بودكاست | يوسف القرضاوي: هل اخترق إمام الدم “الجيل الانتقالي” بوسطية مزيفة؟ | | س/ج دقائق

بودكاست | يوسف القرضاوي: هل اخترق إمام الدم “الجيل الانتقالي” بوسطية مزيفة؟ | | س/ج دقائق

20 Oct 2022
رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك
حجم الخط

استمع أولًا إلى بودكاست دقائق “يوسف القرضاوي: هل اخترق إمام الدم “الجيل الانتقالي” بوسطية مزيفة؟” من هنا، أو واصل القراءة إن أردت:


وفاة الشيخ يوسف القرضاوي أعادت فتح نفس باب الجدل الدائم عن الترحم عليه أو الشماتة في موته كعادة السوشال ميديا، حيث ينشغل مستخدميها غالبًا بموضوعات أبعد ما تكون عن صلب الحكاية.

الشماتة أو التحرم وشماتك لن تفيد القرضاوي ولن تضره. لكن التناول غير الدقيق لسيرته ومسيرته الفكرية والسياسية ستؤثر علينا بشكل كبير.


ما بين الشماتة أو الترحم على الشيخ القرضاوي .. هل الأمر مهم لتلك الدرجة؟

في الحقيقة التحدث عن هذا الأمر لن يفيد في شيء، لكن الاستفادة الحقيقية ستكون كشف خطورة أفكار يوسف القرضاوي الرجعية والإرهابية والإجرامية، حتى لا ينخدع بها أحد.

الضرر الأكثر هنا هو السكوت على الأفكار والتطبيع معاها وتجميلها وتقديم في صور حربائية للناس لتستمر في نخر عظم وعقل مجتمعاتنا.

لذلك إن كان المقصود بالشماتة عدم التناول النقدي لأفكار القرضاوي وكشف سجله الإرهابي والإجرامي، يجب أن ننتبه جيدًا لهذا الأمر.


هل فكر يوسف القرضاوي يمثل تهديد في المجتمع إلى هذا الحد؟

في الحقيقة، يوسف القرضاوي يمثل من الخطورة عشرات أضعاف خطورة شخص مثل بن لادن أو الظواهر أو سيد قطب شخصيًا!

بدون أي مبالغة، فإن القرضاوي قدم نسق فكري من أخطر ما يمكن، تمكن من خلال هذا النسق الفكري أن يكسب شعبية لم يتمكن بن لادن والظواهري وسيد قطب من الحصول عليها، بينما هو تمكن من أن يكسب الحسنيين؛ وأيضًا الإرهابيين والمثقفين، وهنا تظهر خطورته الحقيقية.

سنتحدث عن أهم وأخطر المعالم في مشروعه الفكري، التي خدعت كثير من المثقفين، ووقعوا في فخ وسطيته الزائفة. لكن أولًا دعنا نسلط الضوء على السياق التاريخي الذي ظهر فيه القرضاوي داخل جماعة الإخوان.


من هو يوسف القرضاوي أصلًا؟

ولد يوسف القرضاوي عام ١٩٢٦ في أسرة مصرية بسيطة بإحدى قرى الغربية، وبالتحديد في قرية صفط تراب.

توفى والده وهو رضيع ذو عامين، عاش يتيم ورباه عمه، لكنه كان متفوق دراسيًا، حصل على المركز الثاني في الثانوية الأزهرية على مستوى المملكة المصرية آنذاك.

تخرج من كلية أصل الدين بـ “الأزهر” عام 53، وأكمل دراساته للماجستير والدكتوراه، وحصل على الدكتوراه عام 73 عن رسالة كان موضوعها “الزكاة وأثرها في حل المشكلات الاجتماعية”.

كانت حياة يوسف القرضاوي طبيعية حتى انضم للإخوان المسلمين، وبسببهم تعرض للاعتقال أكثر من مرة؛ مرة في العهد الملكي، و3 مرات في عهد عبد الناصر، بعد ذلك سافر قطر وحصل على الجنسية القطرية عام 77.


كان سفر القرضاوي إلى قطر نقطة تحول في حياته .. كيف ذلك؟

بدأ يوسف القرضاوي فصل جديد في حياته مع الإخوان المسلمين برعاية قطر التي سمحت له بتأسيس مجموعة من المؤسسات الدينية والاجتماعية لخدمة الجماعة.

في قطر أسس كلية الشريعة والدراسات الإسلامية، وأسس مركز بحوث العام والسيرة النبوية بالجامعة القطرية، وأصبح  له برنامج ثابت كل جمعة على التلفزيون القطري من اليوم الأول لافتتاحه، وأيضًا برنامج ثابت على الإذاعة القطرية

هذا بخلاف برنامجه الرئيسي على قناة الجزيرة بعنوان “الشريعة والحياة” في محاولات قطرية وإخوانية لصناعة شعراوي إخواني في قطر.

دعنا نؤكد على نقطة مفصلية ومحورية في مسيرة وهي أنه بعد وفاة صديقه، الشيخ محمد الغزالي، والذي كان يتم تقديمه باعتباره أديب الدعوة، وفقًا للتعبير الذي اعتمده حسن البنا شخصيًا، ظهرت الحاجة هنا لمنظر جديد للجماعة يملأ فراغ الغزالي، وفى نفس الوقت يعادل كفة الجماعة أمام شعبية شيوخ المؤسسة الدينية الرسمية الممثلة في الأزهر.

من هنا برز اسم ودور يوسف القرضاوي كمنظر أول ووحيد للجماعة، لدرجة أن الإخوان وضعوه بمكانة شيخ الأزهر، ووصفوه بالإمام الأكبر مرة، في نوع من المحاولات الإخوانية المعتادة في صناعة كيانات موازية خاصة بيهم، وكأنهم يقولون أن القرضاوي هو شيخهم البديل لمنصب شيخ الأزهر.

سعى القرضاوي لتطوير تلك النقطة بالفعل على أرض الواقع بدعم مالي غير محدود من قطر ومن التنظيم الدولي للجماعة؛ أسس في أيرلندا “المجلس الأوروبي للإفتاء”، لفرض السيطرة الكاملة والمطلقة على فتاوى المسلمين في أوروبا.

وفي 2004 أسس الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين، الذي تم تصنيفه وضمه فيما بعد لقائمة الإرهاب في 2017 في بيان رسمي من مصر، والسعودية، والإمارات، والبحرين.

وفي ٢٠٠٨ منعت بريطانيا منح القرضاوي تأشيرة الدخول لأراضيها للعلاج، بسبب فتاويه عن العمليات الإنتحارية والإرهابية ضد المدنيين، ثم منعته فرنسا من دخول البلاد في ٢٠١٢.

ومن ثمَّ نحن أمام شخص يؤدي دورًا من أخطر الأدوار داخل جماعة الإخوان المسلمين، لدرجة أن البعض يتعامل معه باعتباره المرشد الحقيقي للجماعة، والمرشد المحتمل لأهل العلم والجماعة مثل المرشد الشيعي في إيران كده!.


حسنًا، أصبح القرضاوي شيخًا ومنظرًا ومفكرًا رئيسيًا داخل الجماعة .. فما هي خطورة أفكاره؟

في البداية يجب أن ندرك جيدًا أننا نتحدث عن جماعة لا تمتلك أي منتج فكري معتبر. جماعة يمكن وصفها بأنها متميزة حركيًا وتنظيميًا، لكن فكريًا، لا تمتلك كاتب واحد قدم كتاب واحد مهم في الفقه أو السيرة أو التفسير أو الحديث.

لكن يوسف القرضاوي قدم للجماعة خدمة هائلة من خلال تقديمه لصورة مختلفة وغير تقليدية من الخطاب الديني، صورة تبدو في الظاهر أنها ليست سلفية ولا نصوصية بشكل كامل، وفي نفس الوقت تبدو غير متحررة من النصوص بشكل كامل. نموذج إخواني يليق بجماعة الإخوان في ظرف تاريخي تبيع فيه نفسها أمام الغرب باعتبارها ألطف الكائنات والجماعات الإسلامية التي من الممكن أن يتعاملوا معها، من هنا ظهر نموذج القرضاوي الذي كان حريصًا على تقديم خطاب ليس متشددًا ولا متساهلًا.


هل معنى ذلك أن أفكار يوسف القرضاوي كانت وسطية؟

في الواقع، لا. قد يبدو في الظاهر أنه متحرر ومتساهل ومتوافق أحيانًا كثيرة مع قيم العصر – على نقيض الخطاب السلفي – وبذلك يعتبر شيخ وسطي ومعتدل، لكن بالعكس!.

نحن أمام شيخ يقدم خطاب “برجماتي”، خطاب غير محكوم بأصول وقواعد محددة يمكن من خلالها أنت كمواطن أنك تستخدمها وتنتج لنا خطاب وسطي مثله.

خطاب يوسف القرضاوي مرجعيته الرئيسية والأساسية والمركزية الوحيدة هي “مصلحة الجماعة”.

من خلال مصلحة الجماعة ستجده يقدم خطاب أحيانًأ سلفي، وأحيانًا تقدمي، وأحيانًا أخرى رجعي، ومتحرر. المهم يحقق مصلحة الجماعة ولو بتقديم خطاب متناقض في كل شيء تقريبًا.


هل هناك أدلة فعلية على تناقض أفكار القرضاوي؟

بالتأكيد، هناك العديد من النماذج التي تكشف بوضوح شديد تناقضات القرضاوي وأكذوبة وسطيته واعتداله وانحيازه لفكرة التجديد والإصلاح الديني، وهناك نماذج كثيرة أيضًا تُظهره في مظهر الوسطي المعتدل المجدد، وهذا هو جوهر مشكلة وخطورة القرضاوي، أن منهجه وأفكاره قائمة على التناقض والتجاور بين المتناقضات حسب مصلحة الجماعة.

خلاصة منهج ومنتج يوسف القرضاوي الفكري يتلخص في أن الأمور التي قد تهدد تركيبة ومصلحة جماعة الإخوان وتنظيمها الهيكلي، ستجده متشدد ورجعي فيها جدًا جدًا.

أما الأمور التي قد تفتح للجماعة أبواب جديدة وأرضيات جديدة يوصلوا بها لشرائح اجتماعية وغربية جديدة، ستجده فيها منفتح ومتسامح جدًا.

ومن ثمَّ لا يمكن النظر إلى مشروع القرضاوي بدون الأخذ في اعتبارنا أن هدفه الأساسي هو مصلحة الجماعة، والأدلة على ذلك كثيرة، مثل:

– يقول إن الفن والسينما والنحت والموسيقى حلال طالما في مصلحة تمدد وانتشار الجماعة، هذا أمر يعتبره البعض تطور وتقدم رهيب، وكأن مصر كانت منتظرة يوسف القرضاوي مثلًا لتمارس مهنة التمثل أو الغناء.

في حين أنه يحرم فوائد البنوك لصالح ما يسمى بالاقتصاد الإسلامي والبنوك الإسلامية، بالإضافة إلى ذلك فهو يُزيد من مصارف الزكاة ويُزيد أيضًا إلزامية “الجزية” على جميع الديانات غير الإسلام، بدلًا من الاجتهاد في إلغاء الجزية باعتبارها ممارسة قديمة بنت عصرها.

– حتى المسائل التي قد يبدو فيها متطور ومتقدم فعلًا مثل موضوع إباحة زوج المسلمة من غير المسلم، ستجد الدافع الأساسي له هو تحقيق المصلحة الإخوانية وتمدد الجماعة في الغرب فقط.

وفي نفس الوقت ستجده متشددًا للغاية في كل ما يخص مسائل الأحوال الشخصية والأسرة مثل الزواج، والطلاق، والحجاب، لدرجة أنه يحرم على أي شخص أن يعيش بدون زواج.

وهو أمر مباح في الإسلام، وكثير من المشايخ كانوا أكثر ميلًا لها، مثل: ابن تيمية، وسيد قطب شخصيًا، لكن طالما الموضوع ممكن يأثر على موضوع بناء الأسر الإخوانية، يبقا حرام على طول.

– ستجده يدعو للتقريب بين العام والشيعة بهدف أن تحصد حماس أموال وأسلحة من إيران، ثم تجده يدعو لمحاربة الشيعة وبشار العلوي في سوريا من منطلقات دينية وطائفية ومذهبية، بهدف تحقيق مصالح الجماعة وأردوغان الذي وصفه بأنه أمير المؤمنين!.

– يقول: إعلان داعش الخلافة في سوريا باطل شرعًا. وبعد ذلك ستجده يقول: سيطرة داعش على الموصل ثورة شعبية.

– يقول: أنا مختلف مع سيد قطب في تكفير المجتمعات، وستجده ساعة الجد ليس لديه أي مشكلة مع التكفير وإباحة الدماء، أباح دماء القذافي بفتوى من أفظع وأخطر الفتاوى التي فتحت حمامات من الدم في ليبيا، وثورات الربيع العربي التي بدأت بشباب يرفع شعارات السلمية ضد الرصاص والعنف، بينما يوسف القرضاوي لا يعرف إلا لغة الدم والعنف والإرهاب واستغلال الدين واستخدامه في الصراعات السياسية، ويقولك: اقتلوا القذافي ودمه في رقبتي!.

– ليس هذا فقط، بل ستجد أنه تقدمي للغاية بانحيازه لثورات الربيع العربية التي كان يراها أساس ثورات دينية، وستجده مع الخروج على بشار وبن علي ومبارك والقذافي.

وفي نفس الوقت تجد أنه رجعي وأصولي جدًا وضد الخروج على تميم وأردوغان ومرسي وأباح دم الخارجين على مرسي بأحاديث من يخرج على الإمام فاقتلوه، ودعا جميع الدواعش في العالم أيضًا للسفر إلى مصر لمحاربة السيسي وقتل الجيش والشرطة والمدنين أيضًا.

– كما ستجد موقفه متطور جدًا في التعامل مع الإساء للإسلام بسماحة كموقفه من الفيلم المسيء للرسول الذي رفض مواجهته بالعنف، ووصف الغاضبين بأنهم حمقى. وطالب بمجادلة الناس بالتي هي أحسن، وعدم تحميل الشعب الأمريكي وزر الفيلم.

وفى نفس الوقت عندما تغير النظام الأمريكي وتغيرت معاملته مع الإخوان، قام يوسف القرضاوي بتحريض الناس على مقاطعة المنتجات الغربية والأمريكية.

طالما أمريكا جيدة العلاقات مع الإخوان، ستجد أنه يفتي لجنود أمريكا المسلمين بالمشاركة في محاربة المسلمين في أفغانستان.

ستجده يقول بمنتهى الوضوح والصراحة أن نظرية التطور خطأ وحرام وضد الدين، لكن لو ثبتت، يمكن أن نجد لها مخرج ديني لتكون حلال.

ومن ثمَّ لا يوجد حاكم ورابط لفتاوى وأفكار القرضاوي التي يتبعها أنصاف المثقفين واليساريين ويقدموها باعتبارها دليل تجديد ووسطية واعتدال القرضاوي، وهم يتغاضون ويتغافلون تمامًا عن كل آراءه وأفكاره ومواقفه الرجعية والإجرامية والإرهابية المناقضة لها، والكاشفة عن وسطيته المزيفة.


 

رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك

موضوعات متعلقة

التعليقات (0)

يجب عليك .. تسجيل الدخول أو التسجيل لتتمكن من التعليق.

تعليقات الفيسبوك