لا حديث لعشاق السينما هذه الأيام، إلا فوز أنتوني هوبكنز بأوسكار أفضل ممثل عن دوره في فيلم الأب The Father. وهو الفوز الذي حقق به رقمًا قياسيًا، وأصبح بفضله أكبر من فاز بأوسكار تمثيل على الإطلاق، وسط كل الممثلين والممثلات (عمره وقت الفوز 83 عامًا).
الفوز هو الثاني لهوبكنز، بعد أوسكار أول مستحق عن صمت الحملان. ويمكن القول أن الدورين سيظلان للأبد كارت التعريف بأسطورته كممثل.
أنتوني هوبكنز – The Father
في صمت الحملان، استلم أنتوني هوبكنز شخصية اسمها هانيبال ليكتر، لم تُحقق نجاحًا يُذكر على الشاشات قبله، وجعل منها أيقونة سينمائية، بفضل تفاصيل صغيرة ابتكرها، مثل الأداء الصوتي الهادئ الصارم، والإبقاء على العين مفتوحة أغلب الوقت.
ناقشنا هذا سابقًا بتفصيل أكبر في مقال عن صمت الحملان، لمن يرغب في معرفة المزيد عن مصادر إلهام أنتوني هوبكنز في هذا الدور الأيقوني، والفيلم ككل:
صمت الحملان | الصوت الهادر الذي زلزل هوليوود والأوسكار للأبد | حاتم منصور
وفي The Father قدم هوبكنز أفضل وأهم أدواره منذ هانيبال ليكتر. الفيلم في الحقيقة لا يستفيد فقط من قدراته كممثل، بل يستفيد أيضًا من تاريخه وهويته السينمائية المحفورة في أذهاننا.
كيف ذلك؟ ولماذا أصبح الأب من الحالات التي تتوقف فيها للتساؤل: من استفاد من الثاني أكثر؟ الممثل أم الفيلم؟ الأجوبة يمكن قراءتها في مراجعة الفيلم:
The Father | أنتوني هوبكنز ضد الوحش الأكثر رعبًا على الاطلاق (كبر السن) | حاتم منصور
مقالنا هنا بالأساس عن أمجاد سينمائية أخرى لأنتوني هوبكنز، بعيدًا عن دوري الفوز بالأوسكار، وعن أفلام تستحق المشاهدة في مشواره الحافل. مع ملاحظة أن القائمة مُرتبة طبقًا لتاريخ العرض.
المخرج البريطاني الراحل ريتشارد أتنبورو وصف أنتوني هوبكنز في السبعينيات، وقبل مرحلة الشهرة، باعتباره أفضل ممثل في جيله. وفي هذا الفيلم المرعب الموتر، منحه البطولة والفرصة الأولى للشهرة.
الدور عن رجل يعمل في تحريك الدُمي وتقديم فقرات السحر، يفقد عقله تدريجيًا عندما تصبح الدمية التي يحركها، شخصيته الموازية الأخرى.
ألاعيب الدراما النفسية، والأداء الصوتي الموفق لهوبكنز عندما يتحدث بلسان البطل، أو بلسان الدمية، عناصر جعلت هذا الفيلم محطة ميلاده كممثل مختلف عن أقرانه، ومنحته أيضًا ترشيحًا للكرة الذهبية والبافتا كأفضل ممثل.
الأحداث مقتبسة من حياة البريطاني جوزيف ميريك (1862-1890) الذي عاني من تشوهات خلقية، اكتسب بسببها لقب الرجل الفيل. في عصر لم يكن رحيمًا نهائيًا مع أصحاب هذه الحالات.
الدور الرئيسي يلعبه الممثل جون هارت، لكن ما يضيفه أنتوني هوبكنز في دور الطبيب الرحيم الذي يحاول إصلاح حياة هذا المسكين، لا يقل أهمية.
هوبكنز هو صوت الإنسانية في الفيلم، وطباعه الأرستقراطية البريطانية عنصر مهم يقنعنا أكثر بزمان ومكان الأحداث، خصوصًا عندما امتزج هذا مع قرار المخرج ديفيد لينش بتنفيذ الفيلم بالأبيض والأسود.
يصعب اليوم تخيل فيلم واحد يضم (أنتوني هوبكنز – ميل جيبسون – دانيال دي لويس – ليام نيسون). لكن عام 1984 لم يكن أي من هؤلاء مصنفًا كنجم ثقيل الوزن بعد. وفي الحقيقة أخفق الفيلم تجاريًا رغم وجودهم!
يقتبس الفيلم أحداثه من رواية شهيرة بعنوان تمرد على السفينة بونتي. ويلعب فيه هوبكنز دور قبطان صارم، يواجه تمردًا من طاقم سفينته، يقوده شاب أقل رتبة (ميل جيبسون).
من جديد، وجد أنتوني هوبكنز ما يناسب هويته السينمائية المحافظة في هذا الدور. واكتسب الصراع في الفيلم وزنه؛ لأن لدى هوبكنز وجيبسون الحضور السينمائي الذي يتركنا في حيرة لتحديد أيهما يجب أن نقف في صفه.
4- Howards End
نهاية هوارد – 1992
وضع صمت الحملان عام 1991 أنتوني هوبكنز على خريطة النجومية، بعد عقدين من المحاولات. لكن نهاية هوارد الذي أخرجه جيمس إيفوري، هو الفيلم الذي أعاد تذكير ملايين سريعًا أن هوبكنز يمكن أن يتألق في شخصيات أقل غرابة، وقصص كلاسيكية الطابع.
الأحداث مقتبسة من رواية بنفس الاسم، عن صراع ثلاث طبقات اجتماعية في بداية القرن العشرين بإنجلترا. والدور هو رجل قاسٍ يحاول أن ينكر وصية زوجته الراحلة بخصوص طريقة توزيع ممتلكاتها.
عاد هوبكنز في هذا الفيلم المقتبس من رواية بنفس الاسم أيضًا، للتعاون مع المخرج جيمس إيفوري.
الدور هو رئيس خدم مخلص يعمل في خدمة أسرة بريطانية، ويواجه تحديات بسبب الحرب العالمية الثانية التي تدق الأبواب. وبسبب ظهور مدبرة منزل جديدة أيضًا، تعيده للتساؤل بخصوص جدوى حياته.
شون كونري.. لا تقل أبدًا مجرد بوند.. جيمس بوند | حاتم منصور
التحدي التمثيلي المزدوج في الفيلم لهوبكنز، كان أن يخرج من عباءة الشخصيات والأدوار ذات الحضور الطاغي، ويصبح أقرب لشخص عادي غير ملحوظ (خادم). وأن يشدنا في نفس الوقت للشخصية وأزماتها. وهو التحدي الذي ربحه بجدارة، ونال عنه ترشيحًا جديدًا للأوسكار.
عندما أعلن المخرج أوليفر ستون عن اختيار أنتوني هوبكنز لدور الرئيس الأمريكي السابق ريتشارد نيكسون، ظهرت حالة واسعة من الرفض؛ ليس فقط لأن هوبكنز بريطاني اللكنة والأصل، لكن أيضًا بسبب اختلافه الكبير في الشكل ونبرة الصوت عن نيكسون.
هوبكنز على أي حال لم يسع لمحاكاة وتقليد، بقدر ما قدم أداءً انطباعيًا عن الشخصية، مزج فيه بين القوة والصلابة التي عرفها ملايين عن نيكسون، مع تأثير لحظة الانكسار والفضيحة التي أنهت رئاسته.
النتيجة النهائية كانت إشادة جماهيرية ونقدية بالدور، وترشيحًا جديدًا للأوسكار كأفضل ممثل.
10 اختيارات تمثيلية رفضها الجمهور ثم أثبتت صحتها | حاتم منصور
الأحداث عن ملياردير يلعب دوره هوبكنز، يتورط هو ومرافقوه، في معركة بقاء داخل الغابات ضد الصقيع والكائنات المفترسة، بعد سقوط طائرتهم. معركة سنعرف منها تدريجيًا ما هو أكثر عن هذه الشخصيات وأزماتها وعلاقاتها ببعضها.
News Of The World | كيف أصبح توم هانكس أفضل وأسوأ عناصر فيلم واحد؟ | حاتم منصور
على السطح، يبدو هذا الفيلم الذي أخرجه لي تاماهوري، كفيلم أكشن تسعينياتي آخر. لكن أداء هوبكنز، والحوارات الذكية الفلسفية التي صاغها السيناريست ديفيد ماميت، ارتقت به لمكانة أفضل وأثقل.
أغرب إنجاز حققه أنتوني هوبكنز في هذا الفيلم ربما، هو أنه أقنعنا أن الذكاء والحكمة لدى الشخصية الرئيسية، قد تكون أكثر قيمة من السرعة والعضلات، حتى في صراع ضد وحوش البرية. وأنه يصلح أن يكون نجمًا مقنعًا في مشاهد أكشن، إذا توفر النص المناسب لعمره وهويته كنجم.
عنوان الفيلم قد يتركك مع انطباع خطأ. أنتوني هوبكنز لا يقوم بدور هندي في الفيلم، بل بدور النيوزيلندي العجوز بيرت مونرو، الذي أعاد تصميم دراجة من هذا النوع، وكسر بها أرقامًا قياسية في السرعة في الستينيات رغم سنه.
Ford v Ferrari.. كريستان بيل ومات ديمون يتسابقان إلى الأوسكار | ريفيو | حاتم منصور
يستفيد هذا الفيلم الذي أخرجه روجر دونالدسون، من الهوية السينمائية لهوبكنز، كنجم عجوز يتحدى التقدم في العمر باستمرار. ويستفيد أيضًا من قدراته كممثل، قادر على توريطنا عاطفيًا في رحلة هوس متعلقة بالسرعة والرياضة.
مسيرة أنتوني هوبكنز تضمنت القيام بشخصيات حقيقية كثيرة كما لاحظت من العناوين السابقة. وفي هذا الفيلم، الذي دارت أحداثه عن صراعات المخرج الأمريكي هتشكوك أثناء صناعة فيلمه الشهير سايكو Psycho، أصبح التحدي التمثيلي مختلفًا.
مختلف لأن الماكياج المكثف يمحو تمامًا ملامح هوبكنز، ويسحب منه تأثير النجومية أثناء المشاهدة.
ومختلف أيضًا لأن الدور يتطلب لغة جسد مختلفة ومكثفة، تتناسب مع شخصية هتشكوك وذاكرة الجمهور عنها، وهو ما يقدمه أنتوني هوبكنز بذكاء.
حدث ذات مرة في عقل التارنتينو.. لكن لم يحدث على الشاشات | حاتم منصور
إجمالًا، لم ترتق باقي عناصر الفيلم للأسف لاسم هتشكوك، أو لأداء بطله. لكنه يظل واحدًا من علامات هوبكنز التمثيلية، وأكثرها مرحًا.
الأحداث في أعقاب فضيحة الفاتيكان بالتستر على جرائم جنسية. وفيها نتابع البابا بندكت السادس عشر، الذي يلعب دوره أنتوني هوبكنز، ومحاولاته لإقناع البابا فرنسيس، الذي يلعب دوره جوناثان برايس، بتولي المنصب خلفًا عنه.
تايم لاين| فضائح جنسية بحق أطفال هزت أروقة الفاتيكان
من جديد، يلعب أنتوني هوبكنز دورا منسجمًا جدًا، مع هويته السينمائية كنجم مرتبط بالأدوار والشخصيات المحافظة.
نظريًا، تبدو الحبكة ثقيلة وجدية، لكن الفيلم في الحقيقة ذو طابع كوميدي، وازداد هذا الطابع قوة بفضل أداء بطليه. الاثنان بالمناسبة حصدا ترشيحًا للأوسكار.
Charing Cross Road -1987
Bram Stoker’s Dracula -1992
Shadowlands -1993
The Mask of Zorro -1998
Titus -1999
TOP 10 | أهم أفلام المحاكمات في تاريخ السينما | حاتم منصور
من هو النجم العجوز الآخر، الذي تراه منافسًا شرسًا لأنتوني هوبكنز، ويستحق قائمة مماثلة للموجودة هنا؟
موضوعات متعلقة
نسخة للطباعة
