عندما سأل العضو الجمهوري بمجلس الشيوخ ماركو روبيو، وكيلة وزارة الخارجية الأمريكية للشؤون السياسية، فيكتوريا نولاند: “هل تمتلك أوكرانيا أسلحة كيماوية أو بيولوجية؟” كنا نظن أنها ستقول إن أوكرانيا ليس لديها برنامج أسلحة بيولوجية، لكن لديها الكثير من المختبرات التي تقوم بأبحاث الصحة العامة التي تحتوي على مسببات الأمراض التي يمكن أن تكون خطيرة.
لكن بدلًا من ذلك، أجابت نولاند: “أوكرانيا لديها مرافق أبحاث بيولوجية، ونحن الآن قلقون تمامًا من أن القوات الروسية ربما تسعى للسيطرة عليها”.
هذا تصريح تفسره العقول بأنه اعتراف غير مقصود بأن أوكرانيا لديها أسلحة بيولوجية سرية.
منشأة الأبحاث البيولوجية ليست مثل منشأة أبحاث الأسلحة البيولوجية. لكن الكثير من الأشخاص، داخل وخارج الحكومة الروسية، يرغبون في أن يرى الناس المصطلحين مترادفين.
ما يحدث في مرافق الأبحاث البيولوجية الأوكرانية ليس غامضًا أو محاطًا بالسرية، فلطالما كانت مدن الموانئ الأوكرانية مراكز للسفر والتجارة، حيث يأتي الكثير من الأشخاص والسفن، وغالبًا ما تصل الفيروسات المعدية والفئران المصابة بالأمراض.
في 1812، عانت أوديسا من تفشي طاعون كارثي أسفر عن مقتل شخص من بين كل اثني عشر شخصًا،
وفي 1886، تم إنشاء أول مرفق لمكافحة وباء الطاعون في العالم بالمدينة “معهد متشنيكوف في أوديسا لمكافحة الطاعون”.
لذلك ليس من المستغرب أن يكون لدى السلطات الوطنية والحكومية والمحلية في أوكرانيا دائمًا برامج تدرس الأمراض المعدية والفيروسات وتكتشف كيفية إيقاف أو إبطاء انتشارها.
التهديد النووي الروسي | هل تندلع حرب نووية تقتل 6 مليارات شخص؟ | س/ج في دقائق
في 2005، أعيد بناء مختبر معهد متشنيكوف وتحديثه تقنيًا حتى مستوى BSL-3 من خلال اتفاقية تعاونية بين وزارة الدفاع الأمريكية ووزارة الصحة في أوكرانيا والتي بدأت في 2005.
اعتبارًا من 2011، كان المختبر واحدًا من عدد قليل من المرافق الأحيائية التي تعمل حتى المستوى الثالث (مستوى فحص مسببات المرض عبر الاستنشاق،)
ولا يوجد في أوكرانيا أي مرافق من المستوى الرابع للسلامة الأحيائية (مستوى فحص مسببات المرض التي تنتقل عبر الهباء الجوي وتسبب أمراضًا قاتلة).
وبالإضافة إلى بكتيريا الطاعون، يوجد بالمحطة على مر السنين 75 نوعًا من البكتيريا المستعادة من القوارض التي تسبب الكوليرا والتولاريميا وداء اللولبية النحيفة وداء البروسيلات، وقد جمع أغلبها خلال الحقبة السوفيتية، عندما كان يتم اصطياد الفئران واستزراعهم وطفيلياتهم بحثًا عن مسببات الأمراض.
كما كان المختبر مسؤولًا عن مراقبة الوضع المتعلق بالطاعون والكوليرا والجمرة الخبيثة والتولاريميا وداء اللولبية النحيفة في الأجزاء الغربية والشمالية الغربية من الاتحاد السوفياتي، على الرغم من أن أنشطتها كانت تتم بشكل أساسي في أوكرانيا ومولدوفا.
هذه المنشأة مرافق للبحوث البيولوجية المليئة بمسببات الأمراض الخطيرة والمعدية، وهي لا تعتبر منشآت أبحاث أو تطوير أسلحة بيولوجية.
أخرها الحرب العالمية “النووية” | 5 سيناريوهات محتملة لـ حرب روسيا أوكرانيا | قوائم في دقائق
– كان لشبه جزيرة القرم “محطة مكافحة الطاعون” الخاصة بها، والتي تأسست في عام 1971 استجابةً لوباء الكوليرا الذي نشأ في الإسكندرية بمصر وأثر على جنوب أوكرانيا.
وقد سيطرت الحكومة الروسية على تلك المؤسسة منذ أن ضمت القوات الروسية شبه جزيرة القرم في عام 2014.
– هناك دائرة الطوارئ الحكومية الأوكرانية، وهي وكالة للدفاع المدني تقوم بمراقبة الأوبئة وتحقق في تفشي الأمراض المعدية، وتراقب إمدادات الغذاء والمياه، وتحدد المخاطر البيئية.
تدير هذه الوكالة 30 مختبرًا في مراكز SES الإقليمية التي تجري التحقيقات الأولية في تفشي الأمراض التي توجد في أوكرانيا بشكل طبيعي مثل: الجمرة الخبيثة، الليستريات، التولاريميا، الحمى المالطية، الكوليرا، داء الكلب، والريكتسيات، والسل.
– بالإضافة إلى ذلك، يوجد في أوكرانيا أكثر من 31 جامعة بها مختبرات بيولوجية، من المحتمل أن يكون لديهم جميعًا على الأقل بضع عينات من مسببات الأمراض التي يحتمل أن تكون خطرة ومعدية.
في 4 مارس، أعلنت آلا ميرونينكو، عالمة الفيروسات ورئيسة مختبر الإنفلونزا بوزارة الصحة في كييف، أن أكبر مخاوفها بالنسبة للمختبر هو انقطاع التيار الكهربائي، والذي سوف يدمر الكائنات المجمدة.
هذا بالضبط سبب القلق الأمريكي، ففي عام 2005، أدركت حكومة الولايات المتحدة أنه ليس من الجيد وضع جميع أنواع الفيروسات والبكتيريا على الأرفف المبردة لمرافق الأبحاث الأوكرانية مع الحد الأدنى من الأمان.
لذلك وافقت الولايات المتحدة وأوكرانيا على توسيع برنامج Nunn-Lugar التعاوني للحد من التهديدات، لتمويل التحسينات الأمنية لمسببات الأمراض المخزنة في الأبحاث البيولوجية والمرافق الصحية في أوكرانيا – مثل معهد البحث العلمي لعلم الأوبئة والنظافة في لفيف، ومعهد الطاعون في أوديسا، والمحطة المركزية للأوبئة الصحية في كييف-، وقدمت الولايات المتحدة 15 مليون دولار.
وليس من المفاجئ أن تكون الولايات المتحدة قلقة بشأن تلك المعامل، ولذلك نصحت منظمة الصحة العالمية أوكرانيا بتدمير مسببات الأمراض عالية الخطورة الموجودة في مختبرات الصحة العامة في البلاد لمنع “أي انسكابات محتملة” من شأنها أن تنشر المرض بين السكان.
يمكن للروس استخدام مسببات الأمراض الخطيرة في نوع من الهجوم الإرهابي الكاذب، أي ينشرونها ويدعون أن من قام بذلك الأوكرانيون، وإن كان هذا غير مرجح نظرًا لأن القوات الروسية سيئة التدريب والمعرفة، ولذلك رأيناها تقذف محطة نووية بقذائف.
لماذا احتمالات الحرب البيولوجية والكيماوية أكبر من النووي في أوكرانيا؟ | س/ج في دقائق