لغز وابتزاز أخلاقي وبقايا ضمير.. الغرائب الخمس في ترشيحات الأوسكار 2021 | حاتم منصور

لغز وابتزاز أخلاقي وبقايا ضمير.. الغرائب الخمس في ترشيحات الأوسكار 2021 | حاتم منصور

22 Mar 2021
حاتم منصور
سينما عالمية
رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك
حجم الخط
ترشيحات الأوسكار تظهر بعد موسم سينمائي مختلف جدًا بسبب أزمة الكورونا وما نتج عنها.

إجمالًا، لم يختلف شكل ترشيحات الأوسكار عما ناقشناه بالتفصيل في مقال سابق. لكن نتائج بعض الفروع وطبيعة التغطية الإعلامية لها تستحق الذكر، وتفتح النقاش لنقاط أخرى:

من فيلم Judas and the Black Messiah
من فيلم Judas and the Black Messiah

1- لغز (الممثل – الممثل المساعد)

لسنوات طويلة، ظل تصنيف بعض الأدوار محيرًا من حيث الانتماء للنوعين. وانتهزت شركات هوليوود أحيانًا هذه النقطة لتزاحم ببعض الأدوار على الفرع التي تملك فيه فرصًا أفضل للفوز، وليس على الفرع الأنسب للشخصية فعلًا!

خلق هذا سابقًا اختلافًا في تصنيف نفس الدور عدة مرات بين الأوسكار من ناحية والبافتا والجولدن جلوب (الكرة الذهبية) من ناحية أخرى، وبالأخص مع الأخيرة؛ لاحتوائها على قائمتين لترشيحات التمثيل (فيلم دراما – فيلم كوميدي/ غنائي) على عكس ترشيحات الأوسكار التي تدمج الكل تحت قائمة واحدة.

براد بيت
براد بيت

على كل، يمكننا بالتأكيد أن نقبل مساحة ما لاختلاف الرأي والتصنيف في بعض الحالات. كتمرين ونموذج عملي سريع وقريب من الذاكرة:

في فيلم حدث ذات مرة في هوليوود هل كان ليوناردو دي كابريو هو صاحب الدور الرئيسي وبراد بيت صاحب الدور المساعد؟ أم أن العكس أصوب؟

Once Upon a Time in Hollywood.. مرافعة تارنتينو للدفاع عن نفسه وعن هوليوود وعن العنف السينمائي | حاتم منصور

عمليًا، صنفت كل هيئات الجوائز براد بيت كصاحب الدور المساعد في الموسم الماضي، واستفاد من هذا عندما حصد الأوسكار والجولدن جلوب والبافتا عن الدور. لكن في المقابل لا يخلو التصنيف العكسي من وجاهة رأي.

في أحيان أخرى، صنفت ترشيحات الأوسكار اثنين من نفس الفيلم في نفس الخانة الرئيسية، في إجراء لا يخلو من حكمة. النموذج الأشهر لهذا قد يكون ترشيح كل من (جينا ديفيز – سوزان سارندون) كأفضل ممثلة رئيسية عن فيلم ثيلما ولويز Thelma & Louise عام 1992.

جينا ديفيز وسوزان سارندون - Thelma & Louise

جينا ديفيز وسوزان سارندون – Thelma & Louise

في أوسكار 2021 ضرب المصوتون كل الأعراف في مقتل، بعد ترشيح (لاكيث ستانفيلد – دانيال كالويا) كأفضل ممثل مساعد عن دوره في فيلم يهوذا والمسيح الأسود Judas and the Black Messiah.

والسؤال المحير الأول: إذا اعتبرنا كلًا منهما (ممثلًا مساعدًا) في الفيلم فعلًا، فمن هو الممثل الرئيسي فيه إذن؟!

لاكيث ستانفيلد - دانيال كالويا في Judas and the Black Messiah

لاكيث ستانفيلد – دانيال كالويا في Judas and the Black Messiah

السؤال المحير الثاني: هل الرغبة في فرض نسبة أعلى من الأعراق الملونة وسط المرشحين بأية طريقة هي السبب الرئيسي في هذا الوضع الغريب؟!

والسؤال المحير الثالث: هل كان الموقف سيمر مرور الكرام في الإعلام والصحافة الفنية بنفس الدرجة، لو كان كلاهما (أبيض البشرة)؟ أم أننا كنا وقتها سنقرأ موشحات استنكار حول ترشيحات الأوسكار تتلاءم مع هذا الوضع الغريب؟!

2- شادويك بوسمان هو اختيارك الأخلاقي الوحيد للتصويت للفوز بالأوسكار!

استمرارًا لما سبق، فقد تجاوزنا الآن في الصحافة الفنية الغربية مرحلة (شادويك بوسمان يستحق دخول ترشيحات الأوسكار 2021)، وبدأنا مرحلة (لا يجوز أن يربح ممثل آخر الأوسكار هذا العام)!

وداعًا بلاك بانثر.. رحلة السبع سنوات لـ تشادويك بوزمان في البطولة| الحكاية في دقائق

تحويل التفضيل الفني إلى لعبة مزايدات أخلاقية، لصالح عرقيات محددة، ضمن النقاط التي جعلت الأوسكار وغيرها من الجوائز تفقد أسهمها عامًا بعد عام لدى الجمهور العادي.

وإذا استمر هذا النهج، فسنستيقظ قريبًا والأوسكار مجرد جائزة أخرى لا تهم أحدًا ولا يتابعها أحد، ولا تختلف كثيرًا عن جوائز سيزار السينمائية الفرنسية مثلًا.

كاري موليجان في Promising Young Woman

كاري موليجان في Promising Young Woman

3- هل غيرت بوصلة أفضل ممثلة وجهتها؟

لم تختلف قائمة ترشيحات الأوسكار لأفضل ممثلة عما توقعناه في مقال التوقعات، وشملت بالفعل نفس الممثلات الـ 4 المذكورات فيه:

فيولا ديفيز – Ma Rainey’s Black Bottom

فيولا ديفيز – Ma Rainey’s Black Bottom

فرانسيس مكدورماند – Nomadland

فرانسيس مكدورماند – Nomadland

كاري موليجان – Promising Young Woman

كاري موليجان – Promising Young Woman

فانيسا كيربي – Pieces of a Woman

فانيسا كيربي – Pieces of a Woman

لكن الجديد بعد الترشيحات، هو وضعية فيلم Promising Young Woman بعد حصوله إجمالًا على 5 ترشيحات كأفضل (فيلم – ممثلة/ كاري موليجان – إخراج – سيناريو أصلي – مونتاج).

Promising Young Woman | فيلم متطرف عن الاغتصاب.. لكنه ليس مجرد فيلم! | أمجد جمال

الآن، تبدو أسهم الفيلم مرتفعة، وأصبح من العسير أن يخرج ليلة الأوسكار خالي الوفاض. وهي وضعية تنطبق أيضًا على فيلمين منافسين في خانة أفضل ممثلة:

Nomadland

Ma Rainey’s Black Bottom

نومادلاند يملك فرصًا قوية للفوز بأوسكار أفضل فيلم وإخراج وسيناريو مقتبس. بينما يملك ما رينيز بلاك بوتوم فرص قوية للفوز بجوائز مثل أفضل (ماكياج – أزياء – ممثل/ شادويك بوسمان).

Ma Rainey’s Black Bottom | أسرار الهروب من سجن العنصرية لتذكرة أوسكار | حاتم منصور

لا يملك Promising Young Woman بالمقابل نفس الفرص القوية بعيدًا عن خانة أفضل ممثلة، وهو ما يمنح كاري موليجان أفضلية عن منافساتها، إذا أرادت الأوسكار تكريم الفيلم بجائزة ما.

الاحتمال الآخر هو أن يصبح Promising Young Woman تميمة الحظ هذا العام، لتحقيق أكبر مفاجأة يوم النتيجة، والفوز بأوسكار أفضل فيلم على حساب نومادلاند. تمامًا كما نجح فيلم Green Book في تحقيق مفاجأة مماثلة منذ عامين، على حساب فيلم Roma الذي تصدر التوقعات وقتها باعتباره الأقرب للفوز.

Nomadland | كيف تصنع فيلمًا مملًا بالمواصفات القياسية لليسار والجوائز؟ | حاتم منصور

هذه نتيجة لن أرفضها بالتأكيد إذا تحققت؛ باعتباري من أعضاء نادي (كارهي فيلم نومادلاند)!

أنتونى هوبكنز وأوليفيا كولمان – The Father

أنتونى هوبكنز وأوليفيا كولمان – The Father

4- فيلم الأب The Father يتجاوز التوقعات

قبل ظهور ترشيحات الأوسكار رجحت الغالبية فرصًا قوية للفيلم للترشح كأفضل (ممثل/ أنتوني هوبكنز – ممثلة مساعدة/ أوليفيا كولمان – سيناريو مقتبس).

أنصفت ترشيحات الأوسكار الفيلم بهذه الفروع بالفعل، وأضافت له 3 ترشيحات مهمة أخرى كأفضل (فيلم – مونتاج – تصميم إنتاج).

قصة المونتاج.. الفن الذي ميّز السينما عن بقية الوسائط | أمجد جمال

نجاح The Father في حصاد هذه الترشيحات، رغم أن صانعيه وموضوعه لا يغازلون أجندات الصوابية السياسية والتيارات النسوية، نقطة مضيئة وتدفع للتفاؤل بخصوص مستوى الفيلم.

حتى لحظة كتابة هذه السطور لم يتوفر للأسف للمشاهدة وإبداء الرأي، لكن بمجرد توفره سنناقشه بالتأكيد في ريفيو مستقل.

5- اكتشاف آثار لبقايا ضمير فني في ترشيح الأوسكار!

ترشح فيلم Ma Rainey’s Black Bottom الذي دارت أحداثه عن العنصرية لـ 5 جوائز أوسكار إجمالًا كأفضل (ممثل/ شادويك بوسمان – ممثلة/ فيولا ديفيز – تصميم إنتاج – أزياء – ماكياج).

بينما ترشح قرينه One Night in Miami لـ 3 جوائز أوسكار (ممثل مساعد/ ليزلي أودوم جونيور – سيناريو مقتبس – أغنية).

ذكرت في مراجعة الفيلمين أنهما نالا تلميعًا نقديًا وإعلاميًا مبالغًا فيه، بسبب قضيتهما (العنصرية) وبسبب مطابقة الطاقم الفني فيهما أيضًا، للأجندات العرقية والنسوية المطلوبة. وتوقعت فرص عالية لكليهما في الترشح للأوسكار كأفضل فيلم.

One Night in Miami | ليلة عن العنصرية مع 4 أيقونات – 4 عيوب – 4 أجندات | حاتم منصور

استبعاد الاثنين من الترشيح للأوسكار كأفضل فيلم، علامة جيدة على وجود بقايا ضمير فني لدى كثير من المصوتين، وأن ترشيحات الأوسكار لم تستسلم بعد بالكامل لمزايدات النسوية والصوابية السياسية!

لنأمل أن تشهد الأعوام المقبلة مزيدًا من الابتعاد والتجاهل لمزايدات هذه الأجندات، وأن تعود الأوسكار لنفس رونقها وهيبتها، في العقود السابقة.

رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك

موضوعات متعلقة

التعليقات (0)

يجب عليك .. تسجيل الدخول أو التسجيل لتتمكن من التعليق.

تعليقات الفيسبوك