الليبرتاريون والتقدميون حاولوا قدر جهدهم وقف تجديد الصفقات العسكرية الأمريكية إلى السعودية. لكن الولايات المتحدة كانت محظوظة لأن الكونجرس لم يعبأ باعتراضاتهم، ووافق على بيع الأسلحة.
أغلب الاعتراضات دارت حول القدرات الفنية للأسلحة نفسها.. اعتراضات بلا منطق وكان دحضها سهلًا. لكن نقاشًا أكبر بكثير يستحق النظر إليه بالتفصيل.
الصفقة الأخيرة إلى السعودية بقيمة 650 مليون دولار كانت تشمل صواريخ متطورة متوسطة المدى جو- جو (AMRAMM) أو صواريخ معززة التوجيه (GEM-Ts).
هذه الأنظمة دفاعية بحتة. في كل مرة تنطلق إلى أهدافها، فإنها تعني ببساطة أن طائرة دون طيار معادية سقطت، وأن السعودية حمت للتو عدوًا ما من قصف مستشفى أو تدمير دار أيتام.
ليست المرة الأولى على كل حال التي اشترتها السعودية. لكنها الآن بحاجة لتجديد الصفقة بعدما استنفدت المخزون في حربها مع وكلاء إيران في اليمن.
ولأن السعودية – كأي دولة – لا تملك رفاهية ترك شعبها عرضة لخطر مماثل. فإنها ستشتري السلاح على كل حال. إن لم توفرها أمريكا، ستجد غيرنا ممن يتوق لملء فراغ واشنطن في الشرق الأوسط.
الكعكة الصفراء | هل ينتج البرنامج النووي السعودي سلاحًا نوويًا؟ |س/ج في دقائق
قاد المعارضة في الكونجرس نائبة الديمقراط إلهان عمر!
بنت حجتها على أن استخدامات صواريخ AIM-120 جو-جو ومئات من قاذفات الصواريخ الأخرى لا تقتصر على الدفاع، بل يمكن استخدامها بشكل معقول لدعم العمليات الهجومية. بالتالي، يمكن أن يدعم بيع الأسلحة إلى السعودية إدامة الحرب في اليمن.
قد يبدو هدف إلهان عمر نبيلا. هي تريد إنهاء الحرب.. أليس كذلك؟!
في الواقع لا. ما أرداته ليس في مصلحة واشنطن نفسها.
بينما تعيد واشنطن توجيه تركيزها إلى الصين في المحيط الهادئ. لا تزال تحتاج إلى الشرق الأوسط، حيث قلب سوق الطاقة العالمي الذي لا تزال الولايات المتحدة مرتبطة به، وهو العامل الحاسم في الجغرافيا السياسية، بل وحتى في مواجهة الصين نفسها؛ إذ يعتمد حلفاء واشنطن الآسيويون على نفط الخليج.
من يهدد كل ذلك؟ ليس السعودية. بل إيران التي تحاربها السعودية في اليمن.
إيران هي السبب الأكبر للعنف والاضطراب في الشرق الأوسط. هي القادرة على التأثير على توافر وسعر الطاقة العالمي من خلال التهديد بإغلاق مضيق هرمز.
بالمقابل، تقود السعودية التحالف الخليجي في مجال الأمن البحري لإبقاء ممرات الشحن الحيوية مفتوحة.
وإذا فقدت الولايات المتحدة وحلفاؤها مثل السعودية السيطرة على أمن هذه الممرات الملاحية، فإن دولًا مثل إيران وشركائها الأكثر جرأة – القوى النووية الكبيرة مثل الصين وروسيا – ستتمتع بقوة كبيرة لابتزاز الولايات المتحدة وحلفائها.
مخاوف في واشنطن: السعودية نحو روسيا.. هل خسرنا الرياض بسبب “حرق بايدن”؟ | ترجمة في دقائق
لننتقل الآن إلى اليمن تحديدًا.
هناك، إيران تمول وتسليح الحوثيين. وإذا نجحت في السيطرة، فستملك باب المندب، إحدى نقاط المرور الرئيسية للنفط في العالم، التي يمر بها 3.8 مليون برميل من النفط والمنتجات البترولية المكررة يوميًا في طريقها إلى أوروبا وآسيا والولايات المتحدة.
وهناك، السعودية والإمارات تتشاركان لإحباط كل ذلك. هل تدرك إلهان عمر الآن لماذا تدور الحرب في اليمن؟.
في عهد ترامب، دعمت الولايات المتحدة التحالف من خلال بيع الأسلحة الهجومية والدفاعية وتقديم المشورة العسكرية. بايدن أنهى كل ذلك. أوقف الدعم الأمريكي للعمليات الهجومية، بما في ذلك بيع الذخائر الموجهة بدقة إلى السعودية والإمارات، وأصبحت الولايات المتحدة تقدم فقط أنظمة دفاعية.
ناشونال إنترست: السعودية منحته عرضًا تجريبيًا.. بايدن يطيل حرب اليمن | ترجمة في دقائق
الحوثيون المدعومون من إيران يهاجمون أهدافًا سعودية بطائرات مسيرة، من بينهما أهدافًا مدنية مثل المطارات.
لذلك هناك حاجة ماسة إلى صواريخ 280 AIM-120 جو – جو للدفاع ضد تلك الطائرات. هل تتخيل مثلًا أن السعودية ستسمح للحوثيين بتنفيذ أهداف نظام إيران العدواني والسماح بقتل مدنييها لإرضاء إلهان عمر وزملائهما؟
بالتأكيد لأ. نهج بايدن ومن خلفه إلهان عمر دفع السعودية إلى روسيا والصين، المستعدتبن كليًا لإمداد الرياض بما تحتاجه.
من الخاسر هنا؟ الرياض؟! أشك. نحن من خسر على طول الخط. سمحنا بمزيد من التشابك في الشرق الأوسط، وخسرنا ثقة الحلفاء، ومن خلفها الأهداف الاستراتيجية المشتركة. بل وحتى “الهدف الإنساني” التي يقول التقدميون إنهم مهتمون به.
لماذا؟ لأن الاحتفاظ بشراكة عسكرية وثيقة سيعزز دقة العمليات السعودية، وبالتالي يقلل الخسائر بين المدنيين.
ألم يكن من الأفضل أن يتعلم التقدميون والليبرتاريون هذه الدروس قبل اقتراح حجب السلاح؟.
سحب باتريوت من السعودية | من الخاسر في تودد بايدن لإيران.. واشنطن أم الرياض؟ | س/ج في دقائق