تشبهكن شيرين فعلًا | كيف تدعم أفكار الفيمنست حتمية استمرار المجتمع الذكوري؟ | حاتم منصور

تشبهكن شيرين فعلًا | كيف تدعم أفكار الفيمنست حتمية استمرار المجتمع الذكوري؟ | حاتم منصور

13 Dec 2021
حاتم منصور
السوشيال ميديا فيسبوك
رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك
حجم الخط

المتابعون للسوشال ميديا وبالأخص في مصر، عانوا غالبًا من صداع منشورات في الفترة الأخيرة عن المطربة شيرين بعد ظهورها في حفل حليقة الرأس.

ردود أفعال كثير من النساء تراوحت بين إعلان الدعم والحب، وبين الدعاء والحسبنة على طليقها حسام حبيب، الذي اعتبرنه المجرم سبب آلامها.

شيرين عبد الوهاب

شيرين في المقابل – وكعادتها – تناقضت تصريحاتها، بين أقوال مضمونها: هذه حياتي الشخصية ومن الخطأ أن تفسروها بطريقتكم، ربما حلقت رأسي لأسباب أخرى.

وأقوال مضمونها: نعم كان زوجًا عديم الشخصية تحت سيطرة أمه، ومستغلًا وأنانيًا هو وأهله.

وأقوال مضمونها أنه شخص محترم، وسيد الناس.

وأقوال مضمونها: لا أود ذكره بأي سوء، لأنني لست المرأة التي تفعل ذلك.

وأقوال مضمونها: حلقت رأسي كي أصبح غير جميلة في نظره فيطلقني.

باختصار، أمامنا نموذج لامرأة لا تعرف ماذا تريد تحديدًا مما تفعله. تقول الشيء وعكسه خلال ساعات؛ تجرح وتهين طليقها، ثم تؤكد في ثقة أنها أرقى من أن تفعل شيئًا كهذا!

تناقض شيرين عبد الوهاب

كل ما سبق يمكن تفهمه نسبيًا، دون اشادة، إذا وضعنا في الاعتبار أن كلنا بشر، وأن كلنا نمر بأزمات من وقت لآخر.

ما لا يمكن تفهمه فعلًا، هو حملة التشجيع والتهليل والمباركة النسائية الجماعية على السوشال ميديا عن الواقعة، وكأننا أمام عمل بطولي خارق وإنجاز فعلته شيرين يستحق أن يصبح قدوة لغيرها.

س/ج في دقائق: هل ناقض معز مسعود نفسه بزواجه من الممثلة شيري عادل؟

والسؤال للنساء المشاركات في هذا الترند، والمباركات لما تفعله شيرين، وبالأخص لمن تصنف نفسها ضمن “النسويات” منهن: ما هو رد فعلك في الحالة العكسية؟

هل سنؤيد وندعم أيضًا نجمًا ذكرًا خرج من علاقة زوجية فاشلة، فبدأ حملة تصريحات هستيرية ضد طليقته، يهاجمها فيها هي وأهلها؟ أم أننا سنتحدث في هذه الحالة عن “الرجل النذل الذي لا يصون العِشرة”؟

شيرين عبد الوهاب 2

وكم مقال أو كم ألف مقال سيقابلنا ساعتها، من النوع المحشو بمصطلح “النظام الأبوي” Patriarchy عن الذكر الشرقي المتعفن الذي يمارس التسلط والتعنيف ضد المرأة، حتى بعد أن أصبحت طليقته؟

والسؤال الثاني الأهم: من أين تأتي هذه الثقة المفرطة بخصوص تحديد الظالم والضحية؟! هل يعرف أحد منا بشكل قاطع ما حدث بين الطرفين وكأنه مقيم معهما؟!

الريد فلاج | كيف نتعامل معه عمليا .. وماذا نعرف عن الأخضر والأصفر والبرتقالي؟ | س/ج في دقائق

أم أن المسألة أصبحت ببساطة بالنسبة للنسويات، تشجيعا وانحيازا هستيريا قائما على النوع ليس إلا؟

الإجابة على أي حال قد نكون شاهدناها عمليًا منذ أسابيع، عندما طلق الممثل مصطفى فهمي زوجته، وهو القرار الذي اعتبرته هي مجحفًا في حقها، فبدأت حملة اتهامات وتشويه ضده في الميديا.

وقتها ظهرت منشورات نسوية تؤكد أن سكوته علامة على صحة اتهاماتها، وأن سلوكياته التي ذكرتها طليقته، تدل على أنه (ليس رجلًا).

وعندما رد النجم وأدلى بتصريحاته في الأمر مضطرًا للدفاع عن نفسه، وأوضح أسباب الطلاق، التي لخصها بأنه يرى نفسه كطرف يعيش في استغلال واستنزاف مادي مستمر منذ الزواج، ظهرت منشورات نسوية أخرى تؤكد أن حديثه العلني السلبي عن زوجته السابقة بهذه الطريقة، علامة على أنه (ليس رجلًا).

المعادلات إذن كالآتي حاليًا في محاكم ومقاصل النسويات:

1- يصمت الرجل عن الحديث عن طليقته – فيؤخذ هذا ضده.

2- يتحدث عن طليقته وعيوبها للدفاع عن نفسه – فيؤخذ هذا أيضًا ضده.

3- تتحدث المرأة عن عيوب طليقها – لا بد من الدعم.

4- تقول الشيء وعكسه في ساعة واحدة – لا بد من الدعم.

5- تشتم وتهين آخرين – لا بد من الدعم.

6- تعطس – لا بد من الدعم.

معادلات غريبة وكوميدية ورخيصة ومبتذلة، وتزداد ابتذالًا عندما يحاصرنا بها فريق نسويات يرفع طوال الوقت شعار “لا فارق بين الرجل والمرأة أيها الذكوريون الأوغاد”.

ربما تحتاج النسويات لإقناع أنفسهن بهذا الشعار أولًا فعلًا؛ لأن أقوالهن ومواقفهن وأحكامهن طوال الوقت تؤكد العكس.

كيف أصبحت الأجندة النسوية المعاصرة في هوليوود منفرة؟ | حاتم منصور

بالنسبة لهن، غير مسموح للرجل بسلوكيات وتصرفات عديدة، وإذا فعلها فهي خطأ وتجاوزات تنتقص من رجولته وشهامته وأخلاقه، أما للمرأة فالدعم، وكل الدعم، والمزيد من الدعم، مع نفس التصرفات والسلوكيات.

فالمرأة تفعل ما تشاء وقتما تشاء في أدبياتهن ومنشوراتهن الحالية، بحجة أنها مجروحة – محطمة – مكسورة الفؤاد – تعاني من الخذلان.. إلخ هذه المصطلحات.

والحقيقة أن خطاب هذا النوع من النسويات وأدبياته، يمثل الوجه الآخر لعملة الخطاب الديني المتزمت، المفترض نظريًا أنه نقيض للخطاب النسوي!

هذا الخطاب الديني يؤكد أيضًا بدوره ليل نهار، أن المرأة ضعيفة هشة، وأقل من أن تتحمل أى ضغط نفسي مقارنة بالرجل، وأنها قابلة للانهيار في أية لحظة، وأن ما سبق حقائق لا تقبل الجدال أو التغيير، لذا لا يمكن للمرأة أن تتولى مناصب الرجل، أو أن تخرج عن وصايته.

بين الفستان والبوركيني | الحجاب الطوطمي على مذهب قناة اقرأ | هاني عمارة

كلاهما خطاب يساهم في بقاء منظومة (الرجل غير المرأة) على أرض الواقع، بكل ما يتبعها من تفرقة وتوزيع في الأدوار الاجتماعية للجنسين.

استمرارية هذا الخطاب النسوي العبثي، لا تفيد النساء في مجتمعاتنا بأي حال، بل هي خطوة للأسوأ، وحجر أساس لتربية جيل جديد من البنات، يرى أنه غير مطالب بالتصرف بمسؤولية، وأن كل شيء وأى شيء، يمكن فورًا تبريره بشماعة (أنا أنثى مجروحة – الخطأ من غيري).

أما بالنسبة للرجال فالاقتناع بشعار (لا يوجد فارق بين الجنسين) قد يكون مسألة سهلة، على عكس ما تردد النسويات. اليوم الذي سنعيش فيه في مجتمع تقدم فيه النساء ما يثبت هذا الشعار فعلًا، قد يكون هو نفسه يوم اقتناعنا.

تُردد النسويات دومًا أن تاريخ البشرية ذكوري لأن هذا ما أراده الرجل وحده للعالم، لكن ربما حان الوقت لكتابة تنظيرات عن العكس.

النسويات ينتقدن هذا النوع من الرجال، لكنهن ينجذبن إليهم بصورة أكبر .. هل من تفسير؟

ربما الأصوب والأقرب للواقع، أن تاريخ البشرية ذكوري، بسبب الضوابط التي رسمتها النساء حتى اليوم، لما يجوز للرجل أن يفعله، وما يجب أن يفعله لأنه ذكر، مقارنة بما يجوز للمرأة أن تفعله في المقابل.

شيرين عبد الوهاب سوشال ميديا

تشبهنا شيرين بحبّنا الهائل وبانكساراتنا .. كان هذا عنوان مقال فيمنست عربية عن المسألة.

يندر أن أتفق مع فيمنست في الرأى، لكني أتفق وبشدة هذه المرة مع العنوان. شيرين فعلًاً تتصرف هذه الأيام، كطفلة غير ناضجة متناقضة هستيرية لا تزن كلامها وأفعالها، ولهذا هي حاليًا خير رسول ومُعبر، عن حال النسويات في منطقتنا السعيدة، وعن المواصفات السلوكية النسائية السائدة في الأجيال القادمة، التي يبشر بها خطابهن.

رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك

موضوعات متعلقة

التعليقات (0)

يجب عليك .. تسجيل الدخول أو التسجيل لتتمكن من التعليق.

تعليقات الفيسبوك