بهذه الكلمات قرر الشاعر المصري هشام الجخ أن يمدح فلسطين.. أو أن يذم المصريين ويتهمهم بالتقصير.. الأمر متوقف على تفسيرك، لكن شخصيًا أراها وبوضوح (أ و ب معًا).
المهم أن هذه الأشعار التي ألقاها هشام الجخ شقت طريقها إلى السوشال ميديا في الأيام الأخيرة في ظل أزمة حي الشيخ جراح واشتعال الأوضاع في القدس ثم امتدادها إلى غزة والضفة الغربية. وشاركها هشام الجخ بنفسه عبر حساباته، ثم تناقلتها عشرات الصفحات والكيانات الإعلامية الأخرى.
الشيخ جراح | نزاع عقاري في القدس؟ أم نزاع دولي يصل إلى البيت الأبيض؟ | س/ج في دقائق
تعرض هشام الجخ بسبب المقطع لنيران حامية على السوشال ميديا في مصر، وهو ما جعله يكتب عبر صفحته على «فيسبوك»:
وأضاف:
في السطر الأخير في منشور هشام الجخ للرد، يكمن تحديدًا سبب هذا المقال، والسؤال الرئيسي الذي يستدعي التفكير:
ما الذي تغير بالظبط خلال 20 عامًا في مصر إذن، وجعل هذا المقطع الشعري موضع غضب ورفض اليوم، على عكس زمن ظهوره؟
كمصري حضر وهو طالب حالة الغضب التي يقصدها هشام الجخ عام 2000 يمكنني أن أدرك الفارق. لقد مرت القصيدة دون اعتراض وقتها؛ لأنها ببساطة كانت لا تختلف نهائيًا عن الخطاب الذي يطاردنا ليل نهار!
30 يونيو.. محطة تغير التحالفات ولحظة سقوط الأقنعة
في الجامع.. في الصحف.. في الفضائيات.. في ساحة المدارس والجامعات.. أينما ذهبت كمصري، سيطاردك وقتها خطاب مضمونه أنك مقصر في نصرة القضية الفلسطينية، وأن معيار الرجولة الوحيد هو تحرير فلسطين.
وبالطبع كان النصف الثاني من الخطاب بمضمون تحريضي واضح، أو بقليل من التورية عن ضرورة (تغيير نظام مبارك وبقية الخونة المتعاونين مع إسرائيل).
خطايا حسني مبارك السبع.. دروس للمستقبل من الماضي القريب | هاني عمارة
الملفت للنظر أكثر وقتها، أن الفضائيات وضيوف الإعلام العربي، كانوا يرددون أيضًا نفس المضمون، حيث المصريون تحديدًا هم المقصرون أكثر من أي شعب عربي آخر.
تهمة غريبة جدًا، إذا وضعنا في الاعتبار أن مصر بالأخص كانت الأكثر مشاركة في الحروب طوال الصراع العربي الإسرائيلي، والأكثر تضحية بأراوح أبنائها وبثرواتها واقتصادها خلال هذا الصراع. والدولة العربية الوحيدة أيضًا التي سجلت انتصارًا عسكريًا حقيقيًا، أعاد صياغة الأوضاع عمليًا على أرض الواقع، وأعني بذلك حرب 1973.
وثائق صادمة عن حرب أكتوبر: مع من تحالفت موسكو وواشنطن؟ وكيف ردت السعودية؟ | مينا منير
لكن كل هذا لم يكن كافيًا. لابد أن تشعر بالتقصير كمصري. لابد أن تصبح هذه القضية الفلسطينية دون غيرها، المغزى الأول والأخير والوحيد في حياتك، وأن تربي أولادك من بعدك على نفس القناعة، حتى نصل لما اعتاد الإعلام بوصفه (الحل العادل للقضية الفلسطينية).
مصر تتحدث عن نفسها وترد أيضا على نفسها .. بصوت أعلى | خالد البري
إذا كان الوضع كذلك، فالأمور متروكة للطرفين للوصول إلى الحدود والخريطة المستهدفة لهذا الحل العادل. والحقيقة، على مدار عقود وعقود، أن كل سلطة فلسطينية قبلت حل الدولتين خسرت شعبيًا أمام من لا يقبلونه، وأن التعريف السائد للحل العادل بين الجمهور العربي كان ولا يزال، هو زوال إسرائيل من العالم.
حسنًا، شخصيًا لا أرى هذا حلًا عادلًا، ولا أنوي تأييده أو المشاركة فيه بأي شكل.
فيديو | الخريطة الجينية | أن تكون فلسطينيا وتكتشف أن أجدادك كانوا يهودًا ! | الزاوية البعيدة
تراجع التدين في الشرق الأوسط | الغضب من الإسلاميين يتحول إلى فك الارتباط بالدين | س/ج في دقائق
بعد 10 سنوات على اندلاعه.. كيف ترى شعوب 9 دول نتائج الربيع العربي ؟ | إنفوجرافيك في دقائق
عن الديموغرافيا القاتلة في الشرق الأوسط! | جمال أبو الحسن
أيًا كانت الإجابة الأدق والأصدق فيما سبق، فمن الجيد أن نرى اليوم أن مزايدات هشام الجخ وأقرانه من الشخصيات (الرحبة)، لم تعد موضع ترحيب كما كانت قديمًا.
المقطع السابق ضمن قصيدة لهشام الجخ بعنوان “المكالمة”. وهو مقطع أتفق معه عندما أتذكر كيف كان الحال قبل عشرين عامًا، وكيف كان جلد الذات الجماعي، وتسليم مصر “ودانها لأي كلب” يظهر في الإعلام، منهجًا ثابتًا في حياتنا.
هشام الجخ – قصيدة المكالمة:
اليوم يبدو أن كثيرين قد وصلوا أخيرًا لمحطة الأسئلة والشكوك والمراجعات، التي لم نتعود أن نسألها سابقًا. والمُرجح أننا على مشارف مرحلة لن يخضع فيها الوعى العام بنفس السهولة لمزايدات وشعارات فارغة لم تحقق أي شيء على مدار عقود وعقود، وأقرب فعلًا لنباح عديم الجدوى.
نستحق هذا بالتأكيد في مصر وكافة الأقطار العربية التي عانت من نفس الأمر. وتستحقه فلسطين أيضًا.. إذا كان الغرض فعلًا الوصول لحل وتغيير حقيقي.