السيناريو معروف: الشاب الوسيم يقابل الفتاة الجميلة، فتبدأ قصة حب تتعرض لعراقيل ما، لكن الحب ينتصر دومًا؛ لأنه رائع للغاية، ولأن هذه هى النهاية السعيدة المطلوبة، التي تصلح لانتزاع الأموال من جيب المراهقات في شباك التذاكر!
حسنًا، الشيء المؤكد أن العلاقات أعقد من هذا. وأن الحب الحقيقي في العالم الحقيقي، قد ينتهي بهزيمة بالقاضية، أو بجلسات انفصال، أو بجولات في محاكم الطلاق، أو بغيرها من النهايات المؤلمة التي يكتبها الواقع!
“لم أر تفككًا بهذا الحجم” | لماذا تطلب السوريات الطلاق فور وصولهن أوروبا؟ | ترجمة في دقائق
هنا جولة مع أهم 10 أفلام رومانسية تعرضت لتعقيد العلاقات، مع ملاحظة أن الترتيب هذه المرة لا يعكس أفضلية من أي نوع، وإنما هو ببساطة ترتيب للتسلسل المنطقي الواجب للحديث عن زوايا العلاقات، وما يضيفه كل فيلم هنا عنها.
أسباب عديدة تجعل هذا الفيلم حتى اليوم، ضمن الأكثر شعبية بين أفلام الكوميديا الرومانسية، ومنها بالتأكيد الكيمياء العالية بين النجمين (بيلي كريستال – ميج ريان).
ميج رايان ممثلة هوليوود الشهيرة.. إليك أبرز أفلامها وقصة نجاحها
لكن وسط الكوميديا، لا ينسى الفيلم أن يحتفظ بإطار واقعي عن طبيعة تفكير الجنسين. العائق هنا لوجود علاقة أو استمراريتها لاحقًا هو ببساطة كمية الظنون والشكوك التي أصبحت جزءًا سائدًا من طريقة تفكيرنا جميعًا كبشر.
أكثر مشاهد الفيلم شهرة كانت (الواقع ضد التوقعات)، وغالبًا هو صاحب الفضل في تحول المصطلح إلى مدرسة ميمز عالمية، على السوشال ميديا، عن كل شيء في الحياة، وليس فقط عن الحب.
خلي بالك من ساندي | كيف تحولت الميمز إلى لغة تفكك المجتمعات وتبنيها؟ | فيروز كراوية
لكن الإنجاز الأهم للفيلم المقتبس من تجربة عاطفية حقيقية لمؤلفه كان تطويع تعقيد العلاقات، وتلك المرحلة التي يتعامل فيها طرف مع علاقة ما بمنتهى الجدية، بينما الطرف الآخر أقل إكتراثًا بها، إلى عمل جاد وواقعي في مضمونه ورسالته، حتى لو كان يلعب أغلب الوقت بنفس كروت أفلام الكوميديا الرومانسية.
بسبب اللمسة الواقعية أيضًا، تحول بطلا الفيلم لموضع جدل، بخصوص تحديد الطرف الذي يستحق اللوم، وهو ما يمكنك قراءة تفاصيله بشكل أفضل عبر الرابط التالي:
10 سنوات على توم وسمر.. من الظالم والمظلوم؟ | أمجد جمال
الفيلم ككل قد يكون ألطف عمل فني عن النضج والتجاوز في العلاقات العاطفية، وبالتأكيد ساهم بطلاه في ذلك بشدة (جوزيف جوردون ليفيت – زوي ديشانيل).
ما يجعل لهذه الثلاثية السينمائية مكانتها المتفردة في تاريخ السينما، هو الاحساس الصادق والمقنع بتأثير الزمن على الشخصيات والعلاقات، وذلك بفضل فارق 9 سنوات بين كل فيلم وآخر.
لا توجد هنا صراعات معقدة، أو عراقيل مباشرة أمام العلاقة، أو تحديات وخصوم يواجهها طرف، لإثبات أنه يستحق حب الآخر.
أصحاب ولا أعز.. ولا رقابة.. ولا أجندات نتفلكس؟ | حاتم منصور
بدلًا من ذلك، وفي كل فيلم من الثلاثة، نشاهد بالأساس البطلين في حديث طويل عبر يوم واحد، عن العلاقات والعمل وعالمنا المضطرب، وشكوكنا في كل شيء.
تركيبة سرد تبدو مملة نظريًا، لكن النتيجة عكس ذلك، بفضل مهارات المؤلف والمخرج ريتشارد لينكليتر، وحضور النجمين (إيثان هوك – جولي دلبي). وبالمناسبة، ساهم كلاهما في تأليف الجزئين الثاني والثالث.
المميز في هذا الفيلم هو أنه يسحبك منذ البداية بخيوط ناعمة تطابق الكثير من قواعد أفلام الكوميديا الرومانسية الحالمة، ثم يصرعك فجأة مع البطل بمشهد صادم واحد، يُعيدك ويعيده إلى أرض الواقع وتعقيداته!
لعبة المفاجآت راقت لمؤلفه ومخرجه جيسون ريتمان، ويمكن ملاحظتها في أعمال تالية له مثل Tully لكن بدرجة أقل فاعلية.
نظرة جريئة وصادمة للأمومة والإنجاب في Tully
ما يجعل لعبة المفاجأة هنا أكثر قوة، أننا كمشاهدين نتورط فعليًا في قراءة معطيات العلاقة بنفس طريقة البطل، وعندما نعيد قراءتها على ضوء المفاجأة، يأتي احساس صادم بالسذاجة، لأننا قرأناها بنفس الطريقة المعتادة السطحية لأفلام الكوميديا الرومانسية.
يملك الفيلم من ناحية ما يمكن تصنيفه كأفضل أداء في مشوار جورج كلوني كممثل. والأهم أن وجوده هنا كنجم بكل شهرته من حيث الجاذبية، جزئية مفيدة، تورط المتفرج في قراءة أكثر خضوعًا للمطلوب قبل المفاجأة.
الأغنية الشهيرة في مشهد البداية، تنبئ وحدها بملحمة سينمائية غنائية على الطريقة الكلاسيكية، وهو ما يحققه لالا لاند بامتياز فعلًا، لكنه يتجاوزه ليصبح أعظم وأهم وأعمق من الناحية الدرامية والواقعية.
تشابك الواقع وتعقيداته وطعناته بخصوص العلاقات، يأتينا هنا في أكثر حالاته حسرة، لأنه يحدث بعد ايماننا التام كمتفرجين، أن أمامنا قصة حب غير قابلة للطعن، خاصة مع درجة التوافق بين نجمي الفيلم (ريان جوسلينج – إيما ستون).
CODA | أن تسمع بقلبك حكاية أسرة من الصم والبكم | حاتم منصور
الأهم أننا لا نشاهد تفصيليًا، ما فعله الواقع بقصة الحب، بقدر ما يتركنا الفيلم للتأويل والتفسير.
هذه الجزئية قد تكون أذكى قرارات دميان شازيل ككاتب ومخرج؛ لأنها تسمح لكل متفرج بملأ هذه الخانة بالطريقة التي يراها مقنعة، ومرتبطة ربما بتجاربه العاطفية الشخصية.
رغم هذا يظل الفيلم مخلصًا لقصة الحب فيه، عبر علامات واضحة في مشهد النهاية، تؤكد بشكل قاطع أن قصتنا هنا وأيًا كانت نهايتها، قد تركت في الحبيبين ذكريات وعواطف لم تتكرر في أي علاقة أخرى.
لالا ند من أكثر الأفلام حفاوة بالحب، وتأثيره الإيجابي في حياة الإنسان. وبدرجة ما هو أيضًا أكثر أفلام القائمة هنا تفهمًا لقسوة الحياة وتعقيداتها، وقدرتها في إجبار البشر على الاستسلام.
المحطة الرومانسية التالية للنجم ريان جوسلينج هنا أكثر سوداوية من لالاند، وفيها يحاول المؤلف والمخرج ديريك كيانفرانس إجابة السؤال الحرج: كيف يمكن أن تنتهي أقوى علاقات الحب بالانفصال والطلاق؟!
مسلسل البحث عن علا | الرجال ليسوا ضروريين في عالم الكومباوندات | أمجد جمال
مصدر الإلهام للمؤلف، كان تجربته الشخصية عندما تطلق والداه، لكن ما يميز فيلمه وشخصياته، هو قابليته لملامسة أي علاقة عاطفية أو زوجية.
السرد هنا غير متسلسل، ونتحرك زمنيًا فجأة للأمام أو للخلف، لمشاهدة هذه العلاقة، وهذا جزء من لعبة الحيرة المطلوبة. لكن مع وصولنا للنهاية، ومع تشابك كل الخطوط والأحداث مع بعضها، يصبح أمامنا إجابة أوضح لسؤال الفيلم الحرج.
عندما ظهرت أخبار عن نية برادلي كوبر إعادة إنتاج هذه القصة، التي تناولتها هوليوود سابقًا 3 مرات، في أول تجاربه كمخرج، كان السؤال الرئيسي: هل نحتاج فعلًا لمشاهدة هذه القصة من جديد؟
على ضوء النتيجة، يمكن القول إن الإجابة نعم وبشدة؛ لأن نسخة كوبر هي الأفضل على الإطلاق، والأكثر شجنًا وأسلوبية.
الحب عادة في السينما يصنع المستحيلات ويغير الجميع للأفضل ويعالج مشاكلهم، لكن ليس في مولد نجمة.
والمهم في الفيلم واقعيًا، أنه يذكرنا أن ربط مصداقية الحب وقوة العلاقة، بقدرتها على تغيير الطرفين، هو ببساطة ربط خطأ.
مولد نجمة ومخرج وأوسكارات أيضًا في A Star Is Born
نحن بشكل ما أسرى لشخصياتنا التي تكونت منذ الطفولة وطوال حياتنا، والحب مهما كانت درجة صدقه ونبله، قد يكون غير قادر على تغيير ذلك بالشكل المطلوب.
الاختيار الأكثر اثارة للجدل في القائمة بالتأكيد، لأنه عن قصة حب مثلية بين شابين.
ما يجعل الفيلم جديرًا بالوجود هنا كواحد من أعظم الأفلام الرومانسية وأكثرها ارتباطًا بالواقع، هو أنه أولًا يلامس بقوة – بصفة عامة بعيدًا عن جزئية المثلية – لذة التجارب العاطفية والجنسية الأولى في حياة كل إنسان، ولحظات الاكتشاف والفضول والحيرة التي تعترينا جميعا في سن المراهقة.
المثلية الجنسية في الشرق الأوسط | جرمها “الإنجليز”.. كم عددهم؟ وما موقفها في بلدك؟ | س/ج في دقائق
وأنه ثانيًا يطوع بصريًا مكان وزمان الأحداث (الريف الإيطالي في أوائل الثمانينيات) ليصبحا جزءًا من هذه العلاقة المليئة بالإغواء والشاعرية والإيروتيكية بين طرفين حائرين، وغير واثقين أن هذا ما يريدانه حقًا.
كل هذا ازداد فاعلية بفضل أداء (أرمي هامر – تيموثي شالاميت). وإن كان الأخير بالأخص هو من يخطف الأضواء هنا، ويثبت أنه واحد من أفضل ممثلي جيله.
ومع النهاية المؤثرة، وأيًا كانت مواقف وأحكام المتفرج المُسبقة أخلاقيًا ناحية العلاقات المثلية، يسهل على الأقل الاقتناع أن ما شاهدناه كان قصة حب مؤثرة وحقيقية بالنسبة لأبطالها.
يوجد تفسير مزدوج لعنوان هذا الفيلم النرويجي المسلي الذي كتبه وأخرجه خواكيم ترايير، ونال عنه ترشيحًا للأوسكار كأفضل سيناريو أصلي.
التفسير الأول ستسمعه في الفيلم نفسه على لسان البطلة. والثاني متعلق بقناعة نرويجية، مضمونها أنك لو فشلت في النرويج، فأنت حتما أسوأ شخص في العالم، لأنه لا توجد بلد أخرى ستمنحك نفس كمية الامتيازات والفرص للنجاح!
مؤشر البؤس.. ما هي الدول التعيسة والسعيدة على مستوى العالم؟| س/ج في دقائق
منذ البداية نتعرف على مشكلة البطلة، التي أصبحت اليوم شبه عالمية لجيل كامل (التردد والتذبذب في اتخاذ القرارات).
ماذا يحدث عندما يمتد نفس الطبع للعلاقات والقرارات العاطفية؟
الإجابة يسهل توقعها، وتلامس واقعنا اليوم، والطريقة السريعة التي يسهل بها أن نتورط في علاقة باعتبارها “الحب الحقيقي”، أو ننهي بها علاقة أخرى ظنًا منا أنها لا تناسبنا.
جودة الفيلم تنبع من أنه يقحمنا مع البطلة طوال الوقت في حيرتها ومشاعرها، وبالتالي نملك في كل مرة دافعا لمساندة قراراتها، أو على الأقل لتفهم دوافعها.
الريد فلاج | كيف نتعامل معه عمليا .. وماذا نعرف عن الأخضر والأصفر والبرتقالي؟ | س/ج في دقائق
هذه جزئية تزداد فاعلية بفضل رقة وجاذبية وحضور الممثلة “ريناتي رينسف”، التي تقدم في الفيلم شهادة ميلادها، وأوراق اعتمادها مستقبلًا في هوليوود.
هذا الفيلم الذي اقتبسه كلينت استوود من رواية بنفس الاسم، وقام باخراجه وببطولته أمام ميريل ستريب، قد يكون الاختيار المثالي لختام قائمتنا هنا؛ لأنه عمل قائم على سؤال متعلق بالزمن.
ماذا لو زارك الحب الحقيقي في مرحلة متأخرة، وأنت بالفعل صاحب أسرة ومسؤوليات ناحية أولاد وشريك حياة؟
الإجابة ليست سهلة بالتأكيد، وتزداد صعوبة مع واقع مجتمعاتنا العربية، الذي يجعل الزواج والطلاق، قرارات فادحة الثمن بالنسبة لكل الأطراف.
Marriage Story.. لماذا نحتاج قصص حب عن الطلاق؟! | ريفيو | حاتم منصور
وصلنا للنهاية وسؤالي الختامي للقارئ العزيز:
هل يوجد فيلم محدد توقعت وجوده هنا على ضوء عنوان المقال، لكن لم تجده؟ وما المميز في الطريقة التي يتعرض بها للعلاقات العاطفية بشكل واقعي؟