لا توجد دولة تنافس الولايات المتحدة من حيث حجم التأثير عالميًا. لهذا يعتبر مليارات البشر انتخابات الرئاسة الأمريكية حدثًا فارقًا يحدد الكثير والكثير من مجريات حياتهم، حتى لو كانوا غير أمريكيين.
انتهت أسباب الأرض.. ترامب بانتظار “العوامل الخفية” للبقاء في البيت الأبيض | س/ج في دقائق
هوليوود لم تنفصل عن هذا الاهتمام على أي حال. منحت المتفرجين عشرات وعشرات العناوين من أفلام انتخابات الرئاسة الأمريكية. بعضها يروج للمثاليات الأمريكية. بعضها ينتقد عيوب السياسة والسياسيين. بعضها مناسب لعشاق نظرية المؤامرة. وبعضها يغازل العامة باعتبارهم أفضل وأطهر من مرشحي الانتخابات.
المرشح المنشوري – 1962
ضابط وبطل سابق في الجيش الأمريكي، يستعد للترشح ولمواصلة مشواره السياسي خلال انتخابات الرئاسة. لكن كوابيس مشوشة تطارد رفيقه سابقًا في فترة الخدمة في الجيش (يقوم بالدور فرانك سيناترا). هل كان الرجل بطلًا فعلًا أثناء الحرب؟ أم أن هناك خطأ ما؟ وما سبب هذه الكوابيس الغريبة المشوشة؟
كيف انتفضت هوليوود من تحت أنقاض 11 سبتمبر؟ | حاتم منصور
يلعب الفيلم على أوتار نظرية المؤامرة، في فترة كانت فيها الحرب الباردة مشتعلة بين المعسكرين الشرقي والغربي. وازداد شهرة في العام التالي لعرضه عندما اغتيل الرئيس الأمريكي جون كينيدي.
قدمت هوليوود معالجة أحدث تستحق المشاهدة أيضًا عام 2004 من بطولة دنزل واشنطن وميريل ستريب، ومن إخراج جوناثان ديم، لكن يظل للأصل صداه الأوسع بسبب طزاجته وغرابته وقت عرضه.
كل رجال الرئيس – 1976
الأحداث مقتبسة من قصة حقيقية، عندما نجح صحفيان من واشنطن بوست في كشف تجسس الحزب الجمهوري على منافسه الديمقراطي، أثناء انتخابات الرئاسة عام 1972. وهو التجسس الذي عُرف إعلاميًا لاحقًا بفضيحة ووترجيت وتسبب في استقالة الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون من منصبه عام 1974.
عزل الرئيس الأمريكي.. الصعب قانونيًا المستحيل عمليًا
دمج مخرج الفيلم ألان جي باكولا بين الأسلوب التسجيلي، والطابع البصري لفترة السبعينيات، كما استفاد الفيلم من شعبية نجميه وقتها (داستن هوفمان – روبرت ريدفورد).
لكن بعيدًا عن أية مزايا سينمائية للفيلم، يظل سبب رونقه الرئيسي سابقًا وحاليًا، هو أنه مرتبط بالواقعة التي نجحت فيها الصحافة فعلًا وبلا أدنى شك، في تغيير رئيس أمريكي، وقلب طاولة السلطة.
أن تكون مستعدًا – 1979
التيمة قديمة جدًا: العبيط التافه الذي يتوهم البعض أنه عبقرية استثنائية في حل المشكلات الكبرى والمعضلات. يمكن تتبع هذة التيمة حتى اليوم في قصة فيلم مثل مخلل أمريكي An American Pickle.
An American Pickle .. حكاية يهودي يعالج عيوب الحداثة بـ “المخلل”! | حاتم منصور
في Being There تم صياغتها في صورة بستاني مشرد أحمق – يقوم بدوره نجم الكوميديا بيتر سيلرز – يصبح مستشارًا لسياسي مرموق، وصديق شخصي للرئيس الأمريكي، وشخص يعتبره كثيرون جديرًا بتولي المنصب. لأن الكل يتوهم أن حديثه الدائم البسيط عن الزراعة والري والحصاد وخلافه، يحمل معاني ودلالات أخرى، ويعكس خبرات سياسية وإدارية استثنائية!
الطابع الساخر الهادئ للفيلم قد لا يناسب الجمهور المتعطش لكوميديا متفجرة، لكن بفضل هذا الطابع، وبفضل أداء بيتر سيلرز، احتفظ الفيلم برونقه حتى اليوم.
ديف – 1993
بينما يحدثنا الفيلم السابق Being There عن الحمقى، وقدرتهم على خداع الجمهور، يغازل فيلم ديف العامة بفضل تيمة جماهيرية محببة؛ المواطن البسيط الشريف الذي يمكنه أنه يغير البلاد للأفضل إذا تولى السلطة، أو أصبح ضمن دوائرها.
مأساة فاتن حمامة (1) | عمر الشريف الذي لم يحبها أبدًا.. وعبد الناصر الذي تمنت إسقاطه | أمجد جمال
أحداث الفيلم عن مواطن بسيط من هذا النوع، يختاره قادة البيت الأبيض بسبب تشابهه المطلق مع الرئيس الأمريكي، لإنقاذ الموقف عندما يسقط الرئيس في غيبوبة، بغرض التظاهر أنه هو أمام العامة. لكن طبعًا لن يكتفي البطل بهذا الدور الشكلي، وسيفعل ما هو أكثر وأكثر لأبناء وطنه.
قد تجدر الإشارة هنا الى مسرحية الزعيم للنجم عادل إمام، والمؤلف فاروق صبري، كعمل بدأ عرضه في نفس العام (1993)، ويتناول نفس التيمة.
الرئيس الأمريكي – 1995
رئيس أمريكي أرمل (يقوم بدوره مايكل دوجلاس) يستعد لانتخابات التجديد بخصوص فترته الثانية، التي يبدو فيها فوزه مؤكدًا. لكن علاقته الغرامية المستجدة مع ناشطة في مجال حماية البيئة (تقوم بدورها آنيت بنينج)، ستتحول لورطة عندما يحاول خصومه استغلالها انتخابيًا ضده.
يحمل هذا الفيلم الرومانسي الخفيف الكثير من مزايا مؤلفه آرون سوركين، من حيث صياغة الحوار، وإن كان لم يحقق نفس نجاح تجربته الأولى الأكثر جدية – وجودة أيضًا – حفنة رجال شرفاء A Few Good Men.
Trial of the Chicago 7 | ورطة آرون سوركين بين فساد السياسة وغزل الأوسكار | حاتم منصور
على كل، لم تكن هذه آخر جولات سوركين في ملاعب السياسيين والانتخابات والنشطاء، وسيترك بصمة أفضل لاحقًا بفضل أعمال مثل The West Wing – Charlie Wilson’s War – The Trial of the Chicago 7.
هز ذيل الكلب – 1997
يقتبس الفيلم اسمه من فزورة وإجابة متعلقتان بفكرة “لفت الأنظار إلى حدث بغرض التشويش عن آخر”.
س: لماذا يهز الكلب ذيله؟
ج: لأن الكلب أذكى من الذيل. لو كان العكس صحيحًا لهز الذيل الكلب.
في هذا الفيلم الكوميدي الذي أخرجه باري ليفنسون، نتابع خطة تشويش من هذا النوع، عندما يتورط رئيس أمريكي إعلاميًا في فضيحة جنسية، قبل أسابيع من انتخابات التجديد لفترته الثانية.
كريستان بيل يخطط للأوسكار ولغزو العراق في Vice | حاتم منصور | دقائق.نت
الحل العبقري للتشويش على الفضيحة الذي يقترحه أحد أصدقائه (روبرت دي نيرو في الدور) هو الاستعانة بمنتج هوليوودي (داستن هوفمان في الدور) من أجل تصوير وتزييف حرب وهمية ضد دولة أخرى!
الطريف في الأمر أن كثيرين اتهموا الرئيس الأمريكي بيل كلينتون في العام التالي (1998) بالقيام بعملية تشويش مشابهة، للتغطية على فضائحه الجنسية مع المتدربة مونيكا لوينسكي، عندما آمر بقصف مناطق في السودان بحجة محاربة الإرهاب في نفس الشهر الذي تصاعدت فيه رائحة الفضيحة.
ألوان تمهيدية – 1998
تأثير بيل كلينتون سيزداد وضوحًا في العام التالي، مع الفيلم الكوميدي ألوان تمهيدية الذي أخرجه مايك نيكولز، واختار لبطولته جون ترافولتا وإيما تومسون (لاحظ تطابقهما الشكلي في الإعلان مع بيل وهيلاري كلينتون رغم الأسماء المختلفة للشخصيات).
ترامب – هوليوود | يعشق ذهب مع الريح .. فهل تشبه نهايته صانسيت بوليفارد؟ | أمجد جمال
يتطرق الفيلم لقصة مطابقة تمامًا لآل كلينتون (فضيحة جنسية أثناء الانتخابات الرئاسية). ومحاولات الخروج من الأزمة دون خسائر في الأصوات.
نهج الحمقى – 2006
كل الأعمال السابقة تتحدث عن معطيات انتخابية ورؤساء حقيقيين أو افتراضيين في عالمنا، ولهذا يمثل الفيلم الكوميدي الخيالي Idiocracy اختيارًا منعشًا عن كل ما سبق.
الأحداث عن أمريكي متوسط الذكاء من حاضرنا، يتم تجميده خمس قرون، وعندما يستيقظ في المستقبل يكتشف أن البشر أصبحوا أغبياء للغاية، لدرجة أنه صار أذكاهم. وأن عليه مساعدة الرئيس الأمريكي (الغبي جدًا طبعا ككل الباقين) في حل مشكلات العالم!
فيديو | مئة عام من العزلة ستقودك إلى نوبل.. فقط إن كنت خارق الذكاء! | الزاوية البعيدة
عظمة هذا الفيلم الساخر والمتشائم تتمثل في كونه طعنة للفكرة التي يؤمن بها ملايين ( السلطة التي تنقذ البشرية). الطرح البديل هنا مضمونه: لا توجد أي حلول أو مستقبل مشرق للأغبياء وللغباء!
منتصف مارس – 2011
خبير الحملات الانتخابية الشاب ستيفن مايرز (ريان جوسلينج في الدور) يؤمن بمثالية ومبادئ مرشحه الرئاسي مايك موريس (جورج كلوني) ويحظى بثقته. لكن أثناء موسم الانتخابات ستفسد هذه العلاقة بسبب قذارة ألاعيب السياسة، كما يفسد أي شيء آخر.
كيف أصبح رامبو أيقونة لليمين الأمريكي على مدار 40 سنة؟ | حاتم منصور
رغم اسم النجمين هنا، لم يحقق هذا الفيلم الذي أخرجه جورج كلوني الكثير من النجاح وقت عرضه، لكنه نال تدريجيًا السمعة التي يستحقها. وربما سترتفع أسهمه أكثر واكثر مستقبلًا.
الأقرب للفوز – 2018
يقتبس الفيلم أحداثه من واقعة حقيقية عام 1987 عندما كان السيناتور المتزوج جاري هارت (يقوم بدوره هيو جكمان) هو الأقرب للفوز بتذكرة الديمقراط، كمرشح انتخابات الرئاسة الأمريكية التالية عام 1988 لكن انتهى كل شيء بسبب فضيحة غرامية ساخنة.
ميديا اليسار تطوعت لتكذيب تسريبات هانتر بايدن.. هل نفى بايدن القصة؟ وماذا لو كانت إيفانكا ترامب ؟
على عكس أغلب القائمة هنا في التعامل بسخرية مع الفضائح الجنسية وأبطالها، يجنح هذا الفيلم الذي أخرجه جيسون ريتمان لطابع جاد وإنساني أكثر. ربما لأن زمن صناعته ارتبط بقبول أكبر لفكرة تعدد العلاقات، وبقناعة أكبر بمبدأ (لا تهمنا الحياة الشخصية للسياسيين)، على عكس زمن أحداث الواقعة الأقرب للطباع المحافظة.