في أقصر محاكمة عزل في تاريخ الولايات المتحدة، مجلس الشيوخ يقصر يعجز عن إدانة الرئيس السابق ترامب بتهمة التحريض على التمرد في أحداث اقتحام الكونجرس يناير 2021.
المحاكمة لم تستغرق إلا 5 أيام، لكنها كانت المرة الأولى التي يخضع فيها رئيس سابق لـ “محاكمة عزل”. كان الديمقراط يحاولون منع ترامب من السعي لإعادة الترشح في 2024. فهل تعني براءة ترامب عودته للحياة السياسية؟ هل استفاد الديمقراط من المحاكمة؟ وما موقف بايدن؟
س/ج في دقائق
هل تنقذ براءة ترامب مستقبله السياسي؟
براءة ترامب تعيد حقه في العودة للحياة السياسية. حتى نيورك تايمز اعترفت أنه “القوة اليمينية المهيمنة والأكثر شعبية رغم عزله عن الإنترنت، وإبعاده عن الكاميرات”.
لكن ترامب نفسه يدرك صعوبة الأمر. قال إن البراءة “نهاية مرحلة من مطاردة الساحرات”، لكنه توقع فصولًا أخرى “لأن خصومه لن ينسوا أنه حصد 75 مليون صوت”.
سيناتور الديمقراط السابق كابري كافارو قال إن براءة ترامب توفر “صرخة حشد لداعمي رئيس سابق لا يملك خيارًا سوى الاستمرار في اللعبة”، فيما تشرحه أستاذة السياسة في جامعة براون، ويندي شيلر، بقولها إن ترامب يتوقع أن تواجه شركاته مصاعب “مقصودة”. و لن يملك “دخل المحاضرات” الذي يتمتع بها سابقوه. لذلك لن يجد مفرًا سوى البقاء.
ترامب لمح لمواصلة مشواره السياسي. قال إن “حركتنا التاريخية الوطنية بدأت للتو”. وأضاف أنه “سيعلن الكثير في الأشهر المقبلة”.
لكنه لم يقل إن كان سيسعى لإعادة الترشح أم يتحول لـ “صانع ملوك” عبر دعم قاعدة “الترامبيين”.
الغالبية العظمى من الجمهوريين صوتت لصالح براءة ترامب في إشارة على احتفاظه بقبضته على الحزب “الكبير القديم” الذي وصفته النائبة مارجوري تيلور جرين بـ “حزب ترامب لا أي شخص آخر”.
لكن التفاصيل تحمل علامات استفهام حول مستقبل الحزب:
1- في النواب صوت 10 جمهوريين لمساءلة ترامب. في الشيوخ صوت 5 لبدء المحاكمة، ثم ارتفع العدد لـ 7 صوتوا لإدانته.
2- بين السيناتورز الذين صوتوا لإدانة ترامب ليز تشيني، ثالث أهم أعضاء الحزب الجمهوري في تسلسل القيادة.
3- زعيم السيناتوز الجمهوريين ميتش ماكونيل صوت لصالح براءة ترامب، “التزاما بالدستور”. لكنه اتهمه بـ “المسؤولية العملية والأخلاقية” عن اقتحام الكونجرس.
4- عدد من كبار الجمهوريين نأوا بأنفسهم عن ترامب، بينهم نيكي هالي، التي انتقدت دعم الحزب لمحاولة ترامب إبطال نتيجة الانتخابات.
ما السيناريوهات التي يواجهها الحزب الجمهوري الآن؟
يشهد الحزب الجمهوري انقسامًا “بشكل ما” بعد براءة ترامب. لكن ليس معروفًا إن كان ما بعد الانقسام سيلفظ الحزب ترامب أم يبقيه ويطرد معارضيه.
أمام قادة الحزب الجمهوري 3 حلول:
1- إقناع الجميع باستمرار الحزب موحدًا “بوجود ترامب ومعارضيه”. وهو ما يدفع به السناتور ليندسي جراهام الذي وعد بمحاولة إقناع ترامب بأنه يحتاج انتصارًا جمهوريًا في انتخابات التجديد النصفي 2022، وأن مثل هذا الانتصار لن يتحقق دون دعم ترامب، وأنه لا يمكن إبقاء حركة الترامبيزم مستمرة دون حزب موحد.
2- بقاء معارضي ترامب ورحيله هو: ترامب يدرس سحب أنصاره إلى حزب جديد “الحزب الوطني الأمريكي”. لكن الفكرة لم تتجاوز تقريرا نشر في وول ستريت جورنال.
3- بقاء ترامب ورحيل معارضيه: وهو ما بدأ فعلًا بانسحاب مسؤولين من إدارة بوش من الحزب الجمهوري. ودفع مسؤولون جمهوريون سابقون فعلًا بفكرة إنشاء حزب ثالث في يمين الوسط. لكنها لم تكتسب الكثير من الزخم.
ترامب يملك قاعدة دعم قوية. استطلاع جالوب كشف أن تأييد ترامب بين الجمهوريين وصل إلى 82%. واستطلاع جامعة مونماوث كشف أن 72% من الجمهوريين مقتنعون أن ترامب الفائز بالانتخابات.
هذا الدعم يحرك الحزب الجمهوري حاليًا. زعيم الأقلية في مجلس النواب كيفن مكارثي حمل ترامب مسؤولية اقتحام الكونجرس، لكنه تراجع، وزار ترامب في منزله؛ لضمان عدم وجود عداء طويل الأمد.
هنا يبدو سيناريو بقاء الحزب موحدًا تحت قيادة ترامب أقرب على المدى القريب.
صحيفة نيوزيلند هيرالد تقول إن دائرة خصوم ترامب الأكثر صراحة “على الأقل في المرحلة الحالية” لن تضم سوى الجمهوريين المتقاعدين من محللي قنوات الكيبل وحركة “نيفر ترامب” التي تواجه تحدياتها الخاصة، خصوصًا التمويل، بالدرجة التي دفعت مؤسس مجموعة سوبر باك ريد جالين للاعتراف بأن “الترامبيزم” تنتصر؛ فـ “لديهم الزخم ولديهم المال”.
على المدى الأبعد، ربما تتغير الأمور مع مواجهة انتخابات التجديد النصفي ٢٠٢٢، عندما تحين الفرصة لمكافأة الحلفاء ومعاقبة من قرروا تجاوز مرحلة ترامب سريعًا.
استراتيجية بايدن ركزت من البداية على فصل نفسه عن محاكمة ترامب علنًا على الأقل. مسؤولو البيت الأبيض قالوا إن الرئيس لم يتابع المحاكمة لأن “جدول أعماله كان مزدحمًا باجتماعات وباء كورونا”.
تأثير براءة ترامب المباشر على بايدن كان إيجابيًا. لم تتجاوز 5 أيام، وسيتفرغ مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الديمقراط لتفعيل أجندة بايدن التشريعية وتمرير تعيينات إدارته.
لكن التأثير الأبعد قد يكون أصعب. ليس فقط لأن الترامبيين الذين أدركوا مدى قوتهم سيستغلون أي مناسبة لعرقلة برنامج بايدن، بل لأن حزب الديمقراط كذلك ليس موحدًا.
ترامب أبقى أجنحة الحزب موحدة، لكن فشل إجراءات العزل قد تفتح باب الانقسامات مجددًا، إلا لو نجح بايدن في إقناعهم أن خطر ترامب لا يزال مستمرًا.