحاري على السفارة الهندية.
2- القيادة الدينية والعسكرية:
ابراهيم الصدر
قائد عسكري سابق مسؤول عن التمرد على مستوى البلاد، وقد أشرف على استخدام طالبان لمجموعة متنوعة من التكتيكات، تتراوح من التفجيرات على جوانب الطرق إلى الاغتيالات والهجمات الانتحارية.
برز الصدر لأول مرة في صفوف طالبان في التسعينيات كقائد للقوات الجوية.
عبد الحكيم حقاني
يرأس فريق طالبان المفاوض، وكان قبل ذلك قاضيا في محكمة قندهار خلال نظام طالبان، كما يرأس مجلس علماء الدين القوي التابع لحركة طالبان.
الملا محمد يعقوب
نجل الملا عمر مؤسس حركة طالبان، وهو يشرف على العمليات العسكرية للجماعة، وذكرت تقارير إعلامية محلية أنه داخل أفغانستان.
يُعتقد أن يعقوب في الثلاثينيات من عمره ويُنظر إليه على نطاق واسع على أنه يتمتع بخبرة محدودة في ميدان المعركة.
تتعهد طالبان 2.0 بصفحة جديدة تقودها حكومة منفتحة وشاملة. وتقول إنها تقدر الحياة والممتلكات الشخصية، وتحترم حقوق المرأة، وأنها ستكبح التنظيمات الإرهابية النشطة على أراضي أفغانستان. لكن العديد من المراقبين يشككون.
حسين حقاني، الزميل البارز في معهد هدسون، يقول إن طالبان 2.0 ستدخل بعض التعديلات على طريقة الحكم، لكنها لن تغير الجوهر؛ لأن هدفهم كما هو “تطبيق الشريعة” لا بناء دولة حديثة.
يستشهد المتشائمون بأن العديد من كبار قادة طالبان 2.0 هم أنفسهم قادة طالبان 1996-2001.
يقولون إن وعود الإصلاح ستنهار سريعًا لتعود أيام التسعينيات السوداء، حين ألغيت حقوق المرأة بالكامل تقريبًا وفرضت العقوبات الجنائية القاسية، مستشهدين بوقائع حدثت فعلًا في الأيام الأخيرة بإبعاد الفتيات عن المدارس وفرض البرقع.
طالبان 2.0 لم تكن موحدة خلال الأعوام العشرين الماضية؛ إذ دفع فصيل نحو الحصول على صفقة مع الولايات المتحدة، بدلا من اللجوء إلى الحسم المسلح.
قبلها، دفع فصيل آخر في اتجاه التوصل إلى اتفاق مع حكومة كابول
حاليًا، تبدو الحركة أكثر وحدة تحت قيادة مركزية. لكن فاينانشال تايمز تقول إن الخلافات باقية تحت السطح، وستظهر بعد الوصول إلى السلطة وتشكيل حكومة، وخصوصًا عندما يبدأون في اتخاذ قرارات حول كيفية التعامل مع القوى الإقليمية، وقتها قد تظهر الخلافات.
نوع الحكم الذي تستهدفه طالبان عقبة أولية أمام تشكيل حكومة ائتلافية.
الحركة واضحة بشأن هدفها المتمثل في إعادة إنشاء إمارة أفغانستان الإسلامية، بنسخة صارمة من الشريعة الإسلامية، بالتالي يصبح إجراء انتخابات أو تشكيل حكومة ائتلافية مستبعدا.
جينيفر بريك مورتازاشفيلي، الأستاذة المساعدة للشؤون الدولية بجامعة بيتسبرغ، تشير لأزمة أخرى: مدى قدرة قيادة طالبان المركزية التي ألزمت نفسها بالإصلاحات على السيطرة على القادة الميدانيين.
ساجان غوهيل، خبير جنوب آسيا في كلية لندن للاقتصاد، يقول إنه حتى لو أنشأت طالبان حكومة ائتلافية، فهناك احتمال قوي أن تكون مؤقتة، وسيكون مصيرها مماثلا لما حدث في الثورة الإسلامية الإيرانية، فبمرور الوقت، ستسولي الثيوقراطية على الحكم وتنفي كل شخص آخر.
موضوعات متعلقة
