كيف مهدت روسيا لمعركة “نهاية العالم” انطلاقًا من سوريا؟ | س/ج في دقائق

كيف مهدت روسيا لمعركة “نهاية العالم” انطلاقًا من سوريا؟ | س/ج في دقائق

25 May 2022
إسرائيل روسيا
رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك
حجم الخط

في 2015، بدأ تحالف روسيا – إيران لإنقاذ بشار الأسد في سوريا.

استطاع التحالف تحقيق هدفه الأساسي الظاهر، وهو الإبقاء على حليفهم الرئيس السوري بشار الأسد في السلطة.

لكن يبدو أن روسيا كان لها أهداف أخرى، تفسر الإلقاء بثقلها في مخاطرة كالصراع السوري. وهذا ما ظهر في حرب أوكرانيا.

الآن تتجه التحليلات نحو أن تدخل روسيا في سوريا كان جزءا رئيسيا من مشروعها الأكبر.

كيف ذلك؟

س/ ج في دقائق


سؤال التوقيت والمكاسب.. كيف وصلت روسيا إلى سوريا؟

بعد أسابيع من اتفاق إيران النووي في 2015، سافر قائد الحرس الثوري قاسم سليماني إلى موسكو، للتفاوض حول سبل تغيير مسار الحرب الأهلية في سوريا.

هناك، بدأ ما تعتبره ذا هيل “تحالف روسيا – إيران” الذي سمح لإيران بالتحرك لتأسيس دولة تابعة في سوريا، ومنح روسيا قاعدة جوية كبيرة في الشرق الأوسط “حميميم” وميناء بحريًا عسكريًا على البحر المتوسط في طرطوس.

التدخل العسكري في سوريا لم يصرف انتباه العالم عن غزو روسيا لشبه جزيرة القرم فحسب، بل منح موسكو وجودًا دائمًا لتأسيس القوة الروسية في الفراغ الذي خلفه انسحاب الولايات المتحدة من المنطقة.


لكن روسيا لا تحتاج إيران.. لماذا سمحت لها بالبقاء؟

تعامل روسيا مع إيران في سوريا لم يسر دائمًا بنفس الوتيرة:

1- تشاركتا لطرد من اعتبراه مصدر تهديد.

2- ثم سمحت لها بتطهير عرقي في مناطق أزاحت منها الأغلبية السنية، وإعادة توطين المقاتلين الشيعة الأجانب وعائلاتهم.

3- لاحقًا، عندما أقلق توسع إيران روسيا، سمحت لإسرائيل بالوصول غير المقيد تقريبًا لضرب القواعد الإيرانية في سوريا دون تفعيل الدفاعات الجوية الروسية.

4- عندما أثارت إسرائيل غضب روسيا بعد اندلاع حرب أوكرانيا، لوحت موسكو بمعاقبة إسرائيل بتعطيل آليات التنسيق الأمني ​​في سوريا، وبتفعيل الدفاعات الجوية الروسية، كما ظهر أخيرًا بتدخلها لإبعاد طائرات إسرائيلية عن المجال الجوي السوري.

باختصار، بقاء إيران في سوريا منح روسيا قوة الضغط والتفاوض في ملفات أخرى مع إسرائيل والغرب. وهذا ظهر أخيرًا في محاولة الغرب لإبقاء صراع أوكرانيا ضمن المستويات الآمنة، وفق تحليلات.

هل تستعد إيران لتخفيف الضغط عن روسيا بفتح جبهة حرب في الخليج؟ | ترجمة في دقائق


ليس إيران وإسرائيل فقط.. كيف أدخلت روسيا تركيا في المعادلة؟

تركيا، عضو الناتو، متورطة في حرب سوريا. لكنها على الجانب الآخر من إيران.

تقول أنقرة إنها تحمي – بمساعدة الجهاديين – آخر جيب سني في شمال غرب سوريا. وسمحت لها روسيا كذلك بالتطهير العرقي ضد الأكراد، حلفاء أمريكا.

مع اندلاع حرب أوكرانيا، كانت تركيا الطرف الأقرب من دول الناتو إلى روسيا. جزء من أسباب ذلك يعود للتنسيق الذي بناه الطرفان انطلاقًا من سوريا.


الجانب المعنوي: أي رسالة وصلت الشرق الأوسط من وضع كهذا؟

بينما باتت خطط أمريكا للانسحاب من المنطقة معلنة، وظهرت في صورة من يدير ظهره لحلفائه بلا مقدمات، بدت روسيا قادرة على تأمين حلفائها، حتى لو اختلفت المواقف.

مثلًا، بينما كانت صواريخ الحوثيين من حلفاء إيران تضرب أبو ظبي ومنشآت نفطية سعودية، يفترض أن الغرب في أمس الحاجة لها بعد جنون أسعار النفط، كانت القوات الأمريكية في سوريا تتعرض لهجوم إيراني أوقع عدة جرحى.

في نفس الوقت، كانت الولايات المتحدة تتفاوض مع إيران على إعادة إحياء الاتفاق النووي، الذي تشددت روسيا لضمان أقصى ضمانات فيه، خصوصًا إلغاء تجميد الأموال الإيرانية.


وكيف استفادت روسيا من ذلك لإعادة ترتيب المشهد العالمي؟

يمكن ملاحظة التأثير سياسيًا، حيث أعاد الفاعلون الإقليميون التموضع. فبينما كانت الولايات المتحدة تنتظر انحيازًا صريحًا إلى الغرب، انخرطت دول الشرق الأوسط في عملية توازن ليس معتادًا مع تصنيفها كحلفاء وثيقين لأمريكا.

لكن معظمها أقام علاقات أقوى مع روسيا في محاولة لتنويع علاقاتها الخارجية، وبالتالي كانت غير مستعدة لاستعداء أي من الجانبين علانية.

جزء مهم من ذلك حدث على خلفية الإحباط المتزايد من الولايات المتحدة، الشريك الأمني ​​الأقرب. فهم يرون الولايات المتحدة غير موثوقة، مقابل الشراكة الاستراتيجية المتنامية مع روسيا.

التمدد البحري | روسيا تعود قوة عالمية؟ مفتاح اللغز في سوريا وليبيا والسودان والخليج | س/ج في دقائق


المكاسب على الأرض.. ماذا منحت تجربة سوريا لروسيا؟

  • اختبار السردية:

من خلال تدخلها الملتزم للغاية في سوريا، أعادت روسيا صياغة وتأطير الصراع، وأعادت تسمية الإحراءات الرئيسية. صارت الحرب الطائفية عنوانا رئيسيا بديلا عن “النضال ضد النظام المستبد”. و تحولت إلى نبوءة اكتسبت المزيد من الزخم مع تحول المواجهة بين نظام الأسد والسكان إلى العنف والعسكرة.

  • اختبار التكتيكات

وفرت سوريا لروسيا ساحة اختبار لتكتيك قديم متجدد: أطلقت آلة الدعاية بنزع الإنسانية عن العدو، ثم ارتكبت جرائم منهجية ضده، تشمل قتل مدنيين. هذا سيسرع الحسم. لتصل لمرحلة تطبيع الوضع، ثم التفاوض وفق الترتيبات الجديدة.

  • اختبار خطوط الغرب الحمراء

في سوريا، تأكد بوتين من أن “خطوط الغرب الحمراء” وهمية. رصد قائمة طويلة من نقاط الضعف الغربية، وتيقن أن “العقواب الوخيمة” لا تحدث أبدًا.

زميل مركز جنيف للسياسة الأمنية، كارستن ويلاند، يعتبر أن سوريا كانت مقدمة فعالة لأوكرانيا: أظهرت الغرب “متفرجًا انتهازيًا”، وأن قادته ليسوا مستعدين للقتال من أجل “القيم الغربية”؛ على الأقل تخوفًا من تكرر سيناريو “تجاوز تفويض المهمة” كما حدث في العراق 2003، وليبيا 2011، واللتين تركتا مئات الآلاف من القتلى، ونقلتا جميع أنواع الأسلحة إلى إرهابيين إسلاميين، وهو ما ترك بصمة دائمة في ذاكرة بوتين السياسية.

  • تحييد المقاتلين الأجانب

بوصف الجارديان: “كان التزام القوات الروسية بسوريا على مدى السنوات السبع الماضية استثمارًا ضخمًا لبوتين”.

باندلاع حرب 2022، بدأ مقاتلون أجانب، بينهم جهاديون، يتوافدون على أوكرانيا. هذا كان كفيل تقليديًا بإرباك روسيا، كما حدث في أفغانستان والشيشان.

هذه المرة، أرسل الجيش السوري قواته للقتال في أوكرانيا، بخلاف توافد آلاف المتطوعين من الشرق الأوسط، بما حيد عامل جذب المقاتلين الأجانب للصراع.

  • درس التفاوض

تفاوض كأنما ليست هناك حرب، واضرب كأنما ليست هناك مفاوضات.

في سوريا، تفوق الروس على الغرب. أيدت الحوار، لكنها أبقت الخيار العسكري، ليعزز كلاهما  البعض. الجلوس على الطاولة يفتح الخيارات حال الحاجة إليها. وخلال المحادثات يمكن تغذية خطاب سلمي، بما يقلل من الغضب الدولي ويسمح بإعادة تجميع القوات.

  • درس تقسيم الكعكة

في غياب أمريكا، أشركت روسيا حليفين أضعف “تركيا وإيران” لتملك السيطرة الكاملة على العملية السياسية. الأطراف تعارضت في ساحة المعركة، ليس بهدف القضاء على بعضهم، بل من أجل تقاسم العكعة مع إبعاد بقية الأطراف تمامًا، أو بمعنى أخر: “ترسيخ ثنائيات مخصصة بدلًا من صيغة حل دائم ومتعدد الأطراف”.

في أوكرانيا، وبينما يفترض أن تركيا عضو في الناتو، فإنها تدخلت لـ “تسيير التفاوض”، كما عارضت انضمام السويد وفنلندا للتحالف.

  • درس تجزئة الصراع

بعد تعطيل هدف الإطاحة بالحكومة الأوكرانية وإنشاء نظام موالٍ لروسيا، قسمت المنطقة إلى وحدات أصغر يمكن “العمل عليها” واحدة تلو الأخرى.

ميزة ذلك أن الاهتمام الدولي يتضاءل، حيث لا يثير “القتال المحلي” عناوين الأخبار العالمية. لكن الهدف الأوسع يتحقق: غزو منطقة تلو الأخرى، ثم توقيع اتفاقيات “مصالحة مناطقية”. هذا تحديدًا ما حسم الصراع في سوريا.

بهذا المنطق، بدأ الروس “المصالحات” في سوريا وسيفعلونها قريبًا في ماريوبول ومناطق أخرى من أوكرانيا، مع إنشاء هيئات محلية أو إقليمية صديقة، كما حدث في البلدات السورية، وكذلك في دونباس وغيرها. والخطوة التالية إعلان الكيانات الجديدة رغبتها في الانضمام إلى الاتحاد الروسي.


هل كانت سوريا ساحة تدريب عسكرية لأوروبا الشرقية؟

نعم، وفرت سوريا ساحة تدريب مفتوحة للجيش الروسي قبل إطلاق العنان له في أوروبا الشرقية.

تخلصت روسيا من أسلحتها القديمة، واستخدمت الساحة كصالة عرض لأسلحة جديدة، ودربت قواتها الجوية، وتركت للآخرين، وعلى رأسهم قوات الأسد والمليشيات الإيرانية، القيام بالأعمال القذرة على الأرض.

المدهش أنها ستدفع الثمن في أوكرانيا: القوات الروسية الأكثر فشلًا كانت القوات البرية التي لم تنل أي قدر من التدريب في سوريا.


هل هناك مصادر إضافية لمزيد من المعرفة؟

كيف يمكن لروسيا إعادة صياغة دليلها السوري في أوكرانيا؟ (USIP)

حكاية دبين: التجربة الروسية في سوريا وأوكرانيا (Modern War Institute)

الغزو الروسي لأوكرانيا حدث لأن العالم منح فلاديمير بوتين حرية المرور في سوريا (The Atalantic Council)

روسيا شنت حربًا رخيصة في سوريا. إليك ما قد تبدو عليه تلك التكتيكات في أوكرانيا (CSIS)

الحرب الروسية في أوكرانيا تهز إيران وسوريا وأمن الشرق الأوسط (The Hill)

بوتين في تدمر: كيف انتصرت روسيا في معركة “الحقيقة”؟ (MIE)

سوريا تجند قوات من جيشها للقتال مع القوات الروسية في أوكرانيا (The Guardian)

درب دماء بوتين من سوريا إلى أوكرانيا (PRIO)


رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك

موضوعات متعلقة

التعليقات (0)

يجب عليك .. تسجيل الدخول أو التسجيل لتتمكن من التعليق.

تعليقات الفيسبوك