زيارة جو بايدن إلى السعودية خطفت الأضواء لأسباب مفهومة. لكن حدثًا آخر يوصف بـ “مغير اللعبة – Game Changer” سيعقد بالتوازي: الاجتماع التأسيسي لتكتل I2U2.
أطراف التكتل: الإمارات – الولايات المتحدة – إسرائيل والهند.
تحليلات تفترض أنه موجه ضد الصين وإيران و”روسيا”. وتحليلات تعتبر الهدف: إعادة رسم الخريطة الجيوسياسية العالمية ضمن تحضيرات الحرب الباردة!
الجديد هنا هو العودة لمدرسة دونالد ترامب وفلسفة اليمين السياسي: شبكة مصالح اقتصادية تؤسس لحلول سياسية.
ما هو محور I2U2 تحديدًا؟
ما أهدافه؟
ولماذا يعتبر تراجعًا من بايدن إلى مدرسة اليمين السياسي؟
وما علاقته بالحرب الباردة؟
س/ج في دقائق
ما هو محور I2U2 ؟
محور I2U2 تكتل جديد يضم “I2” الهند – إسرائيل + “U2”: الولايات المتحدة – الإمارات.
بدأت فكرته في أكتوبر 2021، بعد توقيع اتفاقيات إعلان أبراهام بين إسرائيل والإمارات؛ كمنتدى دبلوماسي للحوار على مستوى وزراء الخارجية باسم “المنتدى الدولي للتعاون الاقتصادي”، ثم حمل اسم “رباعية غرب آسيا”.
الآن، قررت الدول الأربعة رفع المستوى إلى رؤساء الدول، مع تغيير العلامة التجارية إلى I2U2، كنوع من التسويق للتغير الذي سيطرأ على أهداف التكتل.
اجتماع المنتدى الدولي للتعاون الاقتصادي
لماذا اختارت أمريكا الدول الثلاثة تحديدًا؟
الإمارات: مصدر مهم للطاقة ورأس المال المطلوب للاستثمارات.
الهند: شريك تجاري كبير، يحاول منافسة الصين على النفوذ الاقتصادي في آسيا، ومالكة البحرية التي تؤمن مرور 6.2 مليون برميل نفط في منطقة غرب المحيط الهندي.
إسرائيل: جسر مع أوروبا وشريك متقدم في الزراعة والأمن الغذائي والتكنولوجيا المتطورة.
يقول خبراء إن التكتل سيركز على الاقتصاد؛ توسيعًا لاتفاقيات إعلان إبراهيم إلى خارج حدود الشرق الأوسط.
ووفق المعلن، يهدف محور I2U2 لتشجيع الاستثمارات المشتركة بين الشركاء الأربعة في ستة مجالات محددة: المياه – الطاقة – النقل – الفضاء – الصحة – الأمن الغذائي.
قلتم أهدافًا معلنة: هل يعني ذلك أن هناك أهدافًا خفية؟
وفق مراقبين، نعم.
يصف محللون I2U2 باعتباره ضمن استراتيجيات مصممة أمريكيًا لربط الحلفاء ذوي المصالح المشتركة.
أوشريت بيرفادكر، زميل معهد القدس للدراسات الاستراتيجية والأمنية، يقول إن تركيبة I2U2 تشبه كثيرًا نمط التحالفات التي شكلتها الولايات المتحدة لتجهيز الأرض قبل الحرب الباردة الأولى.
رغم كونه تحالفًا اقتصاديًا، يجادل محللون بأن أجندة سياسية رئيسية وراء التجمع، فيما وصفه مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق يعقوب عميدرور بـ “تغيير قواعد اللعبة” في مواجهة قوة عالمية: الصين، وقوة إقليمية: إيران.
وبما أن الصين تعزز وجودها المتنامي في الشرق الأوسط، ووقعت في مارس 2021 اتفاقية شراكة استراتيجية مدتها 25 عامًا مع إيران، ستمنح بكين مساحة أكبر في المنطقة،
سيعمل التحالف الجديد على تقليص نفوذ الصين المتزايد وإحباط طموح إيران النووي.
مجموعة صغيرة من هذا النوع قد تدفع باتجاه ممر اقتصادي مهم: الممر الشرق أوسطي المتوسطي، الذي سيزيد من إمكانات وأرباح أي دولة تشارك فيه، بما يمنح الهند زخمًا في التنافس مع الصين على النفوذ في منطقة الإندو باسيفيك.
العديد من التحليلات تعتبر الصين الطرف الثاني في الحرب الباردة الثانية. لكن روسيا لها نصيب من أهداف محور I2U2 كذلك، جزء منها قد يخص حتى مصر “غير المشاركة في التحالف”.
الاتحاد الأوروبي يهدف إلى إنهاء جميع واردات الوقود الروسي بحلول 2027.
وبحسب مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق يعقوب عميدرور، ستشمل أجندة المحور الجديد ملفين: الربط الكهربائي بين إسرائيل أوروبا عبر قبرص واليونان من خلال أطول وأعمق كابل طاقة في العالم يمر في قاع المتوسط، ومشاريع خطوط أنابيب الغاز الطبيعي في شرق المتوسط (التي تخص مصر، مستضيف منتدى الغاز الإقليمي).
بجانب ذلك، ستعمل البلدان الأربعة على سحب أدوات تأثير روسيا التي ظهرت مع اندلاع حرب أوكرانيا، عبر زيادة حصتها في سلة الغذاء العالمي، وموازنة معدلات التضخم، وتحقيق الاستقرار في الاقتصاد العالمي خلال أوقات الأزمات.
وما الجديد.. أليست الإمارات وإسرائيل مرتبطتين بالاتفاق فعلًا؟
الجديد والأكثر خصوصية هو وجود الهند.
لا يمكن أن تكون الهند جزءًا من تحالف أمني نظرًا لعلاقاتها التقليدية مع إيران، لكنها لا تمانع في أن تكون شريكًا اقتصاديًا قويًا، رغم يقينها أن إيران لن تشتري حجة فصل الاقتصاد عن السياسة.
“الاقتصاد يعني السياسة. هذه هي الطريقة الأمريكية للتعامل مع مصلحتها في الشرق الأوسط والإندو باسيفيك من خلال التعاون مع الدول التي تشاركها نفس الرؤية”، بحسب أوشريت بيرفادكر.
السفير الهندي السابق لدى العديد من دور غرب آسيا، حفظ الرحمن، قال إن الهند تستغل علاقاتها كـ “ميسر وسيط” في ضمان حل المشكلات مع إيران.
هل يؤثر المحور الجديد على الحلول التقليدية لقضية فلسطين؟
تبنت حكومات الهند المتعاقبة حل قضية فلسطين كشرط أساسي لتحسين العلاقات مع إسرائيل. لكنها الآن تشارك في I2U2 مع إسرائيل كعلامة تحول لسياساتها في الشرق الأوسط.
ليف آران، المنسق السابق لرابطة الصداقة البرلمانية بين الهند وإسرائيل، يقول إن رؤية صانعي السياسة للقضية الفلسطينية تغيرت، من كونها القضية الرئيسية في المنطقة إلى قضية محلية يتعين تسويتها بين طرفيها مباشرة؛ معتبرًا أن أي تغيير مستقبلي في الحكومات لن يكون قادرًا على التراجع عن الخطوات الرئيسية التي اتخذت بالفعل.