دستة أفلام حديثة عادت بنا لسحر سينما الأبيض والأسود وتستحق المشاهدة (2) | حاتم منصور

دستة أفلام حديثة عادت بنا لسحر سينما الأبيض والأسود وتستحق المشاهدة (2) | حاتم منصور

20 Dec 2020
حاتم منصور
رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك
حجم الخط

لماذا يلجأ بعض المخرجين إلى الأبيض والأسود في عصر الألوان؟ وما هي أبرز الأفلام التي استفادت من هذا القرار؟

نحن هنا في الجولة الثانية للإجابة مع 6 أفلام أخرى. اذا فاتتك الجولة والصفحة الأولى من المقال، فالأفضل أن تبدأ بها أولًا عبر هذا الرابط:

دستة أفلام حديثة عادت بنا لسحر سينما الأبيض والأسود وتستحق المشاهدة | حاتم منصور

قرأتها بالفعل وقادم من هناك؟! حسنًا لا داعي للغضب. سنبدأ من حيث انتهينا حالًا.

7- The Artist
الفنان (2011)

حديثنا السابق عن فيلمى (إد وود – مانك) ينقلنا فورًا الى هذا الفيلم، الذي تدور أحداثه في عالم صناعة السينما أيضًا، عن نجم هوليوودي من زمن السينما الصامتة، يحاول الصمود أمام طوفان التغيير الذي حدث بعد إضافة الصوت للأفلام.

هل كانت مصر فعلًا ثاني دول العالم معرفة بالسينما؟ | أمجد جمال

الفيلم بدون حوار ناطق، والصورة بالأبيض والأسود هنا محاكاة بصرية ضرورية من المخرج الفرنسي ميشيل هازنافيسيوس لطبيعة زمن الأفلام الصامتة، وهي المحاكاة التي امتدت أيضًا لجزئيات بصرية أخرى، منها مثلا طريقة بناء الديكورات، وتصوير الفيلم بأبعاد شاشة 4:3 وهي النسبة السائدة في أفلام هذا العصر.

ترشح فيلم The Artist لـ 10 أوسكارات، وفاز بـ 5 منها كأفضل (فيلم – اخراج – ممثل – موسيقى تصويرية – ملابس).

أبعاد 4:3 مقارنة بنسب أعرض


8- Raging Bull
الثور الهائج (1980)

يقتبس هذا الفيلم الذي أخرجه سكورسيزي وقام ببطولته روبرت دي نيرو، أحداثه من مسيرة الملاكم الأمريكي جاك لاموتا، الذي اشتهر بلقب الثور الهائج، وصال وجال داخل الحلبات في الأربعينيات، وعاش حياة مضطربة أكثر وأكثر خارجها.

جاك لاموتا في أحد انتصاراته

تنفيذ الفيلم بالأبيض والأسود ليس فقط محاكاة لزمن مباريات البطل، وطبيعة الصور والمواد الفيلمية التي شاهدها الجمهور عنه، لكنه أيضًا سلاح استخدمه سكورسيزي ليضفي على الفيلم اختلافًا عن فيلم روكي الشهير الذي عُرض عام 1976 ودارت أحداثه داخل حلبات الملاكمة أيضًا.

سلاح سكورسيزي البصري الثاني لتمييز فيلمه كان تصوير مشاهد الملاكمة والكاميرا داخل الحلبات، بدلًا من طريقة فيلم Rocky التي تقف فيها الكاميرا خارج الحلبة في أغلب المشاهد.

The Irishman.. كيف صنع سكورسيزي حفل تأبين “الرفاق الطيبون”؟ | ريفيو | حاتم منصور

وبقدر ما نجح سكورسيزي في خلق اختلاف لفيلمه عن أشهر فيلم ملاكمة قبله، أصبحت الصورة الأبيض والأسود أيضًا، أهم ما ميز الثور الهائج عن كل أفلام الملاكمة التالية بعده. أو ربما ثاني أهم نقاط تميزه إذا وضعنا في الاعتبار الأداء الجبار الذي قدمه دي نيرو، وانتزع بفضله أوسكار أفضل ممثل.


9- The Elephant Man
الرجل الفيل (1980)

الحديث عن استخدام سكورسيزي للأبيض والأسود، كمحاكاة ذهنية للصور التي يعرفها الجمهور عن الملاكم جاك لاموتا، ينقلنا إلى هذا الفيلم الذي أخرجه ديفيد لينش وبدأ عرضه في نفس العام (1980).

الأحداث مقتبسة عن حياة البريطاني جوزيف ميريك (1862-1890) الذي عاني من تشوهات خلقية شديدة، ومن ضخامة في الوجه والرأس، اكتسب بسببها لقب الرجل الفيل، في عصر لم يكن رحيمًا نهائيًا مع أصحاب هذه الحالات، لدرجة عرضهم في السيرك.

جوزيف ميريك عام 1889

الأبيض والأسود في الفيلم أضاف درجة من المصداقية والألم لملايين المتفرجين، كما لو كنا نشاهد عملًا تسجيليًا عتيقًا عن ميريك يظهر فيه بنفسه كما يظهر في صوره من ناحية. ومن ناحية أخرى أضاف لملايين آخرين طابعًا غرائبيًا للقصة الأقرب فعلًا للخيال؛ لأن الأبيض والأسود في النهاية مخالف لمنظورنا الطبيعي، وللصياغة اللونية التي نراها بأعيننا خارج السينما.

في عيده الـ 20.. كيف احتفظ “الحاسة السادسة” بعنفوانه كل هذه السنوات؟ | حاتم منصور

شخصيًا، أنتمي إلى الفئة الأولى منذ أول مرة شاهدت فيها الفيلم وأنا طفل، لكن عظمة الأبيض والأسود هنا قد تكون في هذا التعدد من حيث التأثير على المتفرج.

يظل الرجل الفيل حتى اليوم أقرب أفلام المخرج ديفيد لينش للجمهور، وأبسطها من حيث السرد، وهي نقطة قد يكون سببها أن المنتج هو ميل بروكس، المعروف بحسه الجماهيري.


10- Schindler’s List
قائمة شندلر (1993)

الرجل الفيل عن آلام رجل واحد، حتى لو حمل الفيلم إسقاطات عن البشر المختلفين عامة، أما قائمة شندلر فهو فيلم عن آلام ملايين دفعوا ثمن الاختلاف، وعن هولوكست هتلر التي تظل أبشع مذبحة جماعية عرفتها البشرية القرن الماضي.

الأبيض والأسود في هذا الفيلم الذي أبدعه ستيفن سبيلبرج يجعل الصورة مطابقة للمواد الأرشيفية عن الحرب العالمية الثانية، والأحداث ذات طابع تسجيلي. والاستخدام المكثف للكاميرا المحمولة على اليد، يجعل تأثير هذه النقطة ومصداقيتها مضاعفًا.

لا هتلر الأول ولا الجنرال العثماني الأخير: ٧ قتلوا أكبر عدد من البشر في القرن ٢٠ | قوائم في دقائق

لكن نقطة الابداع الأهم ولحظة الاستفادة الأكبر من الأبيض والأسود، ستتحقق عندما يكسر سبيلبرج هذه القاعدة بخصوص الألوان، ويمنح طفلة صغيرة معطفا أحمر في لقطة ستصبح نقطة تحول للبطل، ومصدر آلامنا معه كمتفرجين لاحقا أيضا.

الأبيض والأسود ألوان تليق بالهولوكست والحرب والهلاك والموت، وعندما تظهر هذه الطفلة بالأحمر، يمكننا أخيرًا أن نستشعر قليلًا من الحياة والبراءة وسط هذه الفوضى.

هذه اللحظة مع ما سيتبعها، تذكرنا لماذا يظل ستيفن سبيلبرج واحدًا من أهم آلهة السينما. هذا مخرج يستطيع من لمسة سينمائية بسيطة للغاية، أن يلمس قلب كل متفرج دون أي تعقيدات. ورغم تكرار عدد مشاهداتي للفيلم لا تزال هذه اللحظة تحمل نفس التأثير في كل مرة.

Jojo Rabbit.. هل يمكن أن تنجو بفيلم كوميدي عن هتلر واضطهاد اليهود؟!‎ | ريفيو | حاتم منصور

المشهد والفيلم ككل، من التجارب القاسية جدًا، لكنها تجربة يجب أن تخوضها. ومن الجدير بالذكر أن قوة تأثيره، وقدرته على خلق تعاطف مع الضحايا، كانت السبب في منعه في مصر وعشرات الدول العربية في التسعينيات؛ لأن مؤسساتنا الرقابية الفاضلة لم توافق وقتها على تنشئتنا كبشر قادرين على اعتبار اليهود بشرا مثلنا.

تجدر الإشارة إلى أن قائمة شندلر فاز بـ 7 جوائز أوسكار، هي أفضل (فيلم – مخرج – سيناريو مقتبس – تصوير – تصميم إنتاج – مونتاج – موسيقى تصويرية). وأصبح أول فيلم أبيض واسود يربح أوسكار أفضل تصوير، منذ إلغاء تقسيمة (فيلم ألوان – فيلم أبيض واسود) عام 1967.


11- Pleasantville
البلدة الفاضلة (1998)

استخدم ستيفن سبيلبرج الألوان بشكل مختزل كرمز للحياة في فيلمه الأبيض والأسود. أما جاري روس مخرج ومؤلف Pleasantville فقد استخدمها لترمز للحياة والتنوع، وبشكل أكثر كثافة.

لدينا في الفيلم عالمين مختلفين سلوكيًا وبصريًا: الأول مثالي مزيف ممل نراه بالأبيض والأسود، حيث الأبطال أسرى لقواعد مجتمعهم الذي يخاصم الحياة والبهجة، ويفرض على الكل أخلاقيات تجعل الجميع نسخا من بعضهم.

The Queen’s Gambit | سبع نقلات منحت مناورة الملكة السيطرة على رقعة نتفلكس| حاتم منصور

والثاني عالم أكثر حياة وبهجة ومغامرة وتصالحا مع الذات ومع الرغبات، يعيشه الأبطال بالألوان الطبيعية، دون خجل أو قلق من أحكام الآخرين.

للأسف، لم ينل هذا الفيلم المسلي حقه وقت عرضه في التسعينيات، رغم طزاجة الفكرة والمحتوى البصري.


12- The Shape of Water
شكل الماء (2017)

على سبيل التويست في آخر المقال، سختار الفيلم الأخير بطريقة مختلفة عما سبق. طريقة: ماذا لو؟!

قد تكون شاهدت فيلم شكل الماء سابقًا بحكم كونه الفيلم الفائز بجوائز الأوسكار الرئيسية في سنته، لكن إليك معلومة غريبة: مخرج الفيلم جييرمو ديل تورو أراد تنفيذه في البداية بالأبيض والأسود، وليس بالألوان كما شاهدته.

اقتصاد السينما | نولان أم وارنر براذرز.. أيهما طعن الآخر؟ وهل قتلا دور العرض؟ | أمجد جمال

منحته الشركة المنتجة وقتها خيارين. إما 12 مليون دولار كميزانية إجمالية لصناعة الفيلم بالأبيض والأسود كما يريد، وإما حوالي 20 مليون دولار لصناعته بالألوان، على اعتبار أن الأبيض والأسود عائق تجاري في التسويق.

غير ديل تورو رأيه بخصوص الألوان، لكنه احتفظ في فيلمه بمشهد واحد أبيض وأسود، يلامس عالم السينما وترقص فيه البطلة مع حبيبها، كما لو كانا في فيلم غنائي رومانسي في الأربعينيات والخمسينيات.

يمنحنا المشهد لمحة عن النسخة الأبيض وأسود التي فاتتنا، ويدفعنا للتساؤل: هل كان سيصبح فيلم أفضل ساعتها وأكثر أصالة؟ أم أن الألوان هي الأنسب لفيلم وقصة من هذا النوع؟

مشهد الرقصة كامل – Shape of Water

في انتظار معرفة أرائكم إذا كنتم شاهدتم فيلم Shape of Water ومعرفة أسماء الأفلام الأخرى التي توقعتم أن تجدونها هنا في القائمة على ضوء عنوان المقال.

رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك

موضوعات متعلقة

التعليقات (0)

يجب عليك .. تسجيل الدخول أو التسجيل لتتمكن من التعليق.

تعليقات الفيسبوك