في الفترة الأخيرة، نجحت دول إفريقية عدّة في إجهاض محاولات تنظيمات إرهابية مُسلحة في السيطرة على مقاليد أمورها، بفضل الدعم الدولي لها.
مثلما جرى في أفغانستان التي سيطرت عليها طالبان، هذا النجاح مُهدّد بالانتكاس في ظل تراجع رغبة المجتمع الدولي في دعم الحكومات الإفريقية الهشّة في مواجهة الإرهاب المحلي.
أكثر دولتين إفريقيتين مرشحتين للنموذج الأفغاني، هما: الصومال ونيجيريا.
لماذا هاتان الدولتان تحديدًا؟ وما هي درجة الخطر التي تمرّان بها؟
إلى مزيد من التفاصيل عبر:
س/ج في دقائق
لماذا الصومال أكثر دولة مرشحة لمصير أفغانستان؟
بعدما نجحت حركة الشباب المجاهدين في السيطرة على البلاد، انتهت هذه السيطرة بالقوة، ومن وقتها تعتمد الحكومة على قوات بعثة الاتحاد الأفريقي (أميصوم)، في حفظ أمن الصومال منذ أكثر من عقد.
دعّمت الولايات المتحدة هذه القوات في البداية، لكنّها سحبت هذا الدعم مؤخرًا ما أضعف القوات الإفريقية في الصومال، وسادت البلاد حالة “تراخ أمني” استغلتها حركة الشباب لزيادة نشاطها.
من المفترض أن يزداد هذا الوضع سوءًا مع استعداد قوات “أميصوم” لخروج وشيك، وهي خطوة من شأنها أن تعقد الأوضاع الأمنية للصومال ولمنطقة القرن الأفريقي بأسرها.
وبحسب تقرير الأمم المتحدة، فإن حركة الشباب بدأت بالفعل في بسط سيطرتها على المناطق الريفية من الصومال، وفرضت ضرائب على السكان.
وتستعد الحركة لاجتياح العاصمة مقديشو، فور انسحاب القوات الإفريقية.
وهل قوات الأمن الصومالية قادرة على حفظ الأمن وحدها؟
يقول المسؤولون الأمنيون، إن عمليات تجهيز كبيرة تجري للقوات الحكومية الصومالية كي تكون قادرة على السيطرة على البلاد.
عمليات التدريب تلك تحتاج إلى المزيد من الوقت كي تُحقق النتيجة المرجوة، في ظل العقبات الإدارية التي اعترضت تدشينها منذ سنوات.
في 2017م، كان من المقرر تدريب 18 ألف فردٍ في الجيش الصومالي، تشمل قوات خاصة وقوات جوية، بالإضافة لـ 32 ألف رجل شرطة، لكن هذه الخطة تجمّدت بعد عامٍ واحد من إطلاقها.
وتشهد الصومال حاليًا انتخابات، لكن هذا المسار الديمقراطي مهدّد بالتدمير حال انسحاب القوات الإفريقية، وسيطرة مقاتلي حركة الشباب على الحُكم.
ويرى الخبير الأمني عدن عبد الله، أن مجرد وجود القوات الأجنبية -مهما كان محدودًا- يُضاعف من صلابة القوات الحكومية، حتى لو لم تعاونها القوات الأفريقية عسكريًا. يكفي فقط أنها موجودة، لمنح الجيش والشرطة الصوماليين الدعم النفسي اللازم في حربهما ضد “المجاهدين”.
منطقة الساحل هي الأخرى تشهد أوضاعًا مشابهة لمنطقة القرن الأفريقي، ففي يونيو الماضي قرّر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خفض أعداد الجنود الميدانيين الذين يقاتلون في المنطقة.
في نيجيريا، الوضع دخل منطقة الخطر، لأن القاعدة وداعش كسبتا الكثير من الأراضي في منطقة الساحل مؤخرًا.
يقول المحاضر في العلوم السياسية بجامعة أوبافيمي أولو في نيجيريا، عثمان سولومون، إن استيلاء طالبان على أفغانستان سيرفع الروح المعنوية للإرهابيين في جميع أنحاء العالم، وخصوصًا في منطقة الساحل.
فجماعة بوكو حرام، التي تنتشر في المنطقة، تتشارك في الكثير من الأفكار والمعتقدات المتطرفة مع طالبان، وخصوصًا في قضايا المرأة، ورفض تعليمها أو خروجها من منزلها بمفردها.
وزير الإعلام والثقافة النيجيري، لاي محمد، أعلن منذ أيام، أن جماعة بوكو حرام تخوض “حربًا أيدولوجية” ضدهم مثلما تفعل طالبان مع الحكومة الأفغانية، معتبرًا أن هدفهم النهائي هو القضاء على الديمقراطية واستعباد النساء والأطفال.
ومن المستبعد أن يفوز الجيش النيجيري في هذه الحرب وحده بدون الدعم الفرنسي، فهو لا يملك قوة الكافية لمواجهة هذه الجماعات، خاصةً بعدما رفض المُشرِّعون الأمريكان بيع طائرات الهليكوبتر AH-1 Cobra الهجومية لنيجيريا، لاستخدامها في مواجهة الإرهاب.
تقول “بي بي سي”، إن علينا القلق من هذه الظاهرة المتشابكة، خاصةً بعد سقوط أفغانستان لقمة سائغة بين يدي طالبان.
خلّف الجيش الأمريكي وراءه الكثير من المعدات العسكرية لطالبان، منها ملايين قطع السلاح الخفيفة، وهي الأسلحة المفضلة لحركة الشباب وجماعة بوكو حرام.
هذه الأسلحة الصغيرة ستفيض بشدة عن حاجات طالبان، وقد ترغب في الاستفادة المادية منها، فتبيعها لجمعات كتلك.
هنتاك احتمال أن تسعى طالبان لدعم تلك التنظيمات الإرهابية بالمال، مستفيدة من موارد الدولة الأفغانية، ما يضفي المزيد من الازدهار على هذه القوات، بعكس الجيوش الحكومية التي تزداد ضعفًا بتخاذل الدول الكبرى عن نصرتها.