One Night in Miami | ليلة عن العنصرية مع 4 أيقونات – 4 عيوب – 4 أجندات | حاتم منصور

One Night in Miami | ليلة عن العنصرية مع 4 أيقونات – 4 عيوب – 4 أجندات | حاتم منصور

1 Feb 2021
حاتم منصور
سينما عالمية
رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك
حجم الخط

عم يتحدث المشاهير في الغرف المغلقة؟ هذا سؤال فضولي أزلي يلعب عليه فيلم ليلة في ميامي One Night in Miami المقتبس من مسرحية بنفس الاسم بدأ عرضها عام 2013 للمؤلف كيمب باورز.

والمناسبة التي يوظفها الفيلم ليلعب على هذه التيمة وهذا التساؤل، هي لم شمل 4 من المشاهير يوم 25 فبراير 1964 في سهرة داخل غرفة فندق، عندما اجتمع المناضل الحقوقي مالكوم إكس، ونجم الغناء سام كوك، ولاعب كرة القدم الأمريكية جيم براون، والملاكم محمد علي كلاي (أو كاسيوس كلاي باسمه وقتها) عقب فوز الأخير بلقب بطل العالم في الملاكمة للوزن الثقيل.

Ma Rainey’s Black Bottom | أسرار الهروب من سجن العنصرية لتذكرة أوسكار | حاتم منصور

الأربعة من السود الأمريكيين، لكنهم نجحوا في تجاوز حواجز العنصرية والتهميش بفضل مواهبهم المتباينة. والأربعة أيضًا – باستثناء مالكولم إكس بسبب طبيعة عمله – يمكنهم نسبيًا نسيان هذه القضية.

مالكوم إكس تحديدًا هنا هو الطرف الذي يغير دفة الليلة من مجرد احتفال صاخب بفوز كلاي باللقب، إلى نقاش ساخن حول مشكلات المجتمع الأسود وتحدياته، وما يمكن أن يساهم فيه كل فرد من المجتمعين لخدمة هذه القضية.

إعلان One Night in Miami

مع قالب كهذا، يسهل تخيل نتيجة جيدة عمادها حوار ثري، يلامس هذه القضايا بذكاء، ويخلق في نفس الوقت تدفقًا دراميًا قويًا له مصداقية بين هذه الشخصيات طوال الأحداث. لكن للأسف، يفشل One Night in Miami في تحقيق الهدفين لعدة أسباب:

1- الاحترام والتوقير المبالغ فيه لهذه الشخصيات، منعا السيناريست كيمب باورز من خلق تدفق درامي حقيقي بينهم. وفي كل مرة، نصل لنقطة صراع تتعلق بعيوب أو أخطاء أو تقصير لأي منهم، يعود الفيلم سريعًا لنفس هذه العيوب أو لتفسيرها في نطاق أقرب للمثالية. وهي أزمة غريبة على فيلم هوليوودي، وأقرب لمسلسلاتنا العربية الرديئة عن مسيرة المشاهير.

TOP 10 | أهم أفلام المحاكمات في تاريخ السينما | حاتم منصور

هذا المنهج يتركنا في النهاية مع عمل مصطنع يتهرب من كون أبطاله مجرد بشر، لصالح تلميع صورتهم الأيقونية والمثالية أكثر وأكثر، وهو ما يأتي على حساب التأثير الدرامي والمصداقية.

2- فازت كل هذه الشخصيات بأفلام أجود سابقًا، قام ببطولتها نجوم صف أول ومواهب أثقل. ويل سميث مثلًا لعب دور كلاي، ودينزل واشنطن لعب دور مالكوم إكس. والمقارنة الإجبارية بين ما سبق، وما نراه في ليلة في ميامي ليس في مصلحة الطاقم التمثيلي هنا، أو الفيلم ككل.

إيلي جوري في دور محمد علي كلاي

تتجلى هذه النقطة بوضوح مع الأداء الباهت الذي يقدمه الممثل إيلي جوري في دور كلاي. ليس فقط لأن الشخصية فازت سابقًا بأفلام وأداء أفضل، لكن لأن كلاي تحديدًا كان النجم الجذاب خفيف الظل الذي يذكره ملايين عالميًا، وكلها صفات افتقدها في الفيلم مع أداء إيلي جوري المفتقد للكاريزما والحضور المطلوب.

حتى الأداء الأكثر تميزًا هنا للبريطاني كينجسلي بن أدير في دور مالكوم إكس، يسهل نسيانه سريعًا إذا قارناه بأداء دينزل واشنطن لنفس الشخصية.

كينجسلي بن أدير في دور مالكولم إكس

3- محاولات كيمب باورز كسيناريست للفيلم هنا للخروج من سجن النص المسرحي الأصلي الذي كتبه سابقًا، لم تنتج لغة سينمائية حقيقية، وظلت مجرد تغير شكلي نشاهد فيه الأبطال في أماكن متنوعة دون إضافة مهمة.

التغيير هنا تم بطريقة القص واللزق. مجرد إضافات وحشو في البداية قبل اجتماع الشخصيات، ومشهد ختامي يوجز ما حدث لهم باقي حياتهم. وهو ما يتركنا مع فيلم متوسط حاول أن ينسلخ عن أصله المسرحي، فلا هو نجح في اكتساب خصائص سينمائية حقيقية فعلًا، ولا هو استفاد من فرص المسرح وعلى رأسها الحوار الثري.

Mank | القاضية ممكن لنتفليكس وديفيد فينشر في الأوسكار | حاتم منصور

4- الفيلم هو التجربة السينمائية الأولى للمخرجة ريجينا كينج المشهورة كممثلة بالأساس، بعد تجارب إخراجية كثيرة في عالم التليفزيون والمسلسلات. والواضح أن بصمة المسلسلات ولغة الاستسهال البصري والتكاسل المعتادة فيها، لم تفارقها كثيرًا كمخرجة، لتصبح النتيجة النهائية أقرب لفيلم تليفزيوني روتيني متوسط منها لفيلم سينما جيد.

ريجينا كينج في كواليس التصوير

رغم كل ما سبق، يسهل من الآن توقع فرص أوسكارية عالية للفيلم في ظل هيمنة الأجندات السياسية والصوابية السياسية حاليا، وبفضلها يملك ليلة في ميامي 4 امتيازات واستحقاقات غير فنية لكنها مؤثرة تصويتيًا:

1- ملامسة لقضية العنصرية ضد السود، وهي قضية تفرد لها الأوسكار أهمية واستحقاقات وحصص خاصة سنويًا، وتزداد تأثيرًا هذا الموسم بعد واقعة مقتل جورج فلويد.

Green Book.. ما نجح فيه “الكتاب الأخضر” وفشلت فيه السينما المناهضة للعنصرية‎ | حاتم منصور

2- شخصيات أيقونية تاريخية اعتاد الإعلام الأمريكي تمجيدها وتلميعها.

3- مخرجة أنثى، وهي نقطة تهم كثيرًا من المصوتين الحريصين على إضافة حصة للجنس الناعم سنويًا باستحقاق أو بدون.

4- مخرجة سوداء، وهي نقطة تهم كثيرًا من المصوتين الحريصين على إضافة حصة بناء على العرق سنويًا باستحقاق أو بدون.

كيف أصبحت الأجندة النسوية المعاصرة في هوليوود منفرة؟ | حاتم منصور

لا عجب اذا أن الفيلم شهد منذ بداية عرضه إشادات موسعة، وتلميعًا إعلاميًا لا يستحقه، وهو ما يمنحه فرصًا عالية للمشاركة في ترشيحات أوسكار مهمة مثل أفضل (فيلم – إخراج – سيناريو مقتبس – ممثل مساعد/ كينجسلي بن أدير).

وباستثناء (أفضل ممثل مساعد) ربما، لا يملك الفيلم إجمالًا على المستوى الفني ما يؤهله لكل هذه الحفاوة. في الحقيقة ترشيحه لأي شيء خلافًا لهذا الفرع، شهادة إثبات أخرى على عمق الهاوية التي وصلت إليها الأوسكار في السنوات الأخيرة بسبب السياسة وأجنداتها.

رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك

موضوعات متعلقة

التعليقات (0)

يجب عليك .. تسجيل الدخول أو التسجيل لتتمكن من التعليق.

تعليقات الفيسبوك