أعلنت جامعة ميريلاند الأمريكية، أن جراحين أميركيين زرعوا في مريض بشري قلب خنزير معدل وراثياً، في أول عملية من نوعها.
هذا الإعلان جاء بعد ثلاثة أشهر من نجاح مستشفى في نيويورك في زراعة كلية خنزير داخل جسم مريضة.
فلماذا الاتجاه الطبي ناحية الخنازير؟ وهل تكون طوق النجاة لكثير من المرضى؟
س/ج في الدقائق
متى بدأ الاتجاه نحو زراعة أعضاء الخنازير في البشر؟
بدأ التفكير العلمي في الاعتماد على الخنازير في التجارب الطبية كبديل عن القوارض منذ خمسينيات القرن العشرين. حينها اعتمد العلماء على تربية الخنازير الصغيرة بشكل انتقائي.
تواصل قصر الخنازير على التجارب لعقود، حتى نجحت جامعة بادوفا الإيطالية في أول عملية لزراعة كبد اصطناعي انتجه الباحثون من خلايا خنازير معدلة في 1992.
كان التجربة حينها مؤقتة؛ زرع الكبد في جسم امرأة خمسينية بشكل مؤقت ضمن بقاءها على قيد الحياة 4 أيام، حتى عثروا على كبد بشري بديل.
خلال الأشهر الماضية، حدثت الطفرة في زراعة أعضاء الخنازير في البشر. بدأت بزراعة الكلى، وأخيرًا زراعة قلب خنزير معدل وراثيًا.
لماذا اتجه الأطباء لزراعة أعضاء الخنازير في البشر مؤخرًا؟
1- تضاعف الطلب:
بنهاية القرن العشرين، نما الطلب على عمليات زراعة الأعضاء إلى حد تجاوز المعروض، فبحث المجتمع العلمي عن بدائل.
2- أقل ارتباطا عاطفيا بالبشر:
الرئيسيات مثل قردة البابون والشمبانزي أكثر ارتباطًا بالبشر، لكن الباحثين مالوا إلى زيادة الأبحاث على الخنازير؛ لأنها متاحة بوفرة، ولأن معظم البشر يفتقرون إلى الارتباط العاطفي بها، بالتالي سيكون استخدامها كأدوات علمية مقبولًا من الجمهور، وفق مكتب نزاهة البحث التابع لوزارة الصحة والخدمات الإنسانية الأمريكية.
الرسم البياني يوضح أعداد الخنازير المستخدمة في الأبحاث الطبية في الولايات المتحدة في آخر عقدين، والتي نتج عنها الطفرة الأخيرة:
3- مجربة طبيًا بالفعل:
تستخدم الخنازير لإنتاج العديد من الأدوية، ما يعني أنها مختبرة طبيًا بما يكفي لتطوير الاعتماد عليها. الإنفوجرافيك التالي يوضح أهم الأدوية التي تدخل الخنازير في صناعتها:
هل تكفي هذه العوامل لتجربة زراعة أعضاء الخنازير في البشر ؟
بالتأكيد لا. هناك عامل أهم أثار اهتمام العلماء بتجربة زراعة أعضاء الخنازير في البشر.
يفترض الباحث البيطري مايكل سويندل، مؤلف كتاب “الخنازير في المختبر”، أن البشر والخنازير كانا أكثر تشابهًا منذ ملايين السنين، قبل أن يتباعد النوعان وراثيًا خلال عملية التطور.
التباعد لم يقض على أوجه التشابه التشريحية والفسيولوجية، حيث يقدر الباحثون تشابه العديد من أنظمة أعضاء الخنازير مع مثيلاتها البشرية بنسبة 80 – 90% من ناحيتي التشريح والوظيفة.
ولطالما كانت الخنازير أحد نماذج الجراحة التجميلية القياسية لعقود، حيث تلتئم جروح جلدها بشكل مشابه لجلد الإنسان، ولذلك يجزم سويندل بأنه إذا عمل عضو ما في الخنزير، فإن لديه إمكانية عالية للعمل في جسم الإنسان.
هل يعني ذلك أن كل أعضاء الخنازير صالحة للزراعة في البشر؟
لا يمكن الجزم ختى الآن.
لكن الباحثين يفترضون أن التطابق كبير في نظام الكلى من حيث الحجم والوظيفة، وكذلك القلب والأوعية الدموية، المتطابقة في الحجم والشكل.
كذك، تصاب الخنازير بتصلب الشرايين بنفس الطريقة التي يتفاعل بها البشر،
وبسبب أوجه التشابه هذه، استخدم العلماء الخنازير منذ فترة طويلة لاختبار أجهزة القسطرة التداخلية وطرق جراحة القلب والأوعية الدموية، وفهم كيفية عمل القلب بشكل عام،
واستخدمت الأنسجة المشتقة من قلوب الخنازير لاستبدال صمامات القلب.
قلب خنزير مستخدم في الدراسات العلمية
سمة أخرى يشترك فيها البشر والخنازير، هي النظام الغذائي: كلاهما يأكل اللحوم والنباتات. لذلك، تتماثل فسيولوجيا الهضم وعمليات التمثيل الغذائي في الكبد.
وما مستقبل الدراسات الطبية على زراعة أعضاء الخنازير في البشر؟
في 2012، اكتشف باحثون في جامعتي ولايتي أيوا وكنساس، عن طريق الصدفة، طفرة جينية تحدث بشكل طبيعي في الخنازير، تسبب الإصابة بمرض التهاب الكبد الوبائي، فعملت المجموعة لما يقرب من عقد في تطوير وتحسين خنازير معدلة وراثية للتطبيقات في البحوث الطبية الحيوية.
وفي 2018، حقق الباحثون إنجازًا مزدوجًا بتطوير جنين خنزير يعاني من نقص المناعة أكثر من الخنزير الأصلي، ونجحوا في “أنسنته” بنقل الخلايا الجذعية المناعية البشرية المستزرعة لكبد الخنازير الصغيرة، باستخدام التصوير بالموجات فوق الصوتية.
ومع نمو جنين الخنزير، تبدأ الخلايا الجذعية المناعية البشرية المحقونة في التمايز – أو التحول إلى أنواع أخرى من الخلايا – والانتشار عبر جسم الخنزير،
ثم، بمجرد ولادة الخنازير الصغيرة، يمكننا الكشف عن الخلايا المناعية البشرية في الدم والكبد والطحال والغدة الزعترية، مما يجعلها ذات قيمة كبيرة في اختبار العلاجات الطبية الجديدة.
كما وجد الفريق أن أورام المبيض البشرية تعيش وتنمو في الخنازير المعدلة، مما منحهم فرصة لدراسة سرطان المبيض بطريقة جديدة.
موضوعات متعلقة
