قصة غسيل سمعة الحشد الشعبي تتجاوز العراق إلى كامل منطقة الشرق الأوسط. اللعبة نفسها تمارسها كل التنظيمات المتطرفة. ستجد هنا حالات شبيهة في بلدك حيثما كنت. استبدل بكلمة الحشد الشعبي أي تنظيم متطرف آخر، الإخوان أو حزب الله، وستجد القصة متكررة.
القصة في دقيقة:
يصور الحشد الشعبي باعتباره حامي كيان العراق و ودرع الشيعة المظلومين المقهورين، مقابل تجاهل صورته كدولة ومرجعية دينية موازيتين.
الرواية استقرت وفق خطة غسيل سمعة اعتمدت على 3 مرتكزات:
– استخدام فتوى السيستاني.
– استخدام المعارضين “التائبين”.
– إنشاء قنوات ليبرالية تدافع عن الحشد الشعبي، وتتهم من يحاول انتقاده “مجرد انتقاد من أجل التصويب” بالخيانة والعمالة
خطة غسيل الحشد الشعبي نجحت فعلًا بين عامي 2014- 2019. بات اسمه مقترنًا في أذهان العراقيين بـ “حماة الأعراض”.
لكن هذا لم يكن كافيًا. ولا بد من إجراءات إضافية. تفاصيل أكثر في
س/ج في دقائق
كيف سارت خطة غسيل سمعة الحشد الشعبي في العراق؟
منذ تأسيس الحشد الشعبي، فشلت أي محاولة مباشرة أو غير مباشرة لإخضاعه للتقييم المهني.
مديرية إعلام التنظيم أطلقت منذ اللحظة الأولى آلية لحماية الميليشيات عبر مشروع تلقين جماهيري ضمت إليه فنانين وشعراء ورياضيين وشخصيات حقوقية وإنسانية وإعلاميين ومدونين.
الحملات ضمت فنانين مثل عواطف السلمان، ولاعبين مثل بسام رؤوف، وشخصيات مجتمع مدني مثل هشام الذهبي، وآخرين من الشخصيات المعروفة.
وبحسب معهد واشنطن، انتفع عدد من الوجوه الليبرالية من الهبات المالية التي يوزعها الحشد الشعبي على من يريد استمالتهم أو انصهارهم في المشروع.
ما الركائز التي استندت إليها خطة غسيل سمعة الحشد الشعبي؟
طور الحشد الشعبي خطة من 3 ركائز لخلق كيان “فوق مستوى الشبهات:
1- استخدام فتوى المرجع الشيعي علي السيستاني التي كانت بالأساس سبب تشكيل الحشد الشعبي، واستمرار الترويج لها باعتبارها “ميلشيات تشكلت بغرض مقدس”.
2- إدامة الجيوش الإلكترونية وإضافة عناصر جديدة لعملها.
لكن الأهم كان تلميع مجموعة “التائبين” وهم الشخصيات التي اعتادت الهجوم على الحشد الشعبي ثم تحولوا إلى مدحه، وبينهم المدون أسعد البصري، وكاد أن ينضم إليه الباحث يحيى الكبيسي الذي حضر اجتماع تحالف البناء الذراع السياسي للحشد الشعبي لكنه أدرك الأمر سريعًا.
3- إنشاء قنوات متحررة مغلفة بإطار ليبرالي أو عالماني كواجهات لمليشيات الحشد الشعبي كقناة (أي نيوز) التابعة لكتائب سيد الشهداء المنشقة عن كتائب حزب الله،
وقناة (الولاء) التي تحولت إلى قناة (وطن) والتابعة لأبي تراب التميمي المنشق عن منظمة بدر والملتحق بكتائب حزب الله،
وفي هاتين القناتين توجد خلايا إعلامية وجيوش الكترونية يديرها جواد الحلفي وعبد الأمير العبودي.
2- الموجة الثانية كانت طائفية، أعلنوا حمايتهم للشيعة من هجمات السنة والجيران العرب. صرحوا علنًا برغبتهم بمهاجمة السعودية، لكن التبرير سقط سريعًا عندما اتفقوا سياسيًا مع شخصيات سنية كخميس الخنجر وأحمد أبو ريشة رغم اتهامهما سابقًا بالإرهاب والإضرار بمصالح الشيعة الإستراتيجية.
سقطت الورقة بالكامل باندلاع انتفاضة أكتوبر 2019 التي كان عمقها الحقيقي هو المناطق الشيعية حيث تصدت المليشيات للمتظاهرين الشيعة بالرصاص.
3- حاليًا، توظف إحدى أكبر المليشيات وأقواها “حزب الله” خيارًا جديدًا لحماية قادتها هو الاحتماء بالعشيرة والتهديد القبلي، حيث يتقرب قادة الكتائب من قادة العشائر التي ينتمون لها بـ “حملات ترغيب” ثم انتظار رد الجميل حال تعرض قادة الميليشيات لمضايقة من الحكومة أو القضاء أو الميليشيات الأخرى،
وعلى الوجه المقابل، تهديد أبناء القبائل الذين ينتقدون الحشد الشعبي عن طريق رئيس قبيلتهم، كما يفعل أبو حسين الحميداوي الأمين العام لكتائب حزب الله بتهديد أبناء عشيرته عن طريق رئيس العشيرة سامي الحميداوي.
يقول معهد واشنطن إن العراقيين يدركون حاليًا أن ميلشيا الحشد الشعبي لا تعبأ بفتوى السيستاني وتمارس دورًا لصالح إيران وهي على استعداد للإضرار بمؤسسات الدولة والقوى الأمنية،
خصوصًا بعد تهديد فروعها الجديدة كمجموعة قاصم الجبارين وأصحاب الكهف لجهاز مكافحة الإرهاب بالابتعاد عن الأرتال المدنية التجارية التي تنقل الاحتياجات اللوجستية للتحالف الدولي، باعتبارها هدفا لهجمات من قبل هذه الميليشيات.
وبهذا تفقد المليشيات الكثير من أوراق القوة وتتراجع خيارات حمايتها لوجودها.
كما أن هذه الورقة سقطت مؤخرًا على يد ألوية العتبات، حيث انقسم الحشد الشعبي إلى حشد العتبات المقربة من المرجعية والمعروفة بتوجهاتها الوطنية وانتقاد قادتها لإيران ورموز المليشيات.