بعدما ساعد تحالفهم مع المعسكر الغربي في تثبيت النظام العالمي القائم “أحادي القطب”، يحاول المعسكر الشرقي إعادة إحياء نفوذه باستقطاب مصر والسعودية إلى صفه، في نظام عالمي جديد يقف فيه “توسيع البريكس” في مواجهة “توسع الناتو”.
فما هي مجموعة بريكس أصلًا؟
ما مهامها؟
وهل لدول الشرق الأوسط مصلحة في الانضمام إليها؟
وهل يجتمع الأضداد “تحالف مصر والسعودية والإمارات” مع “تركيا وإيران” تحت مظلة واحدة؟
س/ج في دقائق
ما هي مجموعة البريكس بداية؟
منظمة أطلقتها روسيا والصين مع البرازيل والهند في 2006 باسم “بريك” لتضم الاقتصادات الناشئة الرئيسية، ثم توسعت في 2010 بضم جنوب أفريقيا لتحمل اسمها الحالي “البريكس”.
تمثل البريكس حوالي 30% من مساحة اليابسة في العالم و40% من سكانه.
يتشارك أعضاء التكتل سمات هيكلية: اقتصادات سريعة النمو – قدرات عسكرية ضخمة – نفوذ سياسي متزايد في مؤسسات الحوكمة العالمية.
ووفق صندوق النقد الدولي، تستحوذ الصين على +70% من اقتصاد المجموعة، والهند حوالي 13%، وروسيا والبرازيل بحوالي 7% لكل منهما، وجنوب إفريقيا 3%.
كيف طرح البريكس نفسه نواة لنظام عالمي ثنائي القطبية؟
البداية بالاقتصاد. تقول المجموعة إنها تسعى لإنهاء سياسة القطب الأحادي، عبر إنهاء هيمنة الولايات المتحدة على السياسات المالية العالمية.
لتحقيق الهدف، تخطط دول البريكس لإنشاء بديلين لصندوق النقد والبنك الدوليين: بنك التنمية الجديد – صندوق الاحتياطيات الدولية.
الخطوة الأولى تحققت فعلًا في 2014، بالاتفاق على إطلاق البنك – الذي لم يحمل اسم المجموعة للسماح لدول غير أعضاء بالانضمام إليه.
ويصل رأس مال البنك ما يعادل 100 مليار دولار، تتحمل الصين وحدها 41 مليار دولار منها، ثم الهند وروسيا والبرازيل (18 مليارًا لكل دولة) وأخيرًا جنوب أفريقيا 5 مليارات. لكن كل الدول تتساوى في حقوق التصويت.
بينما تتوسع الأزمة بين روسيا والناتو، وبين الصين والولايات المتحدة، يحاول المعسكر الشرقي توسيع شبكة الأصدقاء والشركاء “بشكل انتقائي”.
الهدف هنا هو جذب دول “العقدة” التي تحتل مواقع استراتيجية رئيسية واقتصادات متسارعة النمو معًا.
في يونيو 2022، ناقش أعضاء التجمع تسريع “توسيع البريكس” بالتزامن مع محاولات الناتو توسيع حدوده بانضمام محتمل من السويد وفنلندا.
توسيع البريكس يفترض أن يبدأ 2023، مع قائمة مرشحين تشمل 5 دول على الأقل (مصر – السعودية – تركيا – إيران – الأرجنتين). وكلها منخرطة في العملية التحضيرية لمناقشة طلبات الانضمام.
وهل اجتماع أضداد الشرق الأوسط في توسيع البريكس ممكن؟
فلسفة توسيع البريكس التي تديرها الصين تحديدًا ومعها روسيا تقوم على إنشاء تحالف من الدول التي تتمتع بأحد شرطين:
1- لديها نزاعات معلقة مع الغرب.
2- تعرضت للإذلال من قبل الغرب في الماضي (الأرجنتين مثلًا).
وبينما تهدد الانقسامات الداخلية الناتو، فإن تحالف البريكس المناهض لا يشترط توافق الأعضاء أصلًا، بالتالي فانضمام مصر وتركيا والسعودية وإيران معًا لن يثبت بالضرورة أي اختراق تصالحي في التنافس الإقليمي.
الصين وروسيا أظهرتا القدرة على جمع الأعداء معًا، في منظمة شنغهاي للتعاون مثلًا، قبلت الدولتان عضوية الهند وباكستان بالتزامن، رغم عدائهما المعلن، والتنافس العنيف بين الصين نفسها والهند، والذي يتحول أحيانًا لاشتباكات قاتلة، على طول حدودهما المتنازع عليها في الهيمالايا.
خبير مجلس الشؤون الدولية الروسي، ياروسلاف ليسوفوليك، يقول إن توسيع البريكس قد يؤدي إلى تحديات أكبر في تحقيق توافق الآراء بشأن القرارات الرئيسية، لكنه يسمح بتباين وجهات النظر، وحتى المشكلات الإقليمية، بشرط الوحدة في القضايا العالمية.
لكن مصر والسعودية قريبتان من المعسكر الغربي تقليديًا.. هل بدلتا الصفوف؟
ليس بالضرورة.
الدولتان تسعيان لتعزيز التعاون مع الولايات المتحدة، لكنهما تريدان أيضًا توسيع العلاقات مع روسيا والصين، ضمن محاولة لموازنة العلاقات بين القوى الكبرى، والاستفادة من تعزيز الأطر الاقتصادية التي تأسست خارج رعاية الولايات المتحدة وحلفائها المباشرين.
هذا بالتبعية يكسر نهج واشنطن، التي استبعدت بانتظام الدول التي لا تتفق معها من خلال قائمة متزايدة من العقوبات؛ عبر خلق أطر غير تقليدية لتفادي أي قيود محتملة يسببها وضع الولايات المتحدة المهيمن في النظام المالي العالمي.
هل يعيد توسيع البريكس ترتيب خريطة الطاقة العالمية؟
مشكلة الطاقة هي السبب الرئيسي في محاولة البريكس ضم السعودية وإيران معًا، وفق أخيل راميش، زميل منتدى المحيط الهادئ.
هذا يعني وجود ثلاثة من كبار منتجي النفط في مجموعة واحدة، بما يحل مشكلة دول مثل الصين والهند، اللتين تريان أن الاستيراد سبب لهما أزمة، من وجهة نظر اقتصادية نظرا للعجز التجاري، أو من وجهة نظر جيوسياسية عبر الاضطرار لتقديم تضحيات أمنية واستراتيجية من أجل واردات النفط”.
بالتبعية، هذا سيمنح البريكس يدًا أقوى في محاولة إزاحة الدولار عن الهيمنة على النظام المالي العالمي.