كانت لحظة مزعجة بشدة لأي شخص يؤمن بالقوة الأمريكية أو يعتمد عليها، عندما سأل مراسل فوكس نيوز الرئيس الأمريكي جو بايدن عما إذا كان يتحمل أي مسؤولية عن 13 جنديًا أمريكيًا قتل في تفجير مطار كابول الذي أودى أيضًا بحياة 79 أفغانيًا على الأقل.
أخذ بايدن يتحرك ذهابًا وإيابًا، ثم أغرق رأسه في يديه لعدة ثوانٍ. بدت عليه علامات الإحباط والإرهاق واليأس، ثم قدم إجابات طويلة وبطيئة وغير مركزة طيلة المؤتمر الصحفي.
وول ستريت جورنال: بايدن استسلم لطالبان في أسوأ إذلال لأمريكا في التاريخ | ترجمة في دقائق
خلال المؤتمر، لم يبعث ظهور جو بايدن بأية رسالة ثقة للحلفاء ولا خوف للأعداء من رجل يفترض أنه يقود أعظم قوة عسكرية على سطح الكوكب.
إن كان الحال كذلك، فلا يسع المرء إلا أن يتساءل كيف استقبلت موسكو وبكين وكابول أداء بايدن الذي لم ينجح في إقناع الكثير من الأمريكيين أنفسهم.
انسحاب جو بايدن من أفغانستان لم يود بحياة 13 أمريكيًا فقط، بل ترك ألفًا أخرين تحت الحصار ، بخلاف الآلاف من الأفغان المعرضين للخطر في وضع مماثل.
الانسحاب منح طالبان ترسانة عسكرية قوية، تشمل 100 هليكوبتر عسكرية و 2,000 عربة مدرعة، في تحد خطير للقوة والهيبة الأمريكية.
بعد كل ذلك، وفي إحدى المرات النادرة التي يواجه فيها جو بايدن استجوابًا حقيقيًا، بدا مهتزًا، وحتى نائمًا في بعض الأحيان.
طالبان 2.0 | من هم؟ من يقودهم؟ وكيف سيحكمون أفغانستان؟ | س/ج في دقائق
هذا الرئيس فضل إنهاء أطول حرب خاضتها أمريكا منذ 20 عامًا. هو مقتنع أن التاريخ سيثبت سداد رؤيته.. حسنًا. لنترك الحكم للزمن.
لكن ماذا عن البقية؟
في عهد جو بايدن وصل التضخم أعلى مستوياته منذ 13 عامًا. وفيه أفادت دورية حدودية أمريكية عن مواجهة مع ما يقرب من 200 ألف مهاجر على طول الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك في يوليو، وهو أعلى إجمالي شهري منذ أكثر من 20 عامًا.
في عهده كذلك، وبسبب متغير دلتا، يبلغ متوسط عدد وفيات كورونا الآن أكثر من 1200 حالة وفاة يوميًا.
كل ذلك بعد سبعة أشهر فقط من ولاية جو بايدن. والآن يأتي الانسحاب الكارثي من أفغانستان بثمنه المميت ليحمل نقطة جديدة في تحديد مدى أهليته للاستمرار رئيسًا، خصوصًا مع احتمال فقدان المزيد من الأرواح الأمريكية بسبب الإرهاب، وهو الشيء ذاته الذي قال إنه كان يسعى لتجنبه.
كل هذا يعني أن رئاسة جو بايدن تقتريب من حدوث أزمة كبرى.
دبلوماسي هندي: بايدن يعتمد على إردوغان “مشغل الجهاديين” في أفغانستان وروسيا| ترجمة في دقائق
قبل انسحاب أفغانستان وقبل الارتفاع الأخير لوفيات كورونا، كان جو بايدن لا يزال في مرحلة شهر العسل، ويتمتع بتقييم إيجابي بين عموم الأمريكيين وفق استطلاعات الرأي بنسبة لا تقل عن 50%.
الآن، واحد فقط من كل أربعة أمريكيين يؤيد طريقة الانسحاب من أفغانستان. ويقدر استطلاع يو إس إيه توداي أن نسبة التأييد الوظيفي للرئيس انخفضت إلى 41%.
حتى عواصم أوروبا التي قال جو بايدن إنه يركز على تجديد الوفاق معها تشعر بالغضب، وبالنتيجة تتوتر التحالفات.
والآن، لا ينام الديمقراط الليل لأنه باتوا يشعرون أن رئيسهم البالغ 78 عامًا ليس بالقوة أو الحذاقة بما يكفي لقيادة أمريكا، خصوصًا بعدما بدأ صدى لقب “سليبي جو” (جو النعسان) الذي أطلقه دونالد ترامب خلال الحملة الرئاسية 2020 يتردد لدى الأمريكيين الذين يتابعون مؤتمرات بايدن الصحفية الباهتة.
المحافظون يعتقدون أن جو بايدن يتلاشى أمام أعينهم، كما قال المذيع التلفزيوني اليميني المؤثر تاكر كارلسون.
لوك طومسون، المستشار السياسي الجمهوري شبه جو بايدن بفرقة موسيقى الروك المسنة التي لا تزال تعتقد أنها مسموعة، لكنها لا تعمل، فهو يحاول تأدية أفضل النتائج في جولة أخيرة، لكن الطاقة ليست موجودة.
بيتر وينر، نائب رئيس مركز الأخلاق والسياسة العامة، من المحافظين الذين أيدوا انتخاب بايدن، يقول إنه يشعر بالخذلان مما حدث في أفغانستان.
الانسحاب الأمريكي من أفغانستان | هل يعيد جو بايدن إحياء تنظيم القاعدة؟ | س/ج في دقائق
لا يزال لدى جو بايدن الكثير من الحجج.
وفقًا لاستطلاعات الرأي الأخيرة التي أجريت قبل هجوم مطار كابل، يواصل العديد من الأمريكيين – 47%- دعم الانسحاب من أفغانستان حتى لو ترك طالبان تتولى الأمور في البلاد.
يجادل كذلك بأنه ورث الفوضى الأفغانية عن أسلافه، وخصوصًا أن ترامب هو من وقع اتفاق سلام مع طالبان، مع وعد بالانسحاب بحلول 1 مايو 2021، مقابل وقف الهجمات على الأمريكيين وعدم جر أفغانستان لتصبح ملاذًا آمنًا للإرهابيين، كما وافق على إطلاق سراح 5,000 سجين من طالبان، بعضهم يقاتل الآن في صفوف أعداء أمريكا.
الاتفاق نفسه لم يحدد آلية لإجبار طالبان على الوفاء بوعدها، كما أنه لم يمنح أي دور للحكومة الوطنية الأفغانية في ذلك الوقت، ولا أي حماية للجيش الأفغاني من هجمات طالبان.
في خطابه، تعهد بايدن بـ “ملاحقة أي شخص يتمنى أن تؤذي أمريكا”.
بدا هذا على الأقل أشبه بحديث عن “الحرب على الإرهاب” في عهد جورج بوش أكثر من كونه رئيسًا ملتزمًا بإعادة القوات إلى الوطن.
بيل ماكنتورف، خبير استطلاعات الرأي يعتبر أن “الأمريكيين ضيقو الأفق للغاية”، فمهما كان الواقع على الأرض، فإن التأثير على المدى الأطول يتوقف على سؤال مركزي واحد: هل يخرج الأمريكيون أحياء؟ وهنا تظهر المشكلة.. مع فقدان الأرواح الأمريكية، يواجه بايدن حسابات مختلفة تمامًا.
بايدن وصل.. عادت داعش | الزمان استدار كهيئته يوم غادر أوباما | ترجمة في دقائق
رغم كل ما حدث، فإن بايدن وحلفاءه الديمقراط لا يشعرون بالذعر بعد، فعادة ما يفقد الرؤساء شعبيتهم في الأشهر التي تلي انتخابهم، حيث يبدأ الواقع الصعب للحكم، خصوصًا إن كانت أجندتهم المحلية في وضع لائق.
لكن جو بايدن لا يبدو وكأنه رجل سيكون ملائمًا لإعادة انتخابه في غضون أربع سنوات، ولا حتى لاستكمال فترة ولايته الأولى بشكل مقنع.
لوك طومسون، المستشار السياسي الجمهوري: “هذا ما كان عليه جو بايدن دائمًا، فالرجل مناسب من الناحية المزاجية والأخلاقية والفكرية لإدارة ثلاث وكالات لبيع السيارات في وسط المحيط الأطلسي، لكنه بدلًا من ذلك تولى أقوى وظيفة في العالم.”
واشنطن تايمز: لا بايدن ولا هاريس.. من يحكم الولايات المتحدة الآن بحق الجحيم؟ | ترجمة في دقائق