لنرصد أولًا القوى الحاضرة في صراع البحر الأحمر.. حجم انتشارها، وطبيعة وجودها المدني أو العسكري، لنعرف من يسيطر فعليًا على البحر.
بعد ذلك، نحاول تحدد من هم أصحاب الحق في النفوذ في البحر، ورغم أن هذا معقد بعض الشيء، إلا أن نظرية المؤرخ الكيني علي مزروعي قد تقرب لنا الإجابة، لنتعرف بعدها عن طبيعة العلاقة التكاملية بين شاطئي البحر الأحمر.
البحر الأحمر شريان حيوي للاقتصاد العالمي، وهو كذلك هدف طموح لأي دولة تسعى لضمان التمدد عبر المحيطات.
حاليًا، تنشط الولايات المتحدة والصين وروسيا وتركيا وفرنسا وبريطانيا ودول أوروبية أخرى عسكريًا في البحر الأحمر، مع لاعبين آخرين أقل ظهورًا، بينهم إيران والهند وكوريا الجنوبية.. مصالحهم متعارضة كليًا، لكن هناك هدفا واحدا يجمعهم كلهم.
ورغم تعاون الأطراف الدولية الفاعلة في البحر الأحمر، لكن الدول المشاطئة له تواجه أزمة كبيرة في صياغة إطار واحد للتعاون، بسبب أن سواحله تضم حاليًا “أقوى الأغنياء وأضعف الضعفاء في العالم”، ما ينذر بصراع قد ينسف أوراق التوازن الحالي.
فما المبادئ التي قد تسهل عملية صياغة إطار مستقبلي للتعاون؟
الولايات المتحدة تحديدًا تواجه منافسة شرسة في منطقة البحر الأحمر، من خصمها اللدود الصين، حيث بدأ بمنافستها، ثم تغلب عليها، وأصبح الآن على شفا أن يطردها خارجه باتصال هاتفي.
لمواجهة ذلك حاولت الولايات المتحدة إنهاء حرب اليمن، حتى يتوقف التنافس بين الدول الخليجية على الشط الغربي للبحر، لكي تتفرغ الجهود لمواجهة الصين.
لكن المنافسة ليست متوقفة على الصين والولايات المتحدة، فهناك منافسة أشد بين روسيا من جهة وتركيا وأمريكا، أحرزت روسيا نقطة مهمة لصالحها في السودان، بإنشائها للقاعدة الروسية، في حدث وصف بأنه تسليم مفاتيح أفريقيا.
من بين التحديات التي تشعل البحر الأحمر، الصراع المصري الإثيوبي على مياه النيل، والصراع الإيراني الإسرائيلي على تكبيد الخسائر في معركة المناطق الرمادية، وكلامها صراعان مشتعلان تحت أمواج البحر الأحمر، وينتظران الانفجار.